في عز سوء الفهم المغربي الألماني، أصدرت شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا، مجلد بورتريهات، أطلقت عليه اسم: "مسارات مغربية ـ ألمانية: تقاطعات في الحياة والمجتمع".
وجاءت هذه التحفة الإبداعية ثمرة لمجهود استمر ست سنوات، بإشراف كل من الرئيسة الشرفية للشبكة، الدكتورة صورية موقيت، والأستاذ الجامعي رحيم حجي، والكاتب عبد اللطيف اليوسفي. وكانت فكرة هذا العمل قد انبثقت من رحم احتفالات الشبكة بذكرى مرور نصف قرن على جلب اليد العاملة المغربية إلى ألمانيا. وهو الحدث الذي شهدت برلين احتفاليته الرسمية تحت رعاية الملك محمد السادس في 2013. كانت إحدى فقراتها تنظيم معرض متنقل تضمن بورتريهات عن الهجرة المغربية في ألمانيا الذي لاقى نجاحا كبيرا. فدفعت فكرة المعرض المشرفين عليه إلى تحويله إلى كتاب يسرد قصص أجيال الهجرة المغربية على اختلاف مشاربها. إذ شكل الخوف من ضياع تجارب الجيل الأول بسبب التقدم في السن، حافزا قويا للبدء في هذا المشروع من أجل المساهمة في توثيق جزء من ذاكرة الهجرة المغربية إلى بلاد الجرمان.
يقترح هذا العمل 32 شخصا، رحل واحد منهم، ويتعلق الأمر بالطبيب جون ليفي الذي وافته المنية في نهاية 2019. وجون سليل أسرة المناضل شمعون ليفي، الذي لعب دورا أساسيا في توثيق الذاكرة المغربية اليهودية...
ويسعى المشروع لتقديم عمل يعكس تنوع الجالية المغربية في ألمانيا، ما يساعد على تكوين نظرة شاملة عن حيوية ذاكرة الهجرة المغربية لدى المتلقي والجمهور. فهو عمل يساهم في إغناء التنوع الثقافي وحقوق الأقليات في ألمانيا.
علاوة على ذلك، يسعى هذا المنجز لتقديم بورتريهات تمثل قدوة في مجتمع ما بعد الهجرة وتعزيز قدرات الشباب في المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.
خلال إنجاز هذا العمل، حرص المنظمون على تقديم مادة حكائية أصلية للمعنيين بالأمر. إذ لم يتم إجراء أي تغيير، سواء في اللغة أو الأسلوب أو الحكي. كل مساهمة هي مادة فردية وتقدم عملا فريدا من نوعه. وتعكس المساهمات تنوع مغاربة العالم. فهو يعرض بورتريهات مثيرة وسيرا ذاتية ومقابلات وقصائد ومحكيات ومسارات الحياة المغربية في ألمانيا على امتداد عقود تختزل غنى الهجرة المغربية ومساراتها وتعدد مشاربها وتنوع ثقافاتها.
"فتعزيز التماسك والتكامل في بلد متنوع كألمانيا، يأتي عبر البحث عما يجمع الناس من قواسم مشتركة بدل التركيز عما يفرقهم"، كما تقول أنيته فيدمان ماوتس؛ كاتبة الدولة الألمانية في الهجرة واللجوء والاندماج في تقديمها للمجلد. فهذا المؤلف تضيف فيدمان ماوتس "يجعل مسارات الحياة هذه مرئية ويثمن قيمتها ومساهمتها في تطور المجتمع الألماني، كما يظهر أن المهاجرون المغاربة وأبنائهم وأحفادهم، لا ينظر إليهم كمجموعة متجانسة بل ضمن سياق تنوع قصص الهجرة والمشاركة والتعدد اللغوي والثقافي والجغرافي". إنه عمل يسلط الضوء على مسارات مغاربة العالم في ألمانيا من خلال سبعة أبواب، ويأخذنا إلى كل مناحي الحياة التي يمثلونها سواء في الجندية أو الطب، أو الرياضة والفن والثقافة.
يشار إلى أن شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا، ومنذ تأسيسها في ألفين وتسعة، وهي تعمل على أن تكون جسرا بين ألمانيا والمغرب. وسعت إلى تقديم مساهمة في اقتصاد المعرفة، من خلال نقل التكنولوجيا وتشجيع الحوار بين المجتمع الألماني ونظيره المغربي. هذا بالإضافة إلى إقرار مشاريع لفائدة مغاربة ألمانيا.