الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي:  حتى لا تتحول دور الصفيح من  حق في الإسكان إلى ضغط وابتزاز

عتيقة الموساوي:  حتى لا تتحول دور الصفيح من  حق في الإسكان إلى ضغط وابتزاز عتيقة الموساوي
يكفل الدستور المغربي الحق في السكن باعتباره حقا إنسانيا معترفا به في القانون، ومصنفا ضمن الحقوق الأساسية والاجتماعية التي نص عليها الدستور في الفصل 31، مؤكدا على أنه يجب على الدولة أن تتيح السكن الملائم للمواطنين  بتيسير الاستفادة منه، وربط هذا الحق برفاهية الشخص والأسرة بما يحقق الأمن والأمان  والوجود الإنساني.
 وتفعيلا لهذا المبدأ، سخرت الدولة  قوانين التعمير والإسكان لأجل توفير سكن لائق لكافة المواطنين، وإخراج برامج السكن المدعم للفئات الهشة للنهوض بالمجال الحضري والقضاء على عشوائية دور الصفيح، وآلية عمل استراتجية عززت منظومة الاستفادة بما يتيح للفئات الفقيرة تملك سكن لائق في ظروف ملائمة.
 لكن مبدأ الاستفادة قد تطاله بعض السلبيات المؤثرة في ظل التباين الاجتماعي والمعلومات المدلى بها من قبل بعض الحالات من داخل الأحياء المستهدفة، تصل إلى حد التبرير المغلوط في مواجهة حق الاستحقاق وجب مراعاته من قبل لجن السلطات المحلية في مهامها لتحديد الأحقية من الاستفادة.
 
  الاستفادة بين الواقعي والمتغير
  يرتكز مفهوم الاستفادة مصطلحا على تعويض مربح يمنح على أساس  المنفعة، والاستفادة من برنامج السكن للفئات الهشة عن سكن صفيحي لا يخرج عن هذا النطاق، إذا ما نظرنا لهذه الفئات التي غالبا ما توصف بالفقر، واتخذت من السكن الصفيحي سكنها لعقود من الزمن دون أن تستطيع تغييره نظرا لظروفها المادية الصعبة، إضافة إلى أنه سكن لا يكلفها من الناحية المادية والاجتماعية الشيء الكثير.
 حين انتشرت دور الصفيح، جاءت في البداية كأسلوب دخيل في إنتاج السكن الحضري بالمدينة، تم بناؤه فوق أراضي مخزنية مملوكة للدولة أو أراضي الخواص التي شابها الإهمال وعدم المراقبة من طرف ملاكها الأصليين، أو استغلت كإجراء مؤقت من طرف السلطات نفسها. واعتبرت في نظر الكثيرين تعديا على أملاك الغير بما لا يعطيهم حق التملك فوقها، فبعد أن كانت سكنا للفقراء تطورت مع مرور الزمن لتضم فئات اجتماعية أخرى لم ترغب في تحمل نفقات السكن المنظم. . انضمت لهذه الأحياء وتوسعت دون تخطيط وخروج تام عن قوانين العمران بقش وقزدير. . كما نشأت فوقها سلوكيات غير مرغوب  فيها تشعر المحيط  بالتوتر الإجتماعي والإقتصادي.
ومع مرور الوقت لم يبق السكن الصفيحي العشوائي مرتبطا بالأساس بالفئات المحرومة، بل تعداه لتنضاف إليه فئات اجتماعية مختلفة سكنت بالاستئجار أو الشراء بعقود منافية للقانون،   فئات فضلت السكن الصفيحي لتحسين مواردها المالية مقابل الخدمات المجانية المقدمة لها، وتترقب كغيرها من الاستفادة من بقع أرضية أو شقق تفوق قيمتها السوقية بكثير مما يُطلب من المستفيدين. وضعٌ شكّل تعقيدا لأزمة السكن الصفيحي، وزاده هشاشةً ضعف المدبرين المتعاقبين لعقود، والاستغلال السياسي،   والمزايدات الانتخابوية المتكررة التي كانت تعتمد على أصوات الناخبين بوعود التغيير لهذه الأحياء، سرعان ما تتلاشى مع السنوات،  شكلت عرقلة مستمرة لإزالة هذه الأحياء خوفا من خسارة الأصوات بها كما جاء في التقارير المواكبة للمجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان.
 وبالرغم مما صاحب هذه التصرفات من إدانة. . إلا أن التعاطف مع الفئات الشبه المعدومة والفقيرة التي لا تملك القدرة على التغيير، يبقى أولوية في مواجهة الانتهازية الدخيلة المستغلة للوضع، مما يشكل حاجزا أمام البرامج السكنية، ويقوض جهود التدخل لتحمل الضغط المتباين في منظومة للاستفادة والدعم
   
 دمج أحياء الصفيح في النسيج الحضري، منهج تطوير وارتقاء 
إن تفعيل الاستفادة للقضاء على دور الصفيح بالنسبة للدولة طريقة مثلى في تدخلها المشروع للقضاء على السكن غير اللائق، ومنهج تطوير تم اختياره للارتقاء بمستوى عيش الأحياء الصفيحية من أجل تحسين جودة السكن ببنية عمرانية جديدة متوازنة اقتصاديا واجتماعيا. .
 لهذا، على الأجهزة المسؤولة إذا ما أرادت النجاح، أن ترفع من إجراءات المراقبة القصوى مع التشدد عند مباشرة عمليات الاستفادة بما يراعي مشكلة التباين للفئات المستهدفة، والتمييز لدرجات الأولوية للأسر، بما لا يترك أثرا للفجوة على نحو مقلق للتقييد المتساوي، لأجل قطع الطريق على أي ابتزاز غير مستحق، والارتقاء بمنظومة الاستفادة من السكن الاجتماعي بشكل حضاري يضمن العيش الكريم على نحو ما جاء به الدستور المغربي...
 
عتيقة الموساوي اطار وكاتبة  مختصة في شؤون السكن الاجتماعي