السبت 20 إبريل 2024
سياسة

الدويهي: اتفاقيات التعاون المغربي.. الإسباني يجب أن تتأسس على ثابت الندية

الدويهي: اتفاقيات التعاون المغربي.. الإسباني يجب أن تتأسس على ثابت الندية وزيرة الخارجية الإسبانية ماريا أرانتشا غونثاليث لايا وعائشة الدويهي
عاد التوتر ليخيم مرة أخرى على العلاقات بين مدريد والرباط، مع أزمة "تدفق المهاجرين" غير المسبوقة بين البلدين..
في هذا السياق قالت رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، عائشة ادويهي، أن العلاقة بين مدريد والرباط؛ التي تعرف أصلا خلافات عميقة حول عدد من الملفات الشائكة، اتجهت نحو المزيد من التعقيد والتصعيد، بداية ابريل 2021، بعد استقبال "إبراهيم غالي" الزعيم الانفصالي لجبهة البوليساريو، المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تحت مسمى "دواعي إنسانية بحثة" ببطاقة هوية جزائرية مزيفة، تحت اسم "محمد بن بطوش". 
وأضافت الحقوقية، عائشة ادويهي، أن هذا ما عجل باستدعاء الخارجية المغربية للسفير الإسباني "ريكاردو دييز رودريغيز"، في 24 أبريل 2021، معبرة له عن استياء المغرب من موقف بلاده، غير العادل، باعتبار أن قضية الوحدة الترابية موضوعاً وجودياً للمملكة، وأن تجاهل هذا الواقع هو عمل ضد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. 
وبخصوص أداء الديبلوماسية المغربية في هذا الملف، أكدت المتحدثة أنها كانت جد لبقة في التعاطي مع الأمر في البداية، لإعطاء الفرصة للجارة الاسبانية لتبرير وتدارك الأمر، من خلال بيان خارجيتها الأول الذي اكتفت فيه بالتعبير عن الإحباط من الموقف الإسباني باستقبال زعيم الانفصاليين، وأن هذا الأمر لم يحترم روح الشراكة وحسن الجوار. 
بالمقابل ضاعف المسؤولون الإسبان من التصريحات التي تحاول تبرير هذا الفعل، لكنها لم تجب على عديد التساؤلات المشروعة التي طرحها المغرب حول عدم الإبلاغ والتنسيق مع الخصوم..
واسترسلت المتحدثة بالقول: 
"دخول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا قصد العلاج، عرّض حكومة مدريد إلى سيل من الانتقادات بعد أن تناسلت عديد التظاهرات المطالبة بالمحاسبة، حيث احتجت فعاليات مدنية مغربية أمام مقر المحكمة الوطنية الإسبانية في مدريد، وقصر العدل ضد تجاهل السلطات الأمنية والقضائية الإسبانيتين لمعاناة ضحايا الجلاد إبراهيم غالي، والسماح له بدخول التراب الإسباني بوثائق مزورة؛ كما ندد المنتدى الكناري-الصحراوي، بالغموض والصمت الذي أبدته الحكومة الإسبانية منذ اندلاع فضيحة استقبال إبراهيم غالي بالديار الاسبانية.
وسط هذا الموقف الذي يفتقر للشفافية الذي تبديه الجارة الاسبانية واستمرارها في إيواء إبراهيم غالي على أراضيها، تخرج الخارجية المغربية وبخطاب شديد اللهجة هذه المرة، محذرة مدريد من العواقب على العلاقات بين البلدين، وأن قرار السلطات الإسبانية بعدم إبلاغها هو فعل مع "سبق الإصرار"، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا، متسائلة بشأن ما إذا كانت إسبانيا ترغب في التضحية بالعلاقات الثنائية بسبب حالة المدعو إبراهيم غالي. 
موقف الحكومة الاسبانية باستقبال زعيم الانفصاليين والدفاع عنه بحجة الدواعي الإنسانية، يضع سلطات مدريد أمام حقيقة استقبالها لشخص ماضيه مثقل بانتهاكات حقوق الانسان ومتابع قضائيا أمام قضائها بجرائم التعذيب والاغتصاب وجرائم حرب هذا ناهيك عن الدخول بهوية مزورة، في انتهاك واضح لمبدأ الإفلات من العقاب؛ وهي مطالبة اليوم أكثر بتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية حتى لا يفلت المدعو إبراهيم غالي من العقاب، ومحاسبته حول الاعمال اللاإنسانية في حق الضحايا والذين هم من جنسية اسبانية أيضا. كما أن عملية استقباله التي تمت بتنسيق بين الاستخبارات الجزائرية والسلطات الاسبانية؛ التي وضعتها في موقف حرج وساذج حسب تعبير الاعلام الاسباني؛ سترغمها على الاختيار بين الإصرار على موقفها وشراكتها الحيوية والمتعددة الأوجه مع الجار المغرب. 
زادت وتيرة التور حدة أكثر بين البلدين، على خلفية نزوح آلاف المهاجرين، بداية هذا الأسبوع، إلى سبتة المحتلة وعشرات المهاجرين من منطقة جنوب الصحراء عبر سياج مليلية المحتلة في إثارة ردود فعل أوروبية، وصلت حد المواجهة المباشرة مع المغرب بحديث المفوضية الأوروبية عن “عدم السماح لأحد بترهيبها"
فتدفق المهاجرين هذا يشكل رسالة قوية من الرباط وكرد لفعل جسيم اعتبره المغرب مخالف لروح الشراكة وحسن الجوار ويبدو أن المملكة بدأت فعلا "تستخلص منه كل التبعات". 
تواصلت التطورات المتسارعة بين المغرب وإسبانيا بسبب ملف المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى كل من سبتة ومليلية المحتلتين؛ إذ استدعى المغرب بشكل مستعجل سفيرته في مدريد، والتي كانت قد استدعتها في وقت سابق وزيرة الخارجية الإسبانية لإبلاغها أن "مراقبة الحدود كانت ويجب أن تظل مسؤولية مشتركة بين إسبانيا والمغرب". كما تصاعدت ردود الفعل بتنظيم مظاهرات أمام مقر سفارة المغرب بمدريد والتطاول على المملكة وعلمها".
على ضوء هاته التطورات تضيف رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، عائشة ادويهي، أن المغرب مطالب اليوم بعملية إعادة تقييم شامل للعلاقة الثنائية التي تربطه بإسبانيا لا سيما أن هاته الأخيرة لازالت تصر على حصر التعاون بينها مع المغرب في الجانب الأمني، وخصوصا في محاربة الهجرة غير النظامية وعدم التعاطي معه على أساس الشراكة الاستراتيجية الحقيقية التي تربط بينهما على مستوى الاقتصاد والأمن خصوصا في مواضيع جد حساسة كمحاربة الهجرة غير النظامية وشبكات الاتجار بالمخدرات والإجرام الدولي بالإضافة إلى محاربة المنظمات الإرهابية. واتفاقيات التعاون يجب أن تبنى على أساس الندية ومبدأ رابح-رابح والمعاملة بالمثل أيضا، كشريك بات يعتبر كقوة إقليمية بأجهزته الرائدة على المستوى الإقليمي والدولي وعبر شراكات متينة على الصعيد العسكري والأمني والاستخباراتي.
استمرار تدفق أعداد كبيرة من المرشحين للهجرة غير النظامية على مدينة سبتة المحتلة أثار أيضا ردود فعل أوروبية، وصلت حد المواجهة المباشرة مع المغرب ورفع المفوضية الأوروبية سقف التصريحات بالحديث عن "عدم السماح لأحد بترهيبها"؛ هذا الموقف الأوروبي كان جد متوقع، خصوصا أمام إجماع أوروبا حول موضوع الهجرة غير النظامية، وخصوصا في نقطة التماس مع المغرب الذي تعتبره من أخطر مواقع للهجرة وأقدمها.
من خلال هذا الواقع، فالمراجعة يجب أن تشمل أيضا الاتفاقيات التي تربط المغرب مع الاتحاد الأوروبي بما فيها اتفاقية الهجرة، وعدم السماح بفرض دور "دركي أوروبا" عليه. كما أن الاتحاد الأوروبي؛ وهو يدافع عن مصالحه باعتبار كل من سبتة ومليلية هي حدود أوروبية على لسان "مارغاريتيس شيناس"، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية؛ يجب أن يعي جيدا الوضع الخاص لهاتين المدينتين المتواجدتين بالتراب المغربي واللتان هما محط نزاع.
وسط هذا التوتر القائم، دعت الأمم المتحدة، كل من المغرب وإسبانيا إلى "التهدئة" والتوصل إلى اتفاق بينهما، تفاديا للمزيد من التصعيد على اعتبار أن المشكل القائم "مثال آخر على التحديات التي نواجهها جميعا في محاولة إدارة الهجرة العالمية بطريقة إنسانية تحترم الكرامة الإنسانية للناس". حسب تعبير "ستيفان دوجاريك"، المتحدث باسم الأمم المتحدة.
رغم أن التصريحات الاسبانية الأخيرة على لسان رئيس حكومتها "بيدرو سانشيز" اعتبرت أن "المغرب بلد شريك وصديق لإسبانيا، وهكذا يجب أن يستمر" لكننا نتساءل عن حقيقة هذا الزخم في العلاقات الذي تتحدث عنه اسبانيا والمتناقض تماما مع تصرفاتها، وكيف لها أن تطالب المغرب بمراعاة حسن الجوار وهي التي لم تكلف نفسها عناء الحفاظ عليه، باستقبالها لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، ذلك التنظيم الذي يحمل السلاح في وجه المملكة.