الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

ريان: أي جواب نريد على التبادل الآلي للمعلومات؟

ريان: أي جواب نريد على التبادل الآلي للمعلومات؟ جمال الدين ريان
منذ تسريب وثيقة المعاهدة التي وقعها المغرب مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فيما يتعلق بالتبادل الأوتوماتيكي للمعلومات المالية والضريبية بينه وبين الدول المنضوية بالمنظمة الأممية وأغلبها من دول الإتحاد الأوروبي الذي يقطن به أغلبية مغاربية العالم وغياب أي رد فعل رسمي.
قبل توقيع المعاهدة بباريس يوم 25 يونيه 2019 قام المغرب بدمج بنود المعاهدة في تشريعاته الداخلية من خلال إصدار مجموعة من القوانين والمراسيم التي وافق عليها البرلمان لتتوافق مع الالتزامات المتعاقد عليها من خلال المصادقة لتكون القوانين متوائمة مع التزاماته.
حيث أن قانون المالية لعام 2021 نص على إحداث آلية لتبادل البيانات مع الإدارات الجبائية الأجنبية حيث يعتبر جزءا من الإصلاح الضريبي المقرر برسم الفترة من 2020 إلى 2024 استجابة للمناظرة الوطنية للجبايات التي عقدت في الصخيرات خلال شهر ماي 2019.
تطرقت في بداية الأمر محطة إذاعية هولندية لمسألة التبادل الاوتوماتيكي الذي يدخل في إطار قانون أو مايسمى بقانون معيار الإبلاغ المشترك-CRS- فعلى سبيل المثال هولندا تقوم بالتبادل الأوتوماتيكي للمعلومات المالية والضريبية منذ شتنبر 2017 حول سنوات 2016 مع الدول الأخرى المشاركة.
كندا وأندنوسيا وتركيا يقومون بذلك منذ شتنبر 2018 والمغرب منتظر الانخراط في هذا التبادل الأوتوماتيكي شهر شتنبر 2021 وفي بداية الأمر حول السنوات ابتداء من 2020.
على سبيل المثال:
سمير يقيم بانتظام في إحدى دول خدمات الإبلاغ المشترك كالمغرب ويحتفظ من بين أمور أخرى بحساب في أحد البنوك بالمغرب-البنك الشعبي مثلا- هذا الأخير سيحدد الإقامة الضريبية لسمير بموجب القانون المغربي.
إذا توصل البنك الشعبي إلى استنتاج مفاده أن سمير هو مقيم ضريبي في بلد آخر تابع لخدمات الإبلاغ المشترك فسيقوم البنك الشعبي بنقل باختصار بنقل البيانات المالية المعينة إلى الحكومة المغربية عبر بيان محدد يتضمن المعطيات الشخصية والمالية التي توجد في حساب الزبون سمير. حيث يتم تجميعها وهناك الإلزام على البنك للاحتفاظ بها.
يمكن للحكومة المغربية بعد ذلك تمرير هذه البيانات المالية إلى السلطات الضريبية في بلد الإبلاغ المشترك وفي هذا المثال هولندا وستتمكن سلطات الضرائب الهولندية على ضوء المعلومات المحصل عليها من المغرب لمراقبة هل سمير قد صرح بذلك أم لا وعلى ضوء التصريح ستقوم باحتساب الضريبة على الدخل وفي حالة لم يصرح بها فسيتعرض لعقوبات مالية بعد المراجعة الضريبية حسب القانون الهولندي.
لكن الذي حدث من طرف المسؤولين المغاربة هو قيام إدارة الضرائب بنشر بلاغ غير مفهوم واعتراف ضمني بتوقيع المعاهدة وأن ليس هناك تبادل هذه السنة ولم يشيروا لسبب التأخير.
الحكومة المغربية تلتزم الصمت بشكل مثير للاستغراب وبعبارة أخرى حتى وإن افترضنا ببساطة أن المعاهدة لن تمس مغاربة العالم فلا تزال هذه الحقيقة غامضة وتستحق توضيح شامل.
إن الأمر الخطير جعل مغاربة العالم في مواجهة مجموعة من المواقع والقنوات التي ترمي إلى الربح من وراء نشر مغالطات في غياب تصريح رسمي من الحكومة المغربية.
ازداد القلق حيث أغلقت الحدود في وجههم من أجل الذهاب إلى المغرب وسحب أموالهم من حساباتهم البنكية تفاديا لأية مشاكل مستقبلية مع إدارة الضرائب في بلدان الإقامة المنضوية إلى هذه المعاهدة وتعامل الحكومة المغربية معهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية ومهمتهم جلب العملة الصعبة وليسوا أهلا بتخصيص حملة إعلامية موجهة لهم لشرح تداعيات هذه المعاهدة على مدخراتهم البنكية وطمأنتهم عليها.
كان على الحكومة المغربية أن تحافظ على مواطنيها بالخارج الذين بتحويلاتهم يتربعون على الرتبة الثانية من الناحية الاقتصادية وماهي القيمة المضافة للانضمام إلى معاهدة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؟
ما قامت به الحكومة المغربية خرق للفصل 24 من الدستور الذي ينص على أي إطلاع على المعطيات الشخصية يجب أن يسمح به إلا إذا كان هناك أمر قضائي.
لكن وقعت عدة خروقات من طرف بعض مكاتب البحث الأجنبية حيث تمكنت من الحصول على المعطيات الشخصية لبعض مغاربة العالم من طرف المحافظة العقارية.
حاليا مع الصمت المطلق للحكومة المغربية فيما يتعلق بمعاهدة التبادل الأوتوماتيكي للمعلومات المالية والضريبية رغم القلق الذي تعرفه أوساط مغاربة العالم في بلدان إقامتهم فالفصل 27 من الدستور أعطى الحق للمواطن في الحصول على المعلومات التي في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
المادة 10 من اتفاقية الأم المتحدة لمكافحة الفساد التي ألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات واتخاذ التدابير الكفيلة لممارستهم لهذا الحق تعزيزا للشفافية وترسيخا لثقافة الحكامة الجيدة.
إن الحكومة المغربية باختيارها سياسة الصمت واللامبالاة فهي تضرب في العمق توصيات المناظرة الوطنية التي انعقدت يوم 13 يونيه 2013 حول الحق في الحصول على المعلومة:رافعة للديمقراطية التشاركية.
بصمت الحكومة المغربية تتناقض كذلك مع انضمامها الرسمي يوم 24 أبريل 2014 إلى مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة.