الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

لطفي عبد الحفيظ البقالي: القيم وحماية حقوق المستهلك

لطفي عبد الحفيظ البقالي: القيم وحماية حقوق المستهلك لطفي عبد الحفيظ البقالي
تأخد الخدمات والسلع والبضائع قدرا مهما من حياة البشر وهي تدخل ضمنإطار تلبية الحاجات الضرورية التي يعتمدعليها الإنسانفي استهلاكه اليومي والتي تختلف عن نمط الاستهلاك الرمزي الذي انتقده بودريار عبر الماركسية أو من خلال تياراتومدارس اقتصادية ذات توجه رأسمالي أو سياسي. [1]فالموضوع الاستهلاكي يأخذ علاقة حيوية ونشطة بين (الموضوع/ السلعة) وبين (الإنسان) الذي يحتاج الى الموضوع في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بين (المستهلك -الانسان) وعلاقته (بالموضوع الاستهلاكيL’Objetconsommable)فما دور القيم في حماية المستهلك؟هل نستطيع ضمان حقوق المستهلك وضمان حق الانتفاع بالقيم المادية والخدماتية؟
تشير المقاربة الفلسفية الى جانب اخلاقي لموضوع القيم وعلاقته بمجال الاستهلاك كمفهوم (ثقافي رمزي) واقتصادي. فاليوم لا يكتفي الاستهلاك بسد الحاجات الضرورية فقط بل يشمل قاعدة واسعة تعبر عن علاقات الأسواقومعيار المستوى الاستهلاكي فيها، ذلك من خلال توجيه النمط الاستهلاكي بين عموم الناس باعتبارهم مستهلكين ( وهنا يكمن الجانب الثقافي والرمزي للقيم من حيث قيمة الخدمات التي تقدمها السلع والبضائع المتاحة داخل مجمل العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية) وهذا المعيار يرتبط أحيانا بين مستوى توليد الاستهلاك، وبين ضرورة حماية حقوق المستهلك والمتعلقة بتطور رغباته التي تختلف حسب تقلبات الأسواق ووضع القيم الرمزية والمادية فيها، و التي تتألف أيضا من البضائع لتكوًن نسقا مهما من الحاجات الضرورية التي تعكس وجها ثقافيا تمثله قيمة الأشياء في مجال الاستهلاك كأحد مراحل التطور الحضاري والثقافي للمجتمعات المعاصرة على حد سواء.
يعتبر مجال حماية المستهلكفي فلسفة القيم ضرورة اخلاقية واقتصادية، تعد من بين اهتمامات قضايا الفلسفة المعاصرة، والتي اهتم بها بودريار وبارت وغيرهم، فهي ترتبط بالقيم الإنسانية والثقافية السائدة في المجتمعات البعد صناعية والتي بات الاستهلاك فيها ثقافة فوق-واقعية او شبه متطورة ترسم للإنسان افقا جديدا من العلاقات والقيم، محل القيم المتوارثة.فالسلع توفر الحاجات اللازمة التي يحتاجها الانسان، أوتلك التي تعتبر من الضروريات الأساسية في حياة البشر، وذلك حسب المعايير اللازمة والمتطلبة وبالرغم من التنوع والتعدد في مجال الإنتاج وتوفير السلع والبضائع تظل حقوق المستهلك امرا ضرورياوشرطا أساسيا يخول للمستهلك والمستفيد حق الانتفاع بجودة السلع والخدمات المعروضة.
تخلق البضائع والسلع جو مرنا بين متطلبات الافراد سواء الضرورية او الرمزية التي تتفاعل عبر نظام الاذواق وحجم الاستهلاك لمنتوج معين، بيد ان هذا الامر يطرح اشكالا جوهريا يتمحور حول مدى إمكانيةضمان وحماية حقوق المستهلك، وهي علاقة ملزمة بين البائع و المشتري (أي بين مجال العرض والطلب)ليس فقط في الاطار التبادلي، بل أيضا مرتبطة بمعيار اخلاقي، فإذا كانت قاعدة الانتاج الاقتصادي تميل نحو تصريف المنتوج بشتى الطرق، وبالتالي الى تطوير مجال الاستهلاك لضمان الاستقرار الاقتصادي في الأسواق، فإنه يجب مراعاة توازيا مع ذلك مبادئ احترام قيم حقوق المستهلكطبقا للمعيار الأخلاقي الذي يرمي الى الزام معنوي يضمن علاقة الانتفاع بالموضوع الاستهلاكي من زاوية حقوقية وخرى أخلاقية تراعي قيم المسؤولية و(قيم انتقال حق القيمة). وبالتالي يتطلب هذا المعيار النظرالى الاستهلاك، على انه يجمع بين الإطار الرمزي والأخلاقي، لأن الجانب الأخلاقي له تأثير نفسي يرضي المستهلك ويولد بذلك ثقة اقتصادية أو اطارا معقولا نحو الاستهلاك. تحديدا من خلال مراعاةمعايير وخصوصياتنمط الاستهلاك في تلبية الحاجات الضرورية[2]، ثم تعزيز العلاقة بين الموضوع والانسان، خصوصا وان العصر الحالي بات يشهد تطورا خدماتيا كثيفا ومتنوعا جعل من المستهلك (الانسان)، فقط طرفا مستجيب امام زخم الموضوعات الاستهلاكية.
ضمان حقوق المستهلك:
تتميز بعض الحقوق بطابع هام لما لها من دور في حماية الانسان (المستهلك) ضد بعض الخروقات التي من شأنها ان تؤثر على الافراد داخل المجتمع، اوان تؤثر سلبا على حقوقهم الشخصية إزاء استهلاك موضوع معين او إزاء خدمة ما. تتمثل قاعدةضمان حقوق المستهلك في مراعاة القيم الأخلاقية والمادية داخل بينعلاقات الاستهلاك (من خدمات وسلع وبضائع). صحيح ان الافراد لهم حريتهم الشخصية في نمط وحجم الاستهلاك، لكن طابعهم الاجتماعي والثقافي يختلف وبالتالي نمطهم الاستهلاكي يختلف باختلاف أيضا طبيعة السلع والبضائع. ولعل هذه من بين الأسس التي يفرضها الواقع الاقتصادي على الواقع الاجتماعي المادي، فهنا تتجسد العلاقة الجدلية بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي، فالإنسان يظل دوما محرك الاقتصاد سواء عن طريق العمل او عن طريق وضعه الثقافي الذي يعكس أسلوبه في الحياة وطريقة تعامله مع الأشياء المادية المحيطة به. عن طريق روح التفاعل التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي يكونه الافراد داخل المجتمع. فعلى أي رهان تتأسس حقوق الافراد في مجال الاستهلاك؟ وما هي معايير الضمان الممكنة فيها؟
تقوم عملية الاستهلاك على بعض الشروط الاقتصادية التي تسهم في انتقال قيم الأشياء والموضوعاتالخدماتية والضرورية للأفراد وتداولهابقيمة مادية مكافئة لها. وهنا تتحقق القيم الربحية والتجارية في المجتمعات التي يصير فيها نمط الاستهلاك ذو قيمة رمزية تعبر عن رفاهية المجتمعات الرأسمالية والصناعية. وبالتالييطرح مشكل ضمان القيم الاقتصادية داخل المجتمعات الاستهلاكية مدعى واقعي واخر اخلاقي عبرتثبيث الاستهلاك في اطاره القيمي الذي يوازي القيم الثقافية في المجتمع، ثم من جهة ثانية دعم قيم التبادل بينمفهوم الثقة وكسب رأسمال، بحيث يظل مبني على اطارحرية الافراد الشخصية في شراء البضائع ومدى الحاجات الضرورية و الرمزية التي يرغبون في اقتنائها. فهذين الشرطين عاملان ضروريان لإنجاح الاقتصاد وإنجاح تطور المجتمع معا.
يفرض الاستهلاك قيما اقتصادية مواكبة لحركة التجارة والرأسمال في الاسواق، فعملية التسويق وتزويد البضائع في الاسواق تحافظا حياناعلى تحقيق الاستقرار في النمو الاقتصاديبضمان مجال تداول السلع والخدمات، غير ان هذا النمو يجب ان يخضع لمعايير تتوافق مع مبدأ احترام حقوق الانسان باعتبارها مبدأ اوليا يرعى مصلحة (الانسان)باعتباره مستهلك ومحرك للاقتصاد. فمشروع الاستهلاك لا يتم الا عبر مفهوم ''الانسان'' كفرد وكفاعل أساسي في مرحلة تكوين القيمة الرأسمالية في المجال الاقتصادي. وباعتبارهأيضا ضامنا لهذه الحقوق (حقالاستهلاك) او *الانتفاع بالشيء المادي والخدماتي، لأنه شرط تحقق السلع والبضائع في الأسواق. وعلى اساسه يتحقق أيضا النفع الماديويضمن له الحق في التصرف في الأشياء والمنقولات المادية، سواء بتغطية تلك الحاجاتاو تعويض النقص الحاصل فيها. لان المجال الاستهلاكي لا يقتصر على السلع والبضائع فالخدمات يمكنها أيضا تسد جانبا مهما من حياة الانسان خصوصا ادا كانت مادية.
ومن بين الاعتبارات الداعمة لحقوق الانسان، نجذ الاعلام العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948عن الأمم المتحدة والذي يقول:
يحق لكل انسان الانتفاع بالحقوق المادية من المأكل والملبس والمسكن يسري هذا البند أيضا على بعض الخدمات والسلع والبضائع التي توفرها
والاستهلاك بالسلع والبضائع (الميثاق العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948) [3]والذي جاء في البند 25 منه ما يلي:
لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولآسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وفي الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق فيما يأمن به الغوائل في حالات البطالة او المرض او العجز او الترمل او الشيخوخة او غيرها من الظروف الخارجة عن ارادته والدي تفقده اسباب عيشه.
للأمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين، ولجميع الاطفال حق التمتع بدأت الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في إطار علاقات الزواج او خارجها.
يشير البند المتعلق بضمان حقوق الإنسان الى الحق في الانتفاع الصريح بالأشياء والخدمات المادية من قبل الانسان باعتباره كائن له الحق في الانتفاع والتزودبالمواد والحاجات الضرورية التي توفر له ولأسرته ما تتطلبه الحياة من ضروريات اساسية، فإن هذه الغاية تتطلب قاعدة مرنة وسلسة تنتظم بها علاقات الافراد، وينتظم بها مبدأ الاستهلاك لدى الانسان (المستهلك) بحيث لا يعتبر دور المستهلك فقط محركا للاقتصاد، بل ايضا له حقوق وواجبات ازاء حق الانتفاع بالسلع والخدمات والاشياء المادية التي يحتاجها. فالمستهلك اينما وجد له ضمانات وحقوق امام نوعية تلك البضائع والخدمات باعتبار هذه العملية تعتمد على قواعد وقيم ثابتة مشتركة بين عموم الناس. ويعتبر الميثاق العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 بمثابة القاعدة القانونية والاخلاقية والاجتماعية التي تسهر على سير الحقوق الفردية. واسنادا لما عبر عنه بودريار في (نظام الاشياء) و (مجتمع الاستهلاك)، فإن مجمل علاقات الانسان باتت مرتبطة بالحاجات التي يريد الانسان الانتفاع بها سواء عن طريق: (استغلال، استعمال، تبادل، استعمال وظيفي) لطبيعة القيمة المادية من السلع والبضائع والخدمات، لان الإطار المادي لمجال القيمة يشمل أيضا اطارا رمزيا وتبادلي يتغير وفق نمط وحجم الاستهلاك وأيضا وفق خصوصيات البنيات الاجتماعية والاقتصادية.
في المادة 25 من الميثاق العالمي لحقوق الانسان وبالضبط ضمن البند الاول منها، يشير الى انه لكل شخص لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، أي ضمان حق الانتفاع في اشياء و الحاجات الضرورية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية، بحيث يشمل قسط من هذه الاشياء الموضوعات الاستهلاكية المتمثلة في السلع والبضائع (المأكل والملبس) وهي تكافئ المنطق الوظيفي للقيم الاستعمالية عند بودريار ادا ارنا ان نقارنها وظيفيا واستعماليا، بيد ان علاقة المنتوج (سلع/بضائع) هي كذلك استعمالية و تضمن حق الانتفاع بها و يمكن تقسيمها على الشكل الاتي:
قيم الانتفاع بالبضائع والسلع:
حسب البند الذي بين ايدينا يوضح كل ما يتعلق بضمان القيم المرتبطة بالسلع والبضائع وبعض المنقولات، كما يحيل الى ضمان حق الانتفاع بهاوفق المقتضيات القانونية والضمانات الملزمة بإحقاق القيمة في السلع والبضائع.
قيم الانتفاع بالخدمات:
تشمل الخدمات التي تقدر بحجم الخدمة المنجزة والمرتبطة بمدة زمنية محددة، وقد تشمل الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، وبعض الخدمات الاخرى التي يعد الانتفاع منها دو غاية مشروعة.
قيم التعويض عن الضرر:
وهي القيم التي من شأنها التعويض عن الضرر المادي والمعنوي للخدمات والأشياء والموضوعات التي يراد منها الانتفاع الشخصي او الاجتماعي للأسر والافراد. وترتبط قيم التعويض عن الضرر المادي في حالتين اثنتين الأول، يتعلق بالتعويض المادي عن حوادث الشغل والامراض والوفيات.
والحالة الثانية تتعلق بضمان حق السلعة او البضائع او ما يتعلق بضمان جودة الموضوع وللأشياء المادية.
تنزع حقوق المستهلك الى الإطار القانوني في مجال الانتفاع والاستعمال للخدمات والأشياء المادية، حيث تنقسم الى خدمات ومنقولات وسلع يتم التعويض عنها في حالة التلف او النقص او نظرا لإخلال ما يرتبط بسوء الخدمة المطلوبة وعدم إرضاء طالبها.فما هي الضمانات والحقوق اللازمة للانتفاع بالسلع والبضائع والخدمات وكيف يضمن المستهلك حقه فيها؟
الحقوق والضمانات:
تعتبر الضمانات garanties مرجع أساسي في ضمان حق الانتفاع باعتبارها شرط أولي داخل العلاقات التجارية والاستعمالية،وهي من الشروط التي تتعلق بالمنتوج كشيء قابل للانتفاع به و استعماله، بين الأطراف الاقتصاديين أي بين البائعين والزبناء فهي سند معنوي يرفع مكانة البضائع في الاسواقو يضمن للأسواق انتعاشا اقتصاديا كما يضمن حق الأطراف في انتقال الملكية، ثم من جهة أخرى ضمان حق المستهلك في استغلال المنتوج وخلوه من العيوب المادية والنوعية، فالضمانة تتحول الى قيمة تبادلية عن طريق العرض و الطلب، ثم أيضا عن طريق القيمةالنفعية التي توفرها للمستهلك. وكونها ايضاقيمة مقابلة لقيمة السعر المحددللسلع والبضائع (كمواد التجهيز او المعدات المنزلية).
تشترط أيضا في البضائع والخدمات موازاةمع قيمتها المادية بعض الشروط القانونية والأخلاقية الاقتصادية للانتقال وتبديل تلك السلع والخدمات من مواد وبضائع الى ثمن وعوض مادي(قيمة مادية) يشجع هذه العملية هي [4]الضمانة وتعرف: باعتبارها وثيقة يتضمن بها الرجل صاحبه، او يضمن بها البائع خلو المبيع من العيوب وصلاحيةاستعماله.
للضمانة ايضا مدة زمنية يتم من خلالها الاتفاق بين الأطراف في الشروط المبرمة في وثيقة البيع، او كذلك حتى في حالة التعهد الشفوي لإتمام عملية انتقال وتبديل البضاعة بسعر البيع، ويمكن تعريفه ايضا كحساب خصوم يقر المبلغ الذيينبغي على الشركة إنفاقه لإصلاح أو استبدال منتوج خلال فترة الضمان. وهو مبلغ الالتزام يسجل في وقت البيع.(يعتبر بمثابة الوقت عندما يتم تقرير المصروفات). حيث يتقلص حجم الالتزام كلما زاد الإنفاق على إصلاح أو استبدال المنتج. ومن هنا يمكن التميز بين مفهومين اساسين حول استغلال الضمانة بين الأطراف بحيث هذه العملية تتطلب من الشخص المستفيد دفع ضمان قصد الانتفاع وتبديل الشيء بتعويض مالي، وبالتالي تحقيق الضمانة المادية والمعنوية بينهما من البيع الى الانتفاع.
*ضمان مستحق الدفع " Warranty Payable ":
يعتبر ضمان مستحق الدفع مثل تأمين على السلعة، ويعتبر الطرف الثاني عن نيته وعزمه تقديم مبلغ مادي كمستحق يضمن به السلعة حسب الشروط الموثقة بينهما او حسب تعهدهما معا.
*التزام الضمان "Warranty Liability":
يقصد بالتزامالضمانان يقوم البائع من توفير جودة السلعة المطلوبة في السوق من دون أي عيب او شيء قد يحط من قيمتها المادية القابلة للتقدير والاستعمال، ويفيد أيضا التزام البائع التزام بضمان مدة استعمال السلعة والتكفل بجودة السلعة والخدمات.
الامان والمسؤوليةSafetyResponsability:
تعتبر السلامة والمسؤولية من الضروريات الأساسية في مختلف العمليات التجارية والتسويقية داخل محيط المجتمعات الاستهلاكية أي المجتمعات التي تسعى دوما لتنمية اقتصادها عبر طرق الصناعة والابتكار وتطور وسائل الانتاج والتسويق، ولعل من بين الأسس الضرورية لضمان اقتصادي سليم السلامة والمسؤولية)Safety andResposability) وهي من بين المفاهيم الاقتصادية التي يجب على الأطراف الاقتصاديين والمنتجينوالباعة احترام معاييرها والسهر على الالتزام بها. فالسلامة ترمي الى ضمان سلامة الخدمة والسلعة والبضاعة من العيوب التي سبق ان حددناها في(ضمان حقوق المستهلك) وضمان تعويضه المادي والمعنوي. يشترط في الممثلين الاقتصاديين والفرقاء التجاريين الالتزام بالمسؤولية الأخلاقية واحترام مبادئ حقوق الإنسان واحترام الحرية الشخصية في مسألة الذوق والاختيار الفردي، أي تطبيق قاعدة أخلاقية تواكب هاته المعايير في ضمان الانتفاع والأمان من خلال جودة الخدمات او السلع والبضائع. بحيث لا يمكننا ان نستعمل سلعة او بضاعة فاسدة لسد الحاجة. لكن تستدعي الضرورة الانتفاع بالسلعة وبالبضاعة والخدمة في جودتها الخالصة وفي ظروفها الممكنة والقابلة للاستعمال والخالية من العيوب وهي من الشروط الضروريةتفرضها المنظمة العالمية للاقتصاد والتجارة[5].
يتميز شرط الجودة في البضائع والخدمات بضرورة الالتزام بروح المسؤولية المهنية و الاقتصادية بين الفرقاء التجاريين وارباب التجارة، فمن اجل ضمان اقتصاد متوازن يجب احترام حقوق المستهلك لان ذلك لا يتمحور فقط في الاستهلاك او الصناعة بل ايضا من خلال توازن الاقتصادي أي عبر توازن العرض و الطلب، وهما يتأثران خطيابالعوامل الاخرى في السوق حيث يخضع الطلب بجودة وتكلفة المنتج، وكذلك بجودة وعدد من البدائل المتوفرة و الاعلان واسعار المنتجات التي قد ترتبط به، فيما يتأثر العرض بالكثير من العوامل مثل قدرة الانتاج و تكاليفه والعمالة وكذك والى قوة انتاج المنافسين، لان نظريات اقتصاد السوق تنظر الى قوانين العرض والطلب، و يمكن ان يؤدي زيادة الطلب على العرض الى عجز اقتصادي( Un Déficitéconomique)، او ان يحدث العكس، ادا ارتفع مستوى العرض عن الطلب فيحدث لنا ما يمكن تفسيره بالتضخم، أي قلة الطلب عن العرض الاقتصادي ويرجع الامر الى تدني المستوى النقدي في شراء المنتوجات الاقتصادية والاقبال على الخدمات و كما يرجع الامر ايضا الى عوامل أخرى كالبطالة وارتفاع الاسعار التي لا تواكب قدرات المستهلكين للشراء.
والنتيجة المحتملة ظهور ما يسمى بالكساد الاقتصادي وتحدث ازمة على صعيد الدولة لكن ادا ما تم احترام هذه المعايير والمبادئ فان الاقتصاد سيحقق نموا وبالتالي ارباح حقيقية يمكن الاستفادة منها في اعادة التوزيع العادل والمعقول في التنمية الاقتصادية والرفع من معدل التنمية المحلي والانخراط في فرص المنافسة الدولية.
السلامة في المنتجات الاستهلاكية
يبنى هذا المعيارعلى قوانين تحسين لسلامة المنتجات الاستهلاكية وفق قاعدة اتفاق دولية بين الدول المنخرطة في برنامج الامم المتحدة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لرعاية حقوق المستهلك وحمايتها، وهي عبارة عن قوانين منظمة ومعالجة للقضايا المتعلقة برعاية حقوق المستهلك والساهرة على ضمان حقوق المستهلك الدولية والوطنية.
في إطار التعاون الدولي مع التنسيق لبرنامج الأمم المتحدة للمراقبة الدولية ورعاية وحماية المستهلك (UNGCP)، مواجهة التحديات التي تواجه التعاون بين الوكالات. ويشير القرار 70/186 المذكور، أنه "يمكن معالجة بعض قضايا حماية المستهلك، مثل القانون والولاية القضائية المعمول بهما، بشكل أكثر فعالية من خلال التشاور والتعاون الدوليين. لا يظهر مصطلح" القانون الواجب التطبيق والاختصاص "في مجموعة المبادئ التوجيهية الفعلية، على الرغم من أن المبدأ التوجيهي 39 يدعو إلى تعزيز الوصول إلى آليات العدالة والجبر التعويضي، وخاصة في النزاعات العابرة للحدود (Cross-Border Dispute). تطالب المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن الفقرة 54 (ط) من التجارة الإلكترونية، التي يشير إليها برنامج الأمم المتحدة للمراقبة الدولية للأمم المتحدة لرعاية وحماية المستهلك (UNGCP)، من الحكومات "النظر في دور القانون والولاية القضائية السارية في تعزيز ثقة المستهلك في التجارة الإلكترونية".
يشير القانون التوجيهي 90 من مرسوم القوانين التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لحماية المستهلكين من الممارسات التجارية الاحتيالية والمضللة (Fraudulent)[6]، العابرة للحدود إلى احتمال وجود نزاع قضائي: "ينبغي للبلدان الأعضاء تحسين قدرتهم على التعاون في مكافحة الممارسات التجارية الاحتيالية والخداعية عبر الحدود التي تعترف بهذا التعاون وان تبقى تحقيقات أو حالات معينة ضمن تقدير وكالة إنقاذ حماية المستهلك التي يُطلب منها التعاون.
قد ترفض هذه الوكالة التعاون في تحقيقات أو إجراءات معينة أو تحد من هذا التعاون أو تقيده، على أساس أن تمتثل لطلب التعاون لا يتفق مع قوانينها أو مصالحها أو أولوياتها أو قيود الموارد، أو بناءً على عدم وجود ذات مصلحة متبادلة في التحقيق أو الإجراءات المعنية.
قد يكون رد الفعل الأول هو السؤال عما إذا كانت مصلحة مستهلكين الأجانب قد أخذت في اعتبارها على نحو كاف من قبل السلطات الوطنية خصم هذه الالتزامات. على الرغم من أنها قد تكون ذات مضمون مفيد، غير ان الأشكال يكمن في خطورة بعض الممارسات الاحتيالية والخداعية المحلية التي قد تتجاوز بكثير تلك الموجودة على المستوى الدولي مما يجبر هيئات حماية المستهلك على إصدار أحكام مستمرة بشأن الأولوية في حالة عدم وجود قرار دولي، لذلك ليس من المستغرب أن تكون الأحكام أكثر صعوبة عندما تكون هناك حالات عابرة للحدود.
لكن فيما يتعلق بالقانون الدولي الخاص، أدخلت العديد من الدول الأعضاء - وليس كلها - قواعد خاصة لتعارض القانون لحماية المستهلكين (الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والأرجنتين والصين واليابان وروسيا الاتحادية على سبيل المثال). لقد أدخلت العديد من الدول، قوانين دولية،وقواعد بشأن الاختصاص القضائي الخاص في القضايا التي تشمل وتخص المستهلكين، وغالبًا ما يستخدم المجلس القضائي المحلي لبلد اقامة المستهلك.
يحتوي برنامج الأمم المتحدة للرعاية وحماية حقوق المستهلك على إشارات مباشرة قليلة نسبياً إلى سياسة المنافسة، بالرغم الأمم من وضع المتحدة قواعد منصفة ومتفق عليها اتفاقاً متعدد الأطراف لمكافحة الممارسات التجارية الغير المسموحة (لقرارات هيئة الأمم المتحدة) يشار إليها مرتين في نص القرار ومرة أخرى في القانون التوجيهي 22.[7] هذا يتضمن بوضوح الالتزام بـصياغة وتنفيذ المنافسة إلى جانب حماية المستهلك.
يستخدم القانون التوجيهي 22 شكلًا قويًا من الكلمات وفقًا لمعايير برنامج الأمم المتحدة لرعاية وحماية حقوق المستهلك في دعوة الدول الأعضاء إلى: "تطوير، أو تعزيز، أو الإبقاء، حسب الحالة، على تدابير التي تتعلق بمراقبة الممارسات التجارية الغير المسموحة وغيرها من الممارسات التي قد تضر بصحة المستهلكين، بما في ذلك التدابير التي تتخذها هيئة الأمم المتحدة.
يمكن للمنافسة أن تعود بفوائد على كفاءة السوق، مثل تشجيع الشركات على تحسين الإنتاجية وخفض الأسعار والابتكار، بينما تكون مجزيةفي حالة ارتفاع الأسعار او الاحتكار التجاري.
 
لطفي عبد الحفيظ البقالي، باحث بسلك الدكتوراه، قسم الفلسفة، كلية ظهر المهراز فاس.
 
هوامش:
[1]انجلز فريدريك، موجز الرأسمال، سلسلة دفاتر ماركسية1، ترجمة: فالح عبد الجبار، دار الفارابي بيروت لبنان، الطبعة الاولى 2013، ص44.
[2]Baudrillard Jean, ’Pour une critique de l’économie Politique du signe, le mythe des besoins primaires.Gallimard 1972.84
[3] الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948. البند الخامس و العشرون منه.
[4]معجم المعاني تعريف الضمانة https://www.almaany.com/ar/dict/ar-
[5] United Nation Conference on Trade And Development ANCTAD Manual on consumer Protection Edition 2016, Advance Copy Page 72.
[6]OECD, Guidelines for Protecting Consumers from Fraudulent and Deceptive Commercial Practices Across Borders, Recommendation of the Council, 2003.
[7]United Nation Conference on Trade And Development ANCTAD Manual on consumer Protection Edition 2016, Advance Copy Page 73.