الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

علي الصافي.. "دموع الشيخات" وأشياء أخرى

علي الصافي.. "دموع الشيخات" وأشياء أخرى ملصق الفيلم والسينمائي على الصافي (يمينا) والسينمائي والناقد عبد الإله الجوهري

ذكرتني استضافة الزميل بلال مرميد للمخرج علي الصافي في FBM ليلة الجمعة، على ميدي 1 تي في، بلقاءات وحوارات سابقة مع الصافي في البيضاء وطنجة، كم كنت سعيدا بفوز فيلمه قبل زحف الظلام بالجائزة الكبرى لمسابقة الفيلم الوثائقي في الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بعد عرض الفيلم التقتيه في حوار سريع ومقتضب وبعد التتويج كان عناقا حارا، وأتذكر أن هذا الفوز كان مضاعفا بتفوق الوداد على النجم الساحلي التونسي  في عصبة الأبطال الإفريقية.

 

قبل سنوات التقيت الصافي في البيضاء ومنحني أفلامه لأشاهدها ولأتعرف أكثر على أعماله وأسلوبه في إبداع الشريط الوثائقي، وكان أول ما شاهدته "دموع الشيخات" وقد كان فيلما جميلا لأنه نجح في أن يجمل الشيخات رغم أثر السنون، في حكي حميمي نابع من القلب مع الشيخة عايدة وحفيظة الحسناوية وعائشة بوحميد وولاد بنكعيدة.. وهنا يحضرني ما سمعته من الشيخة عايدة سنوات بعد إنجاز وعرض دموع الشيخات، كنت في مهمة لتغطية فعاليات الدورة الأولى والوحيدة من مهرجان أمواج الذي كان يشرف عليه المخرج نورالدين لخماري، وكان بالمناسبة سوف يكرم الشيخة عايدة، وقبل ساعات من التكريم زرتها في بيتها ودكانها وحكت لي بعضا من مجد العيطة أيام زمان مع الشيخ الدعباجي ومع شيوخ آخرين وشيخات أخريات. ولما تحدثت معها عن علي الصافي حكت لي بأنه زارها في الصيف وعطاها واحد البركة وقال ليها سيري فوجي,, فقلت مع نفسي علي الصافي لا يصور فقط دموع الشيخات ولكن يعرف كيف يتداركها قبل أن تسقط على الخد.. ثم حكت لي عن فنان آخر أصيل كان في عونها يوم أصيبت بكسر، هو الفنان الشعبي حجيب المعروف بدعمه لفناني العيطة  .

 

بعد دموع الشيخات شاهدت فيلم ها نحن جنيرال عن قدماء المحاربين المغاربة إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الثانية الذين بعد سنوات من التضحية وجدوا أنفسهم في وضعية صعبة عرضة لضيق الحال والمرض ويأملون أن تتم تسوية وضعيتهم ويتم إنصافهم من قانون سابق في عهد شارل ديغول، ولذلك يشدون الرحال لفرنسا التي حاربوا من أجل تحررها من الاحتلال النازي.. وفي الفيلم يستعيد الصافي ذكرياتهم ويصور حياتهم اليومية في فرنسا أملا في تمكينهم من بعض حقوقهم كل ذلك بقرب كبير منهم ومن معاناتهم، ثم شاهدت فيلم صمت حقول الشمندر إن لم تخني الذاكرة عن العنصرية.

 

ثم بعد سنوات التقيت الصافي بمناسبة إحدى دورات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وكان لقاء خاصا بعد طول غياب، وشاهدت فيلمه الباب السابع عن الراحل أحمد البوعناني خارج المسابقة الرسمية بعد الجدل الذي أثاره بخصوص مخرج فيلم وشمة.

 

ثم في الدورة الأخيرة تجدد اللقاء مع الصافي، وكان لقاء خاصا مع فيلمه قبل زحف الظلام الذي توج بالجائزة الكبرى لمسابقة الفيلم الوثائقي...

 

هناك مبدعون من أول لقاء يجدون لهم مكانا في الذائقة الفنية لا يبرحونه، وإن تفاوتت مستويات أعمالهم لأنهم مبدعون حقيقيون ويزداد حضورهم رسوخا في الذاكرة والوجدان لحرارة الإنسان فيهم، والصافي واحد منهم في لحظات الدموع ولحظات الفرح...

 

واصل إبداعك لا مفر.