الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عزيز لعويـسي: من أجل تحصين جماعي

عزيز لعويـسي: من أجل تحصين جماعي عزيز لعويـسي

تنطلق الحملة الوطنية للتلقيح في أجـواء من التعبئة الجماعية والإرادة والثقة والجاهزية والمسؤولية، ترتفع معها جرعات الأمل والتفاؤل في كسب رهان "التحصين الجماعي" الذي قد يكون آخر منعرج لنا أفرادا وجماعات، في الحرب الشرسة ضد كورونا، في أفق التحكم في الوباء والحد من تفشيه والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية التي افتقدناها منذ ما يزيد عن سنة بسبب الإمبراطور الصغير "كوفيـد 19" الذي لازال يبسط سلطته المطلقة وقانونه الخاص على العالم.

وبقدر ما تبرز قيم التضامن والتعاضد واستحضار الصالح العام، وتطفو على السطح مشاهد الإرادة والإقبال والاستعداد والجاهزية والتعبئة الجماعية، والرغبة الجامحة في الإقبال على "اللقاح"، سعيا وراء إدراك "التحصين الجماعي" الذي يسمح بالخروج من عنق زجاجة الأزمة الوبائية الكاسحة والعودة التدريجية إلى الحياة الاعتيادية، بقدر ما نأمل أن تحضر نفس  القيم والمشاهد من أجل كسب رهان "التحصين الجماعي" ضد كل ما ينخر جسد الوطن من ممارسات العبث والريع والفساد والأنانية المفرطة والوصولية والانتهازية والتفاهة والانحطاط...

"تحصين جماعي" بات أولوية الأولويات بالنسبة للدولة والمجتمع والأفراد والجماعات، في ظل ما نعاينه في مجالاتنا الحضرية والريفية من مظاهر الفقر والبؤس والارتباك والاختلال، ومن مشاهد الفوارق الاجتماعية والتباينات السوسيواقتصادية الصارخة التي تكرس مقولات "المغرب العميق" و"المغرب غير النافع"، وتقوي أحاسيس اليأس والاحباط وانسداد الأفق وسط شرائح واسعة من المواطنين البسطاء، الذين يعيشون عزلة التنمية وخلوة الإقصاء والتهميش، وتعمق بؤر النفور من السياسة والعزوف عن الانتخابات التي باتت في تصور الكثير، مجرد مباراة حزبية تعاد كل خمس سنوات بنفس الشكل وبذات المضمون.

إذا كان أملنا وأمل البشرية في الوقت الراهن، الوصول إلى عتبة "التحصين الجماعي" الذي يسمح بالسيطرة على الوباء المزعج، فالأمل معقود أيضا على "التعبئة الجماعية" ضد "الكوفيدات" الظاهرة والمستترة التي تحرم الوطن من كل فرص النهوض والارتقاء، خاصة ونحن على أبواب "نموذج تنموي جديد" نعول عليه جميعا لمد جسور التنمية والنهوض بين شمال المغرب وجنوبه وشرقه وغربه وسهوله ومداشره وجباله، ولا سبيل لنا لإدراك ذلك، سـوى سلك طريق "التحصين الجماعي" الذي نتحمل جميعا مسؤولية تجسيده على أرض الواقع كدولة ومجتمع وأفراد وجماعات، لأن التغيير الحقيقي يمر قطعا عبر تغيير ما بالأنفــس، على أمل أن نربح الرهانين : "التحصين ضد كورونا" و"التحصين ضد ممارسات العبث" بكل ألوانها وتعبيراتها ...