الخميس 28 مارس 2024
سياسة

سيرة الشيخ الجردي بين رئيس المجلس العلمي بطنجة ومنابر وهابية.. هل أصبحت مراجع الوهابية، علماء الأمة؟

سيرة الشيخ الجردي بين رئيس المجلس العلمي بطنجة ومنابر وهابية.. هل أصبحت مراجع الوهابية، علماء الأمة؟ الشيخ الجردي (يمينا) ومحمد كنون

مر رئيس المجلس العلمي المحلي بطنجة، الأستاذ محمد كنون، في برنامج "مجمع الخير" بإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، لنعي رحيل الشيخ محمد الجردي، الذي وافاه الأجل، يوم السبت 26/12/2020، بعد معاناة مع فيروس كورونا.

 

لقد رسم الأستاذ كنون خارج المعطيات المادية لسيرة الشيخ الجردي، صورة مغايرة، تندرج في سياق تزييف التاريخ، ومن ثم التجني على أفق وظيفة هيكلة الحقل الديني، إذا كان بالفعل منتظما في المشروعية الدينية للمغرب. ذلك أن المعطيات المادية لهذه السيرة/ الترجمة، وقد تعامل معها بانتقائية، متوفرة وبتأطيرها الصحيح من خلال التعبير السلفي/ الوهابي، في موقع "هوية بريس"، وجريدة "السبيل" سنة 2014، تحت عنوان "القول الوردي في ترجمة الشيخ محمد الجردي"، وكذلك في الموقع السعودي "مداد". ذلك أن هذه الترجمة قد حسمت في مخرجات تعدد مشارب مشيخة الجردي، بشكل يفند تصوير رئيس المجلس العلمي له، وكأنه الوارث لسيدي عبد الله كنون، وبكل ما يلزم من إشادة وتنويه.

 

وتفاديا لكل لجاج، في هذا الباب، نصغي لهذا الحسم الوهابي: ".. حيث ألهمه الله السير على المسلك الصحيح مسلك أهل السنة والجماعة وذلك بأن حبب إليه قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع- التي أنارت له الطريق وأبانت له السبيل فوجد انشراح الصدر وطمأنينة النفس لتلك الحقائق الشرعية العقدية التي لا تصادم العقل ولا تناقض النقل فصدع بالحق في وجوه منكريه ونشر عقيدة التوحيد بأقسامه على فهم الصحابة والتابعين بين الناس في دروسه وخطبه ومواعظه رغم كثرة المخالفين والطاعنين حتى رفع علم السلفية على ربوع شمال المغرب خفاقا وأقبل الناس على تعلم معتقد السلف الصالح رضي الله عنهم إقبالا عجيبا لم يسبق له نظير في شمال المغرب فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات".

 

وتواصل هذه الترجمة القول، بأن الشيخ الجردي: "استفاد من الشيخ الألباني كثيرا -حين زار المغرب وقدم طنجة- في الحديث والفقه وغيرهما ويقول أيضا إن كتب الشيخ الألباني كلها مفيدة جدا وينبغي لطالب العلم اقتناؤها مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم لما فيها من علم رصين محكم مبني على الأدلة من الوحيين وآثار الصحابة رضي الله عنهم".

 

كما يقدم هذا الموقع جردا للشخصيات الأصولية التي زارته: "وقد زار مدينة طنجة علماء أجلاء كثيرون وممن زارها والتقى بالشيخ محمد الجردي وذاكره وسمع بعض دروسه وخطبه وأثنى عليه العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني ومرة حضر له خطبة الجمعة ونالت إعجابه وقال عن أحد أشرطة الشيخ لقد استفدنا منه كثيرا -حدث بذلك من يوثق بتحديثهم- وكذا الشيخ العلامة محمد البنا والشيخ أبو بكر جابر الجزائري والشيخ الدكتور عبد الله الزايد رئيس الجامعة الإسلامية سابقا، وشيخنا الدكتور تقي الدين الهلالي والذي حضر خطبة للشيخ وبعد الفراغ من الصلاة ألقى محاضرة أثنى فيها على الخطبة أمام الحاضرين، والشيخ أحمد مبارك خطيب ومستشار وزارة الأوقاف المملكة العربية السعودية، والشيخ الجليل حماد بن محمد الأنصاري الذي كان يقيم بالمدينة المنورة، كذلك القاضي بن عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقا بالمملكة العربية السعودية والذي ذاكر شيخنا الجردي في بعض المسائل فكان يقول لابنه خذ ورقة وقلما وسجل ما يقول الشيخ فإننا نستفيد مما يقول، وأثنى عليه أيضا الشيخ عبد الله المصلح والذي اتصلت به إحدى الأخوات من مدينة طنجة فقال لها أليس عندكم في المدينة الشيخ الجردي، ومحدث مصر الشيخ العلامة أبو إسحاق الحويني حفظه الله والذي اتصل به أحد الإخوة يستفتيه فقال له الشيخ الحويني بعد أن سأله عن مكان إقامته كيف أجيبك وعندكم الشيخ الجردي هناك، والشيخ حسين العوايشة زاره في بيته وتذاكرا في عدة مسائل علمية وأثنى على الشيخ ثناء عطرا وأعجب بحسن آدابه وجميل أخلاقه. وغير ذلك من العلماء والشيوخ ممن لم نذكر أسماءهم..."

 

فهل من المقبول بعد كل هذا، أن يأتي رئيس المجلس العلمي لطنجة، و يجير الشيخ الجردي، ويقدمه كوجه منتظم في التاريخ المذهبي للبلاد. ألا يكون قد نزع بهذا التدليس عن نفسه شرط العدالة؟ فمن سيوثق به بعد اليوم؟

 

إن ما ذهبت إليه هذه الترجمة، من كون الشيخ الجردي قد: "رفع علم السلفية على ربوع شمال المغرب خفاقا وأقبل الناس على تعلم معتقد السلف الصالح رضي الله عنهم إقبالا عجيبا لم يسبق له نظير في شمال المغرب"، يسائل بجدية مسؤولية سي كنون كرئيس للمجلس العلمي بطنجة وكمنسق للمجالس العلمية بجهة طنجة - تطوان - الحسيمة

 

إن الشيخ الجردي معروف كفاعل سلفي/ وهابي في الحقل الديني. ولا يحتاج وقد أفضى إلى ما قدم، رحمة الله عليه، إلى أي تجيير. حتى محبوه لن يقبلوا بذلك. من هنا ينطوي مسلك سي كنون على أهداف أخرى، لا علاقة لها باستحقاقات الحقل الدين. وإذا سايرنا سيرته للجردي، فإن هذا يعني أن العلامة سيدي عبد الله كنون مسؤول عن التفريخ الوهابي في طنجة.

 

كان بإمكان سي كنون أن يطرح "الموضوع"، من زاويا أخرى، على نحو ما تم بمناسبة وفاة الشيخ المرحوم محمد بوخبزة، حيث أعطى عضو بالمجلس العلمي بتطوان، تصريحا إذاعيا، تقيد فيه بحدود المشترك الإنساني، والعلمي المحض، ولم ينزلق إلى مهاوي اختلاف المواقع الإديولوجية، لا ذما ولا مدحا.

 

وبدورنا، سنتقيد بأدبيات لحظة العزاء، ولن ننخرط في معركة السير، لكن ما أقدم عليه سي كنون قد يمثل حافزا أكثر للساهرين على الأمن الروحي في البلاد، على مزيد صقل عدسات رصد انحرافات المؤسسات الدينية الرسمية في البلاد، عن مهامها ضمن التحملات الحقيقية لمرجعية إمارة أمير المؤمنين، روح القدس معه!