السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الهادي الشقيقة الشياظمي: حينما نهمل الاستثمار في بناء الإنسان

عبد الهادي الشقيقة الشياظمي: حينما نهمل الاستثمار في بناء الإنسان عبد الهادي الشقيقة الشياظمي
لما تكون السعادة مكسوة بسحابة من الألم، يكون الإنسان تائها تتجاذبه هاته الأحاسيس المتناقضة ، يشعر كأنما كيانه يتمزق من الأعماق.
إن الحالة الوبائية الآن في دولة السويد تدعو إلى الانبهار وتجعل الإنسان أينما كان يفتخر بأنه إنسان وأنه كيفما كانت وضعيته يمكن أن يرتقي سلم الوعي إذا وجد أولي أمر يأخذون بيده، ويدلوه على النهج الصحيح الواجب أتباعه.
إن السويد لم تفرض حجرا صحيا، ولا حالة طوارئ، ولم تجند الآلاف من رجال السلطة والأمن الوطني والدرك الملكي..... ولم تملأ زنزانات كان يمكن أن تتحول إلى بؤر للوباء ، ولم تجمد اقتصادها للحد من تفشي وباء كورونا الفتاك ..ولكنها خاطبت إنسانا هيأته على مر الأجيال لمثل هاته الظروف وغيرها ، وأخبرته بأن جائحة خطيرة تنتشر في العالم وبينت له طرق الوقاية منها وانتهى دور المسؤولين... وتحمل المواطن السويدي مسؤوليته . وكانت النتيجة المبهرة أن السويد- هاته الدولة العظيمة بوعي شعبها وبنزاهة مسؤوليها وبالديمقراطية الحقيقية المتبعة كنهج سياسي بها -بدأت تسجل صفر حالة إصابة وانتصرت أو كادت أن تنتصر على هاته الجائحة وبأقل الخسائر....
أما الألم الذي يمكن أن يمزق الإنسان ويجعله في حالة هذيان فهو ما يقع في وطننا الحبيب .
واجه المغرب هاته الجائحة بعزم وحنكة قائده، وثلة من المخلصين، واتخذت إجراءات احترازية استباقية جعلتنا في مقدمة الدول التي نجحت في التصدي لهذا الوباء القاتل، وجعلنا سلامة الإنسان من الأولويات على حساب الاقتصاد ، وتلقينا التنوية تلو الآخر من مختلف الدول ومن منظمة الصحة العالمية، بل أصبح المغرب يدرج كقدوة يفترض أن تتبع منهجيتها للانتصار النهائي على هذا الوباء .
ومرت الأسابيع والشهور ولأنه لا يمكن الاستمرار على نفس النهج مخافة الضربة القاضية لاقتصاد الوطن كان من الواجب تمرير الشاهد بلغة عدائي التناوب في ألعاب القوى إلى الإنسان. هنا كانت الطامة الكبرى واتضح لنا أن إنساننا مختلف عن إنسان السويد، وأن الكرة الأرضية لا تحمل على ظهرها فصيلة واحدة من بني البشر، ولكن فصائل متفاوتة التكوين الفكري والنفسي .
منها من تم الاهتمام ببنائه البناء السليم وإعداده ليكون سندا للوطن بإشارة بسيطة ،ومنها من تم إهماله وتجويعه وتفقيره وتجهيله وتهميشه ليكون عدوا للوطن في أول مناسبة .
أصبحنا بين عشية وضحاها نعد مصابينا بالآلاف وموتانا بالعشرات وعوض التنويه العالمي أصبحنا نتلقى الإنذار من منظمة الصحة العالمية، وأضطر المسؤولون إلى التدخل من جديد وربما بعد فوات الأوان لا قدر الله لإغلاق الحظائر على من لم ترتق بهم إنسانيتهم إلى مصاف إنسان السويد .
ستمر جائحة كورونا ولن ينقرض الإنسان من الوجود إلا بأمر الله، ولكن لا يجب أن تمر، ولم نستفد من درسها وتعود حليمة إلى عادتها القديمة....
عبد الهادي الشقيقة الشياظمي، إطار سابق بوزارة الشبيبة