الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

عبد الإله حسنين: اشهد يا حزيران، لا عطلة للأطفال

عبد الإله حسنين: اشهد يا حزيران، لا عطلة للأطفال عبد الإله حسنين يترافع عن حق أطفال المغرب في العطلة

تكلمنا كثيرا داخل الجمعيات التربوية الوطنية خلال الأيام الأخيرة عن حقوق الطفل بصفة عامة، وكيف تعطلت تحت إلزامية الحجر الصحي والإجراءات الاحترازية، وعن الحق في العطلة بصفة خاصة تزامنا مع النقاش الدائر حول إمكانية فتح المخيمات الصيفية من عدمها، لاسيما وأن وزارة الشباب والرياضة أصبحت وزارة للثقافة فقط حين استقر الوزير الحالي ببناية الثقافة واستغنى عن قطاعي الشباب والرياضة للكاتبة العامة للوزارة.

 

وقد أصدرت العديد من المنظمات التربوية بيانات تتسابق فيها إلى الإعلان عن مواقفها من المخيمات وأنشطة الأطفال والشباب، عموما، خلال هذه المرحلة الاستثنائية، وتعلن ترافعها من أجل تمكين الأطفال من الحق في العطلة وإخراجهم من وضعية الضغط النفسي والبدني عن طريق التنشيط والتأطير عبر الأحياء والهوامش، مع أن الترافع من أجل مكانة سامية لأطفالنا يجب أن يكون طيلة السنة وليس فقط أثناء المخيمات، بل إن من الجمعيات من طالب بإطلاق استشارة وطنية تشمل الأطفال واليافعين والشباب لمعرفة انتظاراتهم من برنامج العرض الوطني للتخييم تحت شعار عطلة للجميع.

 

وهي مواقف جميلة وراقية يضل المطلب المركزي فيها هو أن التخييم حق وليس امتياز، شعار رفعته الجمعيات والعديد من المؤتمرات ودافعت عليه منذ أكثر من أربعة عقود تجاه الوزارات المتعاقبة على تسيير وتدبير شؤون قطاع الشباب والرياضة الذي تعاقب على تسييره منذ استقلال المغرب أكثر من 24 وزير، بل إن جمعيات وطنية قاطعت في بعض السنوات العملية التخييمية برمتها احتجاجا على السياسات النخبوية المتبعة واعتبار القطاع ضيعات فلاحية منتجة خلال المراحل الصيفية ومشتل انتخابي لأصوات العائلات التي يستفيد أبناؤها من مقاعده.

 

واليوم ونحن نتكلم عن حق أطفال المغرب في العطلة أسوة بباقي أطفال العالم، وبعد تنبيه بعض مناضلي الجمعيات التربوية الوطنية للحكومة والمؤسسة التشريعية مؤخرا؛ فتح البرلمان المغربي نقاشا حول الموضوع الذي وصل إلى القبة متأخرا ونتيجة للتكلفة النفسية والمادية التي عاشها أطفال المغرب وعائلاتهم، وبعد طرح أسئلة بعض نائبات ونواب الأمة تدخل السيد الوزير المحترم للإجابة على الأسئلة حسب ما وفرته له الظروف الذاتية والموضوعية وحسب ما اقترحه عليه بعض من مساعديه الرسميين وغير النظاميين، واستمع له الجميع رغم أنه لم يكن مستوعبا للموضوع البتة ولم يكن مقتنعا به ولا مقنعا بالمرة.

 

فهل نحن فعلا كجمعيات تربوية في مقام ومستوى الدفاع عن الحق في العطلة أو الحق في التخييم؟ وهل الدولة المغربية والمرصد الوطني لحقوق الطفل ضمانات حقوقية ومشروعة لحقوق الطفل؟ وهل القطاعات الحكومية المسؤولة عن جزء من قضايا وشؤون الطفولة والشباب بالمغرب قادرة على التنسيق فيما بينها والسمو بهذه المطالب إلى درجة تجعل طفولتنا تنعم بحقوقها في التربية والتعليم والتنشيط والترفيه والاستجمام قبل أن نتكلم عن حقوقها في المخيم والعطلة؟ وهل المؤسسة التشريعية بكل أطيافها في مستوى التحدي حين تطرح السؤال وتنتظر الجواب دون أن تبدع في اقتراحاتها؟

 

أعتقد أننا ندافع ونترافع عن الحق في المخيم كحق غير مشروع منذ أكثر من أربعة عقود، ونحن متغافلين أن عدد الأطفال اليوم يتجاوز 30 في المائة من ساكنة المغرب وأن الذين يستفيدون من المخيم لا يتعدون 250.000 طفل دون الحديث عن عدم تكافؤ الفرص بين الأطفال بين البوادي والحواضر، بين الهوامش والمدن، بين المتمدرسين وغيرهم، دون أن نتحدث عن أطفال الشوارع وأطفال الجمعيات الخيرية والأطفال ذووا الاحتياجات الخاصة.. وغيرهم، فأين نحن من هذا الحق؟

إن المخيم كان ولا زال امتيازا لفئات دون أخرى ولم يكن أبدا حقا لجميع أطفال المغرب، لذلك وجب علينا تغيير الشعار والمطلب، والاكتفاء بالحديث عن برنامج وطني للتخييم محدود في الإمكانيات والأعداد والمراكز والبرامج والتأطير والميزانية وخارج نطاق أية سياسة عمومية مؤطرة لذلك.

 

يجب إحداث ثورة في الفكر والممارسة داخل هذه المنظومة حتى تستقيم الأمور، يجب تعبئة مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين والاجتماعيين والتربويين، فلا يكفي أن نصدر البلاغات التنافسية وننتظر الذي يأتي وقد لا يأتي؛ بل لابد أن نعمل حسب خطة استباقية على إخراج أطفالنا من وضعية الكآبة والضغط النفسي بكل الوسائل البيداغوجية الممكنة وعبر المعينات التنشيطية التي أظهر المنشطون والأطر عبر مختلف الجمعيات مقدراتهم الإبداعية على إنتاجها، وبمختلف الوسائل الترفيهية القادرة على الاستجابة لحاجيات أطفالنا الكثيرة والمتكاثرة والتي تزداد يوما عن يوم.

 

نعم السيد رئيس الحكومة قد راسلناك وراسلناك وفي مواضيع مختلفة ولكن قاعات الانتظار قد امتلأت دون أجوبة مقنعة، نعم السيد الوزير الجديد قد نعذرك لتفضيلك الثقافة والرياضة على الطفولة والشباب، نعم جمعياتنا الوطنية التي تدافع دون ملل عن حق طفولتنا في العطلة والمخيم، نعم عائلاتنا المحترمة وأطفالنا الأعزاء الذين ينتظرون منا الشيء الكثير؛ إلا أن الخطاب والمطالب بعيدة عن الواقع والممارسة وأن العطلة بمعناها الحقيقي غائبة ومعلقة لا ريب فيها، فلتشهد يا حزيران 2020 أن أطفالنا لن يستفيدوا من حقهم لا في العطلة ولا في المخيم.