السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: سقوط لشكر وبنعبدالقادر في امتحان حقوق الإنسان

رشيد لزرق: سقوط لشكر وبنعبدالقادر في امتحان حقوق الإنسان رشيد لزرق
ينبغي للاعتراف بكون جائحة كرونا هدأت من تضاربات المشهد السياسي الذي هو في الأصل شديد الارتباك، ويسوده انعدام الثقة بين الحلفاء. مما يشعل فتيل المناوشات بين الفينة والأخرى، في شكل تصريحات أو اصطدامات بين أضلاع التحالف الحكومي الخماسي.
فكلنا تابعنا الأحزاب تبكي على الحريات و تتهرب من مسؤولية المصادقة على قانون 22.20، حيث وجدنا وزير العدل والحريات محمد بنعبد القادر في كل استحقاق يظهر أياديه المرتعشة، فلا هو قادر على الدفاع عن مشروعه ولا هو قادر على القول من صاغ المشروع.
ثم خرج كفيله السياسي إدريس لشكر، الذي دافع عن فضيحة مشروع القانون و اظهر عن رغبته في تعويض محمد بنعبدالقادر الحكومة بأي ثمن ولو كانت بحكومة الجميع الأمناء العامين للأحزاب.
ومال لشكر نحو العثماني؛ مما فسح المجال للحديث عن صفقات مطبوخة وقع إبرامها في الظلام أو تحت الأضواء الخافتة، وبات إدريس يبحث عن تعديل وزاري، لا يمكن أن يمرّ تحت عباءة الدستور.
إن هذا المسار الجديد للمشهد السياسي، من شأنه أن يزيد من تعقيدها، ويفتح المجال أمام احتمالات لا تخرج عن إطار الصراعات السياسوية. بعيدة كل البعد عن البحث على حلول عملية وسريعة لتجاوز مخلفات كورونا.
فالمشهد السياسي يضم مغامرين يعبثون ويضربون كل أمل في ترميم الصفوف و تقريب المسافات، لكون الوقت يمر، ولم يعد هناك مجال للمناورات الإستوزارية.
لقد ظهر وزير العدل والحريات في حكومة قيل أنها حكومة الكفاءات وأضحت عنوانا لانعدام الكفاءة والتيه السياسي، وتجدد سؤال هل حقا الحكومة الحالية حكومة سياسية؟
فكيف لوزير مقترح من حزب تقدمي له وصيد من الدفاع عن الحقوق والحريات والحداثة أن يدفع بمشروع قانون يسمح لأعداء الحرية بالمزايدة، فبوضعه لرصيد الإتحاد النضالي في مهب الريح، أظهر إدريس لشكر في كل محطة انه فاقد البوصلة و انه متناقض سياسيا مع هويته وتدبيريا مع مفهوم الكفاءة، يهرب للأمام محاولا أن يصنع ربيعا استوزاريا ضد الأحكام الدستورية.
وخرج مصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان؛ الذي لا يؤمن بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليه كونيا، لكي يثبت في كل مرة انه لا يدافع بشراسة إلا على عشيرته الحزبية.
فوزراء الحكومة يتناطحون خدمة لأحزابهم بدل أن يبحثوا على إجابات "للقضايا الحارقة" من أهمها قضايا التشغيل لشباب المغربي الذي أضحى يغامر على متن قوارب الموت، وكذلك للجهات التي همشت لعقود ويجب أن تلمس إنجازات فعلية في التنمية المستدامة لكي يشعر المواطنون بانتمائهم لهذا الوطن وبقيمتهم الاجتماعية التي هي حق دستوري.
نحن في لحظة تتطلب عمل متكامل، وأن يضحي الجميع من أجل تجاوز محنة المديونية وللتقليص من عجز الميزان التجاري ولأنه من واجب الجميع حماية الاقتصاد الوطني فمن الضروري مراجعة قائمة المواد الموردة والاستغناء عن تلك التي لا نحتاجها وأن نعمل على حماية المنتوج الوطني بتوظيف الأداءات على المواد الموردة.
الحكومة مدعوة إلى ضرورة إحداث هيئات رقابية متطورة وفاعلة وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في مراقبة مسالك التوزيع والاقتصاد الموازي ومحاربة الفساد في القطاعين العام والخاص.
إن خرجات لشكر وبنعبد القادر والرميد توضح بالملموس واقع فقدان الثقة، و محاولات بين الفينة والأخرى تفجير الحكومة، كل مرة بآليات كان آخرها، التصريحات احد أضلاع التحالف الخماسي، بحكومة وحدة وطنية مشكلة من الأمناء العامين للأحزاب، حيث تم الرد عليه من قبل وزير العدالة والتنمية مصطفى الرميد من خلال ضرب مشروع قانون 22.20. ليصبح الصراع بوجوه مكشوفة وبلا قفازات.
أما خطة إدريس لشكر لتحقيق حلم الإستوزار، فقد فشلت وضاع لشكر في معارك سب وقذف الأعراض والذمم التي تدور داخل الإتحاد الاشتراكي، بعدما ظهر الضعف البين لوزيره في الحكومة محمد بنعبد القادر الذي اظهر سلوكا أرعنا في الدفاع عن قانون أخرجه خدمة للكارتيلات الاقتصادية، والذي يتناقض مع هوية الحزب الذي استوزر باسمه. فبقي الاتحاد غارقا في عاره، وحيدا بعد إدانة كل الأحزاب التحالف الحكومي لمشروع قانون بنعبد القادر.
في حين أن رئيس الحكومة تعامل مع مشروع بنعبد القادر ليس باعتبار العدل والحريات أحد أعضاء حكومته بل فقط كممثل لإدريس لشكر في حكومة العثماني، ومرة أخرى تاهت الحكومة في تضاربات سياسية بدون مسؤولية ولا هوية .
وهاجمت المعارضة مشروع بنعبد القادر، الأمر الذي أعاق خطط لشكر في قلب اللعبة السياسية و اضعف مطلبه في حكومة وحدة وطنية تضمن دخوله للحكومة بصفته رئيسا لما تبقى من الإتحاد، وفي حالة رفض استوزاره يقترح بشدة دخول ابنته خولة لشكر في سيناريو توريث مكشوف لحقائب الوزارات.
إن بقاء إدريس لشكر وحيدا يتأبط جرم فضائحه جعله متخوفا أن تعصف تحركاته بتواجد الاتحاد في الحكومة، بعدما قطعت المعارضة مع لشكر شعرة معاوية التي كان يراهن عليها للمناورة. حيث سقط لشكر في أوحال مستنقع الحرب اللا أخلاقية داخل حزبه بعد أن حاول جاهدا إعادة خلط الأوراق السياسية في سياق العودة إلى الاستقطاب الحاد بين معسكرين متناقضين داخل الحكومة.
ولا يعني هذا أن التحالف الحكومي القائم بات في منآى عن الزلازل والارتدادات وهو ما قد يدفع إلى مزيد من تأزيم الأوضاع وإرباك مشاريع الحكومة إن كتب لها أن تواصل لأشهر أخرى.
فلا يلزمنا كثير عناء كي نتوصل إلى البت بأن ما وقع ويقع وما قد يقع مستقبلًا ليس سوى زاوية صغيرة من قطعة شطرنج كبيرة تمتد عبر مشهد سياسي، بدون فاعلين يحدد شكل المسار، وقيادات حزبية لم يغادروا موقع الكومبارس في فيلم هيتشكوكي تخرجه عقول هوليوودية محترفة.