الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي: المغاربة وكورونا و"التقشاب الالكتروني"

عتيقة الموساوي: المغاربة وكورونا و"التقشاب الالكتروني" عتيقة الموساوي
نعست وفقت ولقيت المغرب مقسم .."دابا" أنا معا من ؟
- حنا الناس ديال المنطقة 2 غنبقاو نشوفو فالناس ديال المنطقة 1 بحال شي بلاد صايمة وبلدان آخرين عندهم العيد…
تلكم، بعض من عشرات القفشات الساخرة وغيرها المتداولة بشكل واسع على مواقع الالكترونية، تفاعل معها المغاربة غداة صدور البلاغ المشترك الرسمي لوزارة الداخلية ووزارة الصحة بشان تمديد إجراءات الطوارئ الصحية بالبلاد وتخفيف إجراءات الحجر الصحي بين منطقة رقم 1 والمنطقة رقم 2 ..
وهي إجراءات تباينت ما بين المتلقين لها صورت على شكل فرح عند البعض وامتعاض عند البعض الأخر.. مشاهد ولقطات مصورة كاريكاتورية شكلت مادة دسمة لدى النشطاء على المواقع الاجتماعية بالفايس بوك والانستغرام والتويتر تم تناولها بحس فكاهي إبداعي، وصور مضحكة لم تخل من سخرية وجاذبية، قصاصات مصورة أو مكتوبة.. ذهبت إلى الأبعد بإنتاج مقاطع من بعض الأفلام المعروفة بصياغة خاصة ودبلجة مغربية محضة، في قالب فكاهي لا يخل من تندر على الوضع الجديد ..مقاطع مضحكة استطاعت بحس إبداعي متميز أن تذوب جليد القرار الرسمي القاضي بالعزل بين المنطقتين 1و2..وخلقت متنفسا للمتلقي، كما خلفت حالة الترقب العام والمشوق والسوسبنس .
هكذا ظهر المغاربة كشعب نكتة وسخرية، منفتحين على أزمتهم الصحية..ساخرين من وضعهم القائم . وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها النشطاء على المواقع الاجتماعية للسخرية من هذا الوباء الكوروني.
فقد سبقت الموجة الحالية موجة سابقة للفيروس عند ظهوره لأول مرة في المغرب، حيث فوجئ الجميع بمواجهته بسخرية مماثلة ذهبت إلى حد القول أن الكورونا بقدومها ستموت في المغرب ..
ليس ثقة في النفس بقدر ما كانت تخفيفا نفسيا للحدث، والعزم على التصدي له..
وهنا يأتي السؤال وبإلحاح عن سبب انتشار هذه الظاهرة الالكترونية التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت متداولة بشكل لافت خصوصا مع الظواهر المستجدة والأزمات..
معروف عن المغاربة التندر و"التقشاب "في مواطن عديدة من الواقع المعاش، اجتماعية، وسياسية، حتى أصبحت عادة في كل التوجهات العامة، ولكن تصاعدها في الآونة الأخيرة ناتج عن الإخصاب الالكتروني المتشعب بألوانه .. حيث وجد المغاربة فيه متنفسا موازيا ومجالا إبداعيا للموروث الثقافي الترفيهي في مواجهة الأفكار الجادة، فالنكتة الساخرة كانت ولا زالت كصورة أو مشهد تخلق البسمة وجو الارتياح بين متداوليها ..
وتبدد هاجس الخوف وتخفف ثقل الهواجس لدى العامة.. تحولت مع التطور إلى إنتاج قفشات ساخرة لواقع مر يحول مرارة البكاء إلى ضحك على البكاء نفسه.. عملا بالقولة المغربية الشهيرة " كثرة الهم الضحك" أي أن الفرح ينبلج ليضئ عتمة الواقع المعاش.
وقفشات السخرية المغربية التي رافقت قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية بالمغرب وتخفيف إجراءات الحجر الصحي على مناطق دون الأخرى، وجدت ضالتها بين ثنايا الهزل والضحك واستطاعت أن تتجاوز المرارة بحس فكاهي خفيف سهل المعنى.. وساعد على تنمية حس الوعي لدى فئة كان عليها أن تأخذ الحجر الصحي بجدية لو امتثلت للتحذيرات أكثر، كي لا تقع في مطبة العزل الصحي من جديد، و تنبيه غير الملتزمين ببذل تجاوب أكثر إذا أرادوا الخروج والعودة لممارسة نشاطاتهم بشكل أفضل وأسرع..
وهكذا ارتقت السخرية عند المغاربة من روح دعابة وفكاهة إلى فن إبداع يصحح بالمقاربة الأوضاع ويحول الضحك الجماعي إلى ملح فكاهي كملح الطعام، وصدق من قال.. سخرية الكادحين قهوة لذيذة كم تشتاق إليها النفس "الغلبانة "زمن الحجر الصحي سواء في المنطقة الأولى أو الثانية !!