الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

ليلى أشملال: في زمن الجوع والحرب (3)

ليلى أشملال: في زمن الجوع والحرب (3) ليلى أشملال

نمت نوما متقطعا، لقد كنت طفلا صغيرا بمهام كبيرة وبتعب كثير، لم أحس بطعم الراحة هذه الليلة ظللت أتقلب في فراشي الذي بلله أخي كعادته كل ليلة، بدأ شعاع الصباح يتسلل للبيت عبر تلك النافذة التي أوشك بابها الخشبي القديم على  السقوط، افتتحت صباحي بتناول قضمة خبز وكأس شاي مر دون سكر لأنه قد نفذ.. وأنا لم أبع سيجارة واحدة مند الأمس، لذا سأعتاد على هذا الطعم المر للشاي والطعم المر للحياة ولكل شيء من حولي، لن أحتج كباقي إخوتي لأنني أنا الأب وأنا الأخ وأنا العم وأنا الخال وأنا الذي يثقون به وأنا الذي يحومون حوله طمعا في قطعة نقدية لشراء بعض الحلوى، أنا من يجب أن يتعب ويضحي ليشتري السكر وغيره من المستلزمات... أما عن أمي فلا أظن أنها تكسب الكثير من عملها الجديد كـ "شوافة"؛ يا إلهي ما أغبى النساء؟ كيف يصدقن كلام أمي! كيف ينخدعن بهذه السهولة!؟ لو كانت أمي تستطيع فعل شيء عن طريق الجن أو "صحاب المكان"، كما يسمونهم، لاستطاعت انتشالنا من هذا الفقر المدقع!؟ فعلا مسكينات هن النساء...

 

لبست نعلي المطاطي، وأخدت علب السجائر ثم انصرفت خارجا، الأوضاع مازالت لا تبشر بخير هنا، الكل يشتكي من غلاء أسعار المواد الغذائية، والكل يلعن الأوضاع التي يمر منها المغرب كوطن  وأفراده كشعب.. لقد كنا على بعد سنتين من انتهاء ما يسمى "بانتفاضة الخبز" سنة 1984 التي اندلعت في مجموعة من المدن المغربية، والتي جاءت نتيجة ارتفاع كلفة المعيشة، ورغم مرور سنتين على ذلك إلا أن المغرب ما زال يعرف أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة... ونتيجة لذلك كان الوطن يمر من سلسلة انتفاضات اجتماعية تواجه بعنف أمني كبير واعتقالات واسعة فيخمد نارها وتنتهي.

 

سألوني كثيرا كيف مات أبي! لم يمت أبي في أي انتفاضة ضد الحكومة المغربية أو ضد قرارتها آنذاك، بل مات فداء للوطن.