الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

المدرعي: هذا ما يحتاجه المغاربة خلال الحجر الصحي في رمضان وبعده

المدرعي: هذا ما يحتاجه المغاربة خلال الحجر الصحي في رمضان وبعده علي المدرعي في خلفية كورونية

شخص الفاعل الجمعوي، الدكتور علي المدرعي، وضعية الوباء، ومسار التحكم في انتشاره والتعاطي مع بؤره المحلية، عارجا على أهمية المواكبة الاجتماعية والدعم النفسي للمواطن المغربي خلال فترة الحجر الصحي وبعده. مسترسلا الحديث، في حوار أجرته معه "أنفاس بريس"، عن كيفية إعداد المواطنين لتقبل إجراءات رفع الحجر الصحي التدريجي وانخراطهم في سلوكات وقائية لا محيد عنها مستقبلا.

 

+ كيف تلقيت قرار تمديد الحجر الصحي إلى غاية 20 ماي؟

- بالنسبة للمعطيات العلمية والطبية للحالة الوبائية في المغرب، كان من الضروري والملح أن يتم تمديد حالة الحجر الصحي. لأسباب ترتبط بتطور الوباء وظهور بؤر جديدة في بعض المصانع والمساحات الكبرى، وبؤر في الأوساط العائلية والمهنية تتقاسم العمل، وبدأت العدوى تنتقل محليا حيث هيمنة معطياتها على أرقام المصابين يوميا، بالإضافة إلى عملية استقرار أرقام الحالات التي تحتاج للعناية المركزة ولم تعرف هبوطا ملحوظا.

ينضاف إلى ذلك، عامل آخر يرتبط بالفحوصات اليومية المتواضعة، التي ستعرف تزايدا مع إضافة مراكز مختبرات أخرى ببعض المدن لإجراء فحوصات مرض كوفيد ـ 19، حيث بدأ عدد الفحوصات والتحاليل يعرف تطورا ملحوظا مقارنة مع دول عربية، "ولا أقول أوروبية".

أما بالنسبة لإضافة شهر آخر لتمديد مدة زمن الحجر الصحي، فيمكن أن نفتح فيه نقاشا عموميا، هل هي مدة معقولة (قليلة أو كثيرة) هل هي مدة كافية للقضاء على بؤر الفيروس؟  مبدئيا تمديد حالة الحجر تفرضها ضرورة الأمن الصحي لتطويق الوباء.

 

+ إذا، هناك مؤشرات إيجابية في تعاطي السلطات العمومية والصحية مع الوباء؟

- بدون خلفيات ولا مزايدات، فإن تعاطي السلطات العمومية كان جد إيجابيا مع الوباء، ولا يمكن أن ينكر ذلك إلا جاحدا، فهناك مجهودات جبارة أشاد بها الرأي العام الوطني والدولي، وأبانت حقيقة على مستوى رفيع من قيم التضامن والتكافل الاجتماعي، سواء من طرف السلطات العمومية أو بين المواطنين... قيم إنسانية تضامنية كان لها الفضل الكبير في الوضعية الحالية للوباء في هذه المرحلة التي تعتبر لا بأس بها في نظر المختصين والمراقبين خلاف مناطق عالمية التي وصلت لدرجة من الخطورة.

 

+ تمديد الحجر الصحي يتزامن مع شهر رمضان.. كيف تقرأ نفسية المواطن المغربي في هذا الشوط الإضافي في علاقة بعاداته وطقوسه؟

- هناك عامل اجتماعي وديني، خصوصا ونحن مقبلون على شهر رمضان الذي يفرض على المغاربة نوعا من العادات والتقاليد والطقوس الاجتماعية والدينية والسلوكية.. كارتفاع منسوب التنقل وزيارات صلة الرحم والتبضع والسهر والسمر الليلي.. ستشكل في اعتقادي عدم احترام التباعد الاجتماعي والاحتياطات المعروفة. في هذا السياق، أسجل أن هناك فراغا كبير على مستوى الدعم النفسي للمواطنات والمواطنين خصوصا في المرحلة الأولى للحجر التي امتدت من 20 مارس إلى 20 أبريل 2020، للأسف كان من الممكن أن يكون إعلامنا العمومي رائدا في برامج صحية ونفسية وسيكولوجية واجتماعية.

ومع تمديد حالة الحجر الصحي ومكوث الناس في بيوتهم خلال شهر رمضان، أطرح سؤال كيفية تعامل وسائل الإعلام العمومية على مستوى التوعية الصحية واللقاءات الحوارية ذات الأبعاد التوجيهية والتحسيسية.. نعم هناك قصور كبير على مستوى الواجهة التلفزيونية في التعاطي مع منسوب تشكيل وعي صحي علمي لدى المتلقي. من هنا يتأكد بأن إعلامنا الرسمي يتخبط في إشكالات كبرى.. معروفة وعميقة ولا يمكن إصلاحها بين عشية وضحاها.

 

+ هل من وصفة علاجية لتقديم الدعم النفسي خلال فترة تمديد الحجر الصحي؟

- نحن نحتاج اليوم، في ظل جائحة كورونا، لإعلام وطني عمومي حقيقي من خلال برامج توعوية وتحفيزية وداعمة لمواكبة جميع المواطنات والمواطنين نفسيا، وبالخصوص التلاميذ والطلبة في المستويات الإشهادية المقبلين على اجتياز امتحانات .

لماذا غياب حلقات وبرامج حوارية ووصلات تحسيسية لمختصين ودكاترة في علم النفس والاجتماع لدعم التلاميذ و الطلبة الذين هم اليوم في موقف صعب جدا، على المستوى النفسي وسط أسرهم؟ ماذا قدم الإعلام العمومي من حلول نفسية واجتماعية للفئات الاجتماعية التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها متوقفة عن الشغل أو فقدته بصفة مرحلية أو نهائية، واضطرت للجلوس في البيوت مع أبنائها في انتظار الفرج؟ ماذا قدم الإعلام العمومي من مواكبة نفسية للعائلات التي طبقت حالة الحجر الصحي وهي في وضعية صعبة وظروف غير ملائمة على مستوى ضيق السكن وكثرة عدد أفراد الأسرة في غرفة واحدة ،وقلة ذات اليد؟ وكيف عالج الإعلام العمومي مشاكل وإشكالات تنقل ساكنة العالم القروي وتبضعها مواجهتها لأزمة الجفاف.. هذه كلها تعتبر ضغوطات نفسية وجب مواكبتها بنظرة الباحث السوسيولوجي والطب النفسي...

وماذا قدمنا من علاج نفسي للأطر الطبية و الصحية والتقنية التي تشتغل في الواجهة الحربية مع الموت، لأنها محتاجة لدعم نفسي ومعنوي كبير لمواصلة عملها الميداني ومجهوداتها المحمودة والجبارة؟... مع الأسف اليوم يطرح علينا بالإلحاح سؤال الإعلام العمومي على اعتبار يجب أن يكون ركيزة أساسية بالنسبة للمجتمع المغربي في لحظات الشدة .

لذلك أشدد على أن الإعلام العمومي ينضاف إلى الملفات الكبرى ذات الأولوية الملحة لمعالجته وإصلاحه والعناية بمتطلباته ليلعب أدواره الطلائعية من أجل التنمية الشاملة ما بعد فيروس كورونا.

 

+ ما هي السيناريوهات المحتملة للإعلان عن قرار رفع حالة الحجر الصحي لاحقا؟

- المواكبة والإعداد النفسي من اللازم أن يصاحب جميع المراحل الانتقالية، والتي نمر إليها بفضل حكمة قرارات لجنة اليقظة الصحية التي تسهر على مكافحة الوباء، ومن بين هذه المراحل الأساسية مرحلة الإعلان عن رفع حالة الحجر الصحي التدريجي ..

يجب إعداد المواطنات والمواطنين لقرار رفع الحجر الصحي نفسيا، على اعتبار أنه لن يمكن أن نمر للحياة الطبيعية بشكل طبيعي وعادي بجرة قلم، لأنه من اللازم أن يعي الجميع أنه لابد من فرض مجموعة من الاحتياطات وبعض السلوكات وبعض الإجراءات الصارمة التي ستصاحبنا لشهور عديدة.

منها مثلا ضرورة ارتداء الكمامات الصحية من طرف الجميع، وليس للمصابين فقط أو الذين يغادرون بيوتهم للعمل أو الدراسة أو من أجل التطبيب والعلاج، وحتى وسط وسائل النقل العمومي وفي الأسواق. فضلا عن إجراء التباعد الاجتماعي وسط العائلات والمجموعات البشرية في الشركات الكبرى والمقاولات. بمعنى أن هناك إجراءات عديدة ستفرض نفسها على المواطنين خلال رفع الحجر الصحي التدريجي، والتي يمكن وصفها بالصعبة لأنها تتطلب الصبر والاستئناس بها لتصبح سلوكا وقائيا واحترازيا. فلا يمكن للمواطن أن ينخرط في هذه الإجراءات إلا بعد فهم واستيعاب مجموعة من النصائح الطبية والتقنية والصحية والأهداف المرجوة منها، وتقبلها نفسيا ومعنويا من المختصين وبطرق سهلة وسلسة.

 

+ ربما أن هناك إجراءات ستكون أكثر صرامة للسيطرة على الوباء خلال الفترة المقبلة؟

- يجب أن يعلم المواطن أن رفع الحجر الصحي التدريجي لا يخول له أن ينتقل ويسافر مثلا بين جهات المملكة، أو السفر من إقليم لإقليم، ومدينة لمدينة.. من جانب آخر، كيف يمكن أن نسهل عملية تقبل ارتداء الكمامات بالمؤسسات التعليمية للتلاميذ والطلبة ونساء ورجال التعليم بعد رفع الحجر الصحي... وكيف سنكرس نفس السلوك وسط وسائل النقل العمومية من ترامواي وقطارات وحافلات وسيارات أجرة كبيرة... هذه سلوكات لم يتعود عليها الشعب المغربي وخاصة أننا سنخرج للشارع على شكل مجموعات تتحرك بكثافة بعد رفع الحجر الصحي التدريجي.

هذه الأمور تتطلب عملا جبارا من ذوي الاختصاص من خلال استثمار وسائل الإعلام العمومي الذي يجب أن يتحمل مسئولياته لتهييء الجميع لقرار رفع الحجر الصحي التدريجي نفسيا ومعنويا وسلوكيا.

 

+ هل يمكن أن تتشابه سيناريوهات رفع الحجر الصحي بين البلدان؟

- أولا، إذا كانت بعض القرارات التي واكبت الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وما تلاها من إجراءات تبدوا مشابهة لقرارات بعض الدول الغربية لكبح انتشار وباء فيروس كورونا، فالظروف هي التي فرضت ذلك.. فسيناريوهات رفع الحجر تختلف كليا من بلد لآخر، لأنها تخضع لخصوصية طريقة انتشار الفيروس، وتخضع كذلك للخصوصية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية.. لذلك أعتبر أن الدور الأساسي هنا يتمحور على جانب الدعم النفسي في هذه المرحلة.

فمن أجل انخراط المواطنين بتلقائية في عملية رفع الحجر والتعامل مع القرار بشكل إيجابي، وتكون مساهمة الناس فعلية وفق التوجيهات والنصائح الطبية والأمنية خلال فترة رفع الحجر الصحي التدريجي والتي يمكن أن تطول لعدة شهور، يجب التركيز على جانب الإعداد النفسي لأهميته المحوري في هذا الجانب.. لأن سيناريو رفع الحجر في المغرب لن يكون مشابها لأي سيناريو في أي دولة... كل دولة ستحدد سيناريوها يخصها وكيفية رفع الحجر، حسب الواقع، ولا يمكن استيراد سيناريو مستنسخ لرفع الحجر في المغرب.