الثلاثاء 19 مارس 2024
اقتصاد

عبد السلام الصديقي: تم اتخاذ الاحتياطات لإنجاح تمويل مقاولات الشباب لتجنب أخطاء برنامج مقاولتي

عبد السلام الصديقي: تم اتخاذ الاحتياطات لإنجاح تمويل مقاولات الشباب لتجنب أخطاء برنامج مقاولتي عبد السلام الصديقي

يرى عبد السلام الصديقي، أستاذ جامعي ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية السابق، أن وزارة المالية، عكفت، بمساهمة بنك المغرب والمجموعة المهنية لأبناك المغرب وأطراف أخرى، على إعداد تصور شامل ومقاربة مفصلة استجابة لما نادى إليه الملك في خطابه. واعتبر الصديقيأن تعزيز التنافسية "ليس أمرا مستحيلا، فالمغرب الذي اختار الانفتاح على السوق العالمي، وهو اختيار لا أشك في صحته، لا خيار له إلا العمل بجد وعلى جميع الواجهات لتعزيز، ما أسميه، التنافسية الشاملة":

 

+ أعطى الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة أنفاس ودينامية جديدة لمواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة وحاملي المشاريع الشباب، ترجمت على أرض الواقع بالإعلان عن سلسلة من الإجراءات محفزة على مستوى التمويل ومعدلات فائدة جد منخفضة، ما هي أبرز هذه التدابير؟

- ينبغي التذكير بداية بسرعة العملية حيث تم الإعلان عن هذه التدابير في وقت قياسي. إذ مباشرة بعد الخطاب الملكي أمام البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، عكفت وزارة المالية بمساهمة بنك المغرب والمجموعة المهنية لأبناك المغرب وأطراف أخرى على إعداد تصور شامل ومقاربة مفصلة استجابة لما نادى إليه جلالة الملك في خطابه.

وكما هو معلوم، تهم هذه التدابير المعلنة حزمة من الإجراءات والقرارات:

أولا، تم ضخ مبلغ مهم حدد في 8 مليارات درهم في الحساب الخصوصي للخزينة المنشأ بموجب قانون المالية لسنة 2020، ويسمى «صندوق دعم تمويل المقاولة». وبلغت مساهمة ميزانية الدولة 3 مليار، وهو المبلغ الذي ساهم به القطاع البنكي، في حين قدم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية مبلغا إضافيا يقدر بملياري درهم.

ثانيا، هذه القروض ستوزع على مدى ثلاث سنوات وتمنح بأسعار فائدة جد ميسرة، إذ لا يتجاوز سعر الفائدة 2 في المائة. مع العلم أن السعر المطبق على المقاولات القروية أقل بكثير، وتم تحديده في 1.75 في المائة فقط.

ثالثا، سيستفيد من هذه القروض الشباب الحاملين للمشاريع، والمقاولات الصغرى والمتوسطة، والمقاولات الصغيرة جدا، والمقاولات التي تشتغل في القطاع غير المهيكل والتي ترغب في الاندماج بالقطاع المهيكل.

رابعا، بالإضافة إلى هذه التحفيزات المالية المهمة، هناك تدابير مصاحبة لا تقل أهمية من قبيل تبسيط المساطر، وتسهيل الضمانات مع حذف الضمانات الشخصية (كرهن منزل السكن مثلا) وخلق لجن جهوية برئاسة المراكز الجهوية للاستثمار لضمان تتبع المشاريع، والتأكد من جدواها وتقييمها بصفة منتظمة.

خامسا وأخيرا، يمكن للأبناك التي تقدم هذه القروض أن تلجأ في كل وقت إلى البنك المركزي لإعادة التمويل، وذلك بمعدل فائدة لا يتجاوز 1.25 في المائة. وهذا الإجراء يمكن الأبناك من الحفاظ على سيولتها.

 

+ هل هذا البرنامج الجديد للتمويل والدعم المقاولتي مختلف عن البرنامج السابق «مقاولتي»، وما هي أسباب فشل برنامج «مقاولتي»؟

- بكل تأكيد، هذا البرنامج الجديد يختلف شكلا ومضمونا مع برنامج «مقاولتي» الذي عرف فشلا ذريعا، وأدى في نهاية المطاف إلى مآسي اجتماعية ومازال البعض منها معلقا في المحاكم.

من حيث الشكل، البرنامج الحالي أكثر طموحا، إذ لا يقتصر على المقاولين الشباب خريجي المعاهد العليا، بل يهم أصناف أخرى من المستفيدين كما أسلفنا، كما أن برنامج «مقاولتي» كانت تتحكم فيه الارتجالية وضعف المهننة (professionnalisme) وغياب شبه كلي لآلية المصاحبة والمراقبة والتقييم. بل هناك، وعددهم قليل طبعا، من فهم أن تلك المبالغ الممنوحة «كقروض»! هي هبة من الدولة وتم استعمالها في قضايا شخصية بعيدة كل البعد عن المقاولة!

وأعتقد بأن المسؤولين استخلصوا كامل الدروس من هذه التجربة، واتخذوا جميع الاحتياطات كي لا تتكرر نفس الأخطاء، ولضمان شروط النجاح للبرنامج الجديد. ومع ذلك، ينبغي الإشارة من جانب الواقعية والموضوعية، أنه من المستحيل أن تتكلل جميع المشاريع بالنجاح مائة بالمائة. ولكن المهم هو حصر هذه الحالات في حدود معينة.

فمثلا إذا كان البرنامج يطمح إلى مصاحبة 13500 مقاولة إضافية وخلق 25000 منصب شغل سنويا، تبقى هذه الأرقام مجرد أهداف يمكن بلوغها وتجاوزها. كما يمكن ألا تتحقق نظرا لما يحمله المستقبل من مستجدات يستحيل توقعها.

 

+ أفرز التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن النموذج التنموي، حيزا بارزا، وحزمة من الإجراءات للنهوض بالابتكار والمقاولات الناشئة. كيف يمكن لبلادنا أن تعزز تنافسيتها القارية على مستوى تطوير المقاولات الناشئة، لاسيما أن الشركات الدولية للتكنولوجيا والانترنت اعتمدت في توسعها والرفع من رقم معاملاتها على مقاولات ناشئة؟

- تعزيز التنافسية ليس أمرا مستحيلا، فالمغرب الذي اختار الانفتاح على السوق العالمي، وهو اختيار لا أشك في صحته، لا خيار له إلا العمل بجد وعلى جميع الواجهات لتعزيز، ما أسميه، التنافسية الشاملة.

التنافسية الشاملة تقتضي العمل على تحسين العديد من المؤشرات والمتغيرات التي تدخل في قياسها وأذكر من بين هذه العوامل: الابتكار، والاعتماد على التكنولوجيات المتطورة والحديثة، تحسين العمل المؤسساتي كإصلاح الإدارة وتبسيط المساطر، إعطاء المقروئية (lisibilité) بالنسبة للمقاولة على مستوى الجبايات وتشريعات الشغل. ضمان تكوين جيد للعمال وتكوينهم على مدى الحياة لمسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية.

إن زمن الاعتماد على يد عاملة رخيصة قد ولى نهائيا. نحن في عصر جديد، وفي صراع اقتصادي تغيرت ملامحه. هذا هو التحدي الذي ينبغي على بلادنا أن تكسبه إن هي أرادت أن تحتل موقعا مريحا على الصعيد القاري والدولي.