الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

القصة الكاملة والمثيرة لعمليات تجسس المخابرات السعودية في الدنمارك

القصة الكاملة والمثيرة لعمليات تجسس المخابرات السعودية في الدنمارك وزيرا الخارجية الدنماركي جيبي كوفود (يمينا) والسعودي فيصل بن فرحان آل سعود

ليلة القبض على شبكة التجسس

عقد وزير الخارجية الدنماركية، جيبي كوفود، مساء يوم الاثنين 3 فبراير 2020، جلسة استثنائية للجنة السياسة الخارجية، خصص جدول أعمالها لنقطة فريدة تتعلق بقضية اكتشاف المخابرات الدنماركية لثلاثة أشخاص (إيرانيين/ عرب) متهمين بالتجسس ضد أفراد وشركات ومؤسسات لصالح جهاز المخابرات المملكة العربية السعودية، فوق التراب الدنماركي.

 

وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الدنماركية، في بيان صحفي: "لقد استدعينا السفير السعودي في الدنمارك، وأخبرناه بكل وضوح، أنه من غير المقبول، أن تكون هناك أنشطة تجسس تحدث، في الدنمارك، وترعاها الحكومة السعودية، أو تروج لها.. وإننا لن نرحب بأي شكل من الأشكال بهذه الممارسات الخاطئة والجسيمة، أن تعمل داخل الأراضي الدنماركية". وبالإضافة إلى هذا الموقف الرسمي الغاضب وعد وزير الخارجية، جيبي كوفود، بأن يعرض حيثيات ونتائج هذه القضية، قريبا على منبر الاتحاد الاوروبي.

 

وهكذا، وفي إطار التحقيق الدستوري، عقدت محكمة مدينة روسكيلدا جلسة المحاكمة الدستورية، وذلك وسط احتجاجات صاخبة من جانب الصحافة الدنماركية، التي منعت من دخول قاعة المحكمة، بعد قرار احتفاظ المحكمة، بالسرية التامة، حول أسماء الأشخاص المتهمين الماثلين أمامها؛ وهو ما استنكره الصحافيون الذين رأوا أن إجراء السرية غير مفيد، ما دامت هده القضية قد تم تداولها مسبقا في جميع وسائل الإعلام المحلية وعلى المستوى الخارجي.

 

تفاصيل المحاكمة

وفي تفاصيل المحاكمة، قال المدعي العام الدنماركي، رون ريديك، في بدء الجلسة، إن الأشخاص الثلاثة، الذين يمثلون اليوم أمام المحكمة، هم متهمون في الضلوع في قضية تخابر لصالح جهاز المخابرات السعودية، وإنهم سوف يواجهون العقوبة اللازمة وفق ما ينص عليه القانون الجنائي الدنماركي، بسبب ارتكابهم أفعال تتعلق بـ "قيام أجهزة المخابرات السعودية للعمل الاستخباراتي على الساحة الدنماركية من أجل جمع المعلومات عن الأشخاص المعارضين، والشركات التجارية، وغيرها من جهة؛ وكذلك التحريض على ارتكاب جرائم ونشر الدعايات المسيئة من جهة ثانية".. حيث أقر المدعي العام الدنماركي على أن الأشخاص المتهمين في قضية التخابر هذه، كانوا قد روجوا في سبتمبر من العام 2018 للدعاية السعودية، ضد عرض عسكري إيراني جرى في مدينة الأهواز، وقتل وجرح فيه عدد من أفراد الشرطة الإيرانية الأبرياء.

 

وطالب المدعي العام الدنماركي، أن تكون جلسة المحاكمة مغلقة، متذرعا بأنه "لا يزال هناك تهديد محدق للمتهمين، يمكن أن يضر بهم.. وقد وافق محامو المتهمين الثلاثة بالإجماع على طلب المدعي العام بهذا الخصوص. هذا وقد ضربت حراسة أمنية مشددة، وبالأسلحة الاوتوماتيكية الثقيلة، حول محيط المحكمة وداخل قاعاتها المغلقة، من قبل رجال الشرطة الدنماركيين.

 

ردود الفعل الغاضبة

جدير بالإشارة بأن قضية التجسس هذه، وما ترتب عنها من تطورات خلقت ردود أفعال واسعة النطاق من قبل العديد من الأحزاب السياسية في الدنمارك. وفي هذا المجال، صرح رئيس الوزراء الدنماركي السابق، وعضو لجنة السياسة الخارجية لحزب اليسار الليبرالي المعارض في البرلمان الدنماركي، لارس لوك راسموسن، بأنه يدعم الخطوات التي وصفها بالجريئة، التي تتخذها الحكومة الدنماركية، حيال هذه القضية الحساسة، ويرغب بأن تتخذ الحكومة خطوات أشد صرامة ضد الحكومة السعودية، التي حاولت أن تزرع لها أذرع لمخابراتها في الدنمارك، متخطية كافة الأعراف والقوانين، كما هو الحال بالنسبة لزعيم حزب الراديكال/ يسار الوسط، الداعم للحكومة الحالية، مورتن أوسترجارد، الذي شدد بدوره على عقوبات صارمة ضد الحكومة السعودية، التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار في الدنمارك. وقال في تصريح للصحافة، إنه منزعج تماما من أن اجهزة المخابرات السعودية بدأت تخلق لها أنشطة مستمرة، على مستوى الساحة الدنماركية، بوسائل غير مشروعة، ولكنه يحبذ أن تسوى الامور عبر الوسائل القانونية المشروعة.

 

وأما حزب الشعب الدنماركي، المناهض للهجرة واللاجئين والاتحاد الأوروبي، فقد أكد على أنه يجب على الحكومة الدنماركية اتخاد قرارات أكثر تشددا تجاه العربدة السعودية في الدنمارك، ومحاسبة كافة المسؤولين عن كل هذه الاختراقات والتجاوزات المشينة. وقد طالب الحكومة الدنماركية، باتخاذ كافة الخطوات والتدابير الأمنية اللازمة، كي تكون قادرة على منع الأشخاص، الذين يرتكبون الأعمال التجسسية والإجرامية داخل الدنمارك.