أدى أمير المؤمنين الملك محمد السادس، صلاة الجمعة بـ ”مسجد أريحا” بمدينة مراكش.
وأوضح خطيب الجمعة بأن مبادئ الدين وقواعده وأحكامه تدور كلها على الأخلاق، وأن القرآن الكريم هو منبع الأخلاق والمكارم، ومصدر الفضائل والمحاسن، وهو الهادي لأقوم الطرق وأوضح السبل، مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، إذ أن هذه الآية عامة في مكارم الأخلاق ومحاسنها، وهو ما يجب أن تكون عليه حياة المسلم في سلوكه وتعامله وجميع تصرفاته.
ولا يعرف قدر القرآن، يقول الخطيب، إلا أمة تربت على تعاليمه، وعقول ارتوت بمعينه، ونفوس مشوقة إلى بيانه، “أولئك الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فلا حياة زكية للمسلم إلا بأخلاق القرآن”.
وأكد أن الحق سبحانه يأمر المسلمين بأن يستمدوا جميع أعمالهم من القرآن الكريم ومن سنة نبيه المصطفى، صلى الله عليه وسلم، حتى تكون مقبولة مرضية عنده تعالى. فالأعمال التي تكون لغير الله، ظاهرها رحمة وإحسان، ولكنها مقطوعة الأصل الرابط بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
وشدد خطيب الجمعة على أن الأخلاق في الإسلام ليست من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها، وإنما هي من صميم الدين والعقيدة، ولذلك كان من أهم مقاصد بعثة محمد (صلعم) إتمام مكارم الأخلاق، كما جمعت في نفسه كل خلال الخير … ومع ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من كمال الأخلاق، فقد كان كثير التضرع والتوسل إلى الله بأن يزينه بالمحاسن والمكارم، فكان من دعائه “اللهم جنبني منكرات الأخلاق".
وأضاف أن من أراد أن يقيس مقدار تمسكه بالدين فليتخذ التمسك بالأخلاق مقياسا ومعيارا، لأن غاية الإسلام تكوين مجتمع فاضل متماسك، طاهر نظيف، يتخلق أفراده بخلق التعاون والتضامن، وكل الفضائل والمكارم، فلذلك نجده يرمي من ثمرات العبادات إلى إصلاح النفس. وإذا صلحت الأنفس، كان أصحابها قدوة في إصلاح المجتمع، والنهوض به نحو مستوى أفضل، فالمؤمن يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.
وأبرز الخطيب أن أمير المؤمنين يحرص، على هدي هذه المبادئ الدينية، والأخلاق الربانية، والشعور بالمسؤولية، وقدرها حق قدرها، يحرص كل الحرص على كل الأمور المستمدة من أخلاق النبوة، ومنها أمران أساسيان : الأمر الأول إعلاء شأن الدين الذي هو مصدر الأخلاق المنجية في الدنيا والآخرة، والأمر الثاني تجسيد الأخلاق في العمل، وإعطاء الأولوية لما ينفع الناس في حاجاتهم الضرورية المتصلة بالعيش الكريم.
وأشار إلى أن ما وجه به أمير المؤمنين من مراجعة نموذج تنمية المملكة يتطلب من كل منا دعم اختياراته بالسلوك الفردي والجماعي وفق فضائل الأخلاق. وبداية الأخلاق في العمل بالقوانين، ولا نهاية لكمالها في حسن المعاملات، وفعل الخيرات وتقديم التضحيات.
وفي الختام، تضرع الخطيب إلى الباري جلت قدرته بأن ينصر أمير المؤمنين ويبارك في أعماله ويزيده تأييدا وتوفيقا وسدادا في كل عمل يقوم به، خدمة لهذا البلد الأمين، ولصالح الإسلام والمسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، وأن يشد عضده بصنوه الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية.