الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: من له مصلحة في نفي منتدى الحقيقة؟

مصطفى المنوزي: من له مصلحة في نفي منتدى الحقيقة؟ مصطفى المنوزي

دعوني أخلد ذكرى تأسيس المنتدى في صمت، ففي مثل يومنا هذا، الثامن والعشرون من نونبر 1999، أسسنا المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، الذي طبع مرحلة عهد محمد السادس بوقع حقوقي وسياسي واجتماعي قل نظيره بفضل نضال ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوق المختفين قسريا والمجهولي المصير؛ وبدعم من الهيئات الحقوقية الوطنية والإقليمية والدولية، حققنا الكثير، لكن ظلت ملفات عالقة لم تحل بفعل عدم تعاون بعض الجهات الأمنية التي ما زالت تحتكر المعطيات.. لذلك نحتفي بالذكرى العشرين لميلاد المنتدى، ونطالب الدولة والحكومة، ومن يمثلهما، بإطلاق سراح الأرشيف ووضعه رهن إشارة الحقيقة الوطنية اقترانا مع وضع حد للإفلات من العقاب، وسن تدابير وضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. ولنستعد دائما للتعبير من جديد عن مطالبنا الخالدة، فقد عاهدنا الشهداء والشرفاء على أن نسير، ودرب النضال طويل عسير.

 

فعلا تحقق الكثير فيما يخص جبر الضرر الفردي، وسادت المقاربة التعويضية على حساب المقاربة الشاملة، وتعثر تفعيل الشق السياسي المرتبط أساسا باستكمال أوراش الإصلاح السياسي والمؤسساتي والتشريعي، وبات من شبه المستحيل القطع مع الماضي وتمثلاته، في ظل تغييب إرساء ضمانات عدم التكرار، وكذا الحد من الإفلات من العقاب، ناهيك عن اجتهاد العقل الأمني في تحفيز كل شروط مأسسة النسيان وإعدام الذاكرة الجماعية..

 

وفي إطار الشفافية، وبنفس قيمة النقد المزدوج المنتج، لا مناص من نقد  فكر  تبخيس تجربة التسوية السياسية التي أثمرت توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، والتي نكثت الدولة عهدها بعدم الوفاء المنشود لالتزاماتها، وبذلك يخلد المنتدى ذكرى التأسيس، في ظل هشاشة تنظيمية ملموسة، تذكي تداعياتها ظرفية خطيرة تهدد بالتراجع عن المكتسبات وبإرادة تعطيل دور السلطة القضائية في المصالحة مع المجتمع وبالقطع مع ماضي الانتهاكات والاستبداد، وبنفس القدر يتم تشويه جدوى مبدأ ومطلب فصل السلطات واستقلال بعضها عن بعض..

 

وبالموازاة تصير كل العمليات السياسية والالتزامات الحقوقية للدولة، من مفاهيم جديدة للسلطة والعدل، المرافقة لما يسمى بالعهد الجديد  قد فشلت في الجواب الشافي والمقنع عن أسئلة وطموحات الشرعية والمشروعية، وأمام هذا الاستنفاذ للدورة، تطرح إمكانيات بلورة جيل جديد من الإصلاحات الهيكلية، تستند إلى كل ما هو إيجابي في الشق السياسي من التوصيات الوجيهة. ويبدو أن الحاجة إلى انفتاح المنتدى على غير الضحايا، ودفع مكونات المجتمع السياسي والحقوقي إلى تبني قضاياه، وحمل مشعل الاستمرارية في أفق حل ومعالجة كافة الحالات العالقة ذات الصلة بالحقيقة، وإنقاذ حيوات المجهولي المصير، واستكمال جبر الأضرار الفردية والجماعية.

 

عاش  المنتدى، وعاش من أسسوه ورافقوه، حتى يرى الجميع الأمل يمشي نصرا.