الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

محمد نشطاوي: هذه دواعي عودة مجلس الأمن إلى تمديد مهمة المينورسو بالصحراء إلى سنة

محمد نشطاوي: هذه دواعي عودة مجلس الأمن إلى تمديد مهمة المينورسو بالصحراء إلى سنة محمد نشطاوي مع صورة لبعثة المينورسو بالصحراء

قال محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن تمديد مدة بعثة المينورسو بالصحراء لمدة سنة كاملة، يأتي في سياق الإجماع الدولي على أن الخيار الأساسي لحل نزاع الصحراء، هو التفاوض بين طرفي النزاع، وأن الجزائر هي طرف أساسي في هذا النزاع بحكم أنها تحتضن وتمول وتدعم البوليساريو. مضيفا، في حوار مع «أنفاس بريس»، أن الولايات المتحدة الأمريكية صانعة القرار إلى جانب القوى الكبرى، تيقنت بأن المغرب جاد في مسعاه، لهذا تم تمديد مدة البعثة إلى سنة. مشيرا إلى أن القوى الداعمة لخيار الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب تراهن على التغيير في الجزائر، وخفوت جذوة العسكر في الجزائر، بما يسمح بحلحلة النزاع من خلال تليين الموقف الجزائري...

 

+ كيف تقرأ التذبذب الحاصل في تحديد المدة الزمنية لبعثة المينورسو بالصحراء؟ وماهي العوامل المتحكمة في ذلك؟

- أولا، لابد من الإشارة إلى أن تمديد مدة بعثة المينورسو بالصحراء ليس بجديد، فهو بمثابة إعادة الأمور إلى نصابها، خصوصا أننا نعلم أن الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب قلصت مدة البعثة إلى ستة أشهر، في محاولة للضغط على طرفي النزاع من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بل والخروج بإجراءات حقيقية لحل هذا المشكل الذي عمر طويلا. ولابد من الإشارة إلى أنه تم تقليص مدة بعثة المينورسو إلى ستة أشهر مرتين، وحاليا تم تمديد مدة البعثة إلى عام، والهدف من ذلك ليس فقط الضغط على طرفي النزاع فقط، خصوصا أن الأمم المتحدة جعلت المفاوضات ركيزة أساسية وخيارا لابد منه لحل المشكل. وأظن أنها أخذت أيضا بعين الاعتبار الوضع الحالي في الجزائر، وعدم قدرة الدبلوماسية الجزائرية على تفعيل انخراطها في هذا المشكل، خصوصا أن كل القرارات الأممية -بما فيها القرار الأخير- جعلت من الجزائر طرفا أساسيا في حل النزاع وليس طرفا ملاحظا كما جرت العادة. وأعتقد بأن كل هذه الرهانات يمكن أن تفسر لنا إعادة العمل بمدة سنة، من أجل النظر مجددا في القضية. ثم لا يجب أن نسى أن هناك مناخا عاما بين مختلف أطراف مجلس الأمن، بما فيها حتى روسيا وجنوب إفريقيا اللتان لم تعارضا القرار الأممي، بل امتنعتا عن التصويت، والامتناع عن التصويت لا يعني معارضة القرار. لذا هناك إجماع على أن الخيار الأساسي لحل النزاع هو التفاوض بين طرفي النزاع، وأن الجزائر طرف أساسي في هذا النزاع بحكم أنها تحتضن وتمول وتدعم البوليساريو، وبالتالي فالولايات المتحدة الأمريكية صانعة القرار إلى جانب القوى الكبرى، تيقنت بأن المغرب جاد في مسعاه، وهذا ما جاء أيضا في القرار. وبالتالي فمدة ستة أشهر السابقة ليست كافية، لهذا تم تمديد مدة البعثة إلى سنة، وهي مدة كافية للدفع بطرفي النزاع إلى حل المشكل مع الأخذ بعين الاعتبار تصورات أطراف النزاع ووضعهم الاستراتيجي، خصوصا الجزائر. ولا ننسى أيضا أنه حتى بعض القوى الدولية، خصوصا فرنسا، كانت دائما تدفع في اتجاه تمديد مدة بعثة المينورسو بالصحراء إلى سنة كاملة.

 

+ في ضوء المعطيات التي أشرت إليها، وفي ضوء مضمون القرار الأممي الأخير الذي شدد على أهمية التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، ماهي الحلول التي تبدو أكثر واقعية لحسم النزاع لدى المنتظم الدولي في المستقبل القريب؟

- أعتقد بأن القوى الداعمة لخيار الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب تراهن على التغيير في الجزائر، وخفوت جذوة العسكر في الجزائر، بما يسمح بحلحلة النزاع من خلال تليين الموقف الجزائري. فبعض الأصوات داخل مجلس الأمن ربما تكون قد التقطت تصريح عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر، والذي عبر فيه عن مغربية الصحراء، وأن الجزائر تخطيء الطريق في دعمها للبوليساريو، وأظن أنها تحاول فسح المجال لبروز أصوات أخرى يمكن أن تدعم الموقف المغربي، ولما لا تغيير الموقف الجزائري بما يتلاءم مع كونها جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني، وأن الحل الأخير هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

 

+ ما تحليلك للموقف الروسي الأخير القاضي برفض حضور البوليساريو إلى قمة سوتشي؟ وهل يمكن اعتباره مؤشرا إيجابيا على رجحان موازين القوى في مجلس الأمن لصالح الموقف المغربي؟

- لابد من الإشارة إلى أن الرفض الروسي لحضور البوليساريو لقمة سوتشي (القمة الروسية - الإفريقية) لا يعد الأول من نوعه، حيث سبقه رفض الهند حضور البوليساريو القمة الهندية-الإفريقية، كما رفضت أيضا الصين حضور البوليساريو القمة الصينية-الإفريقية، باستثناء القمة اليابانية-الإفريقية التي لم تستدع البوليساريو، لكنها لم تكن حازمة في رفض حضورهم. ومعنى هذا أن هناك إجماعا دولي على رفض حضور جمهورية وهمية ليس لها أي أثر على أرض الواقع للقمم الدولية. ثم لا ننسى شيئا أساسيا وهي التقارير الأوروبية – الأمريكية، التي تربط ما بين ما يحدث في منطقة الساحل من حركات إرهابية، واستغلال فشل عدد من دول الساحل في بسط هيمنتها وأمنها في المنطقة، وكذا تورط أبو الوليد الصحراوي المنتسب إلى جبهة البوليساريو في عدد من العمليات الإرهابية..

وأتمنى صادقا أن يغير المنتظم الدولي موقفه من البوليساريو، خصوصا بعد سحب عدد من بلدان أمريكا اللاتينية الاعتراف بالبوليساريو، ووقوع تغيير في الموقف الروسي، والموقف الهندي، والموقف الصيني، وحاليا تغيير بعض المواقف لدى الإدارة الأمريكية، واستقالة جون بولتون الذي كان يدعم البوليساريو، كل هذه المعطيات تظهر أن هناك انفراج في الأفق، شريطة تغير موازين القوى داخل النظام السياسي في الجزائر.

 

+ كيف يمكن استثمار الوضع الذي يعاني منه النظام الجزائر، في ظل الحراك الشعبي وتزايد حالة السخط والغضب ضد جنيرالات الجزائر من أجل تقوية الجبهة الدبلوماسية المغربية، خصوصا في الدول الإسكندنافية، وكشف حقيقة البوليساريو كمنظمة إرهابية لها ارتباطات بالحركات المسلحة بدول الساحل والصحراء؟

- أعتقد بأن هذا السؤال موجه للدبلوماسية المغربية التي ينبغي عليها أن تستغل الوهن الذي يعيشه النظام العسكري الجزائري، وأن تستغل الحراك الشعبي الذي خرج في الجزائر، والأصوات التي خرجت لتقول الحقيقة كما هي متعارف عليها تاريخيا، وهي أن الصحراء مغربية. وهذا ليس حبا في المغرب ولا كرها في البوليساريو، لذلك أعتقد بأن على الدبلوماسية المغربية أن تقوم بحركية مهمة داخل كل الأوساط التي كانت نوعا ما لا تعادي المغرب، ولكن كانت تحاول قدر الإمكان استغلال معاناة الصحراويين في مخيمات لحمادة، لذلك لابد لنا أن نشرح لها حقيقة الوضع وأن نستشف ونستدل بما يجري في الجزائر، وبكل الأموال التي تصرفها الجزائر لدعم البوليساريو، بينما الشعب الجزائر في حاجة ماسة لهذه الأموال. فكيف يمكن لدولة غير مدينة، وتحقق فائضا سنويا يبلغ 190 مليار دولار، ومازال أبناؤها يفضلون الموت في شواطئ البحر الأبيض المتوسط، كل هذا ينبغي أن تستغله الدبلوماسية المغربية، وأن تعي جيدا أنه في القضايا المصيرية ليست هناك رحمة، فكلما كان العدو ضعيفا ووهنا، كلما يجب أن نتحرك ضده وأن ندافع عن قضيتنا باعتبارها قضية مصيرية.