الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

حسن شاكر: الجالية المغربية تدق ناقوس خطر يُهدد أمنها العقاري بمعارض "سماب" بأوروبا..

حسن شاكر: الجالية المغربية تدق ناقوس خطر يُهدد أمنها العقاري بمعارض "سماب" بأوروبا.. حسن شاكر

لــقـد تحدثنــا وتحدث غيرُنــا كـثيرا عن ملف الأمن العقاري أو عقارات مغاربة العالم، وقـد نبهنـا وبقـوة لكل التداعيات القانونية والواقعية للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية الأخيرة رقم 39-08، كما تساءلنا عن مصدر قوة المادة الثانية واستعصائها على المشرع المغربي الذي وقف أمامها دون حراك سواء بالإلغاء أو بالتعديل.

 

أمام كل تلك الصرخات ورسائل التنديد والشكايات، سواء المرفوعة إلى مكاتب المحاكم المغربية أو أمام المؤسسات الوصية على قطاع الهجرة... فان الجالية، وخاصة ضحايا حالات النصب أو التأخير في تسليم عقاراتها بالمغرب؛ وأمام تبخر حُـلم امتلاكهم "قبر الحياة" بوطنهم الأم، ومساطر لا توافق توقيت تواجدهم بوطنهم المغرب... فقد أصبح مغاربة العالم يتحينون الفرصة لإبلاغ صوتهم وبقوة إلى الرأي العام المغربي، وكذا إلى المسؤولين المغاربة لعلها تحرك المياه الراكدة في ملف عقارات مغاربة العالم.

 

ولعل هذا ما يُـبرر كل تلك الاحتجاجات القوية التي عرفتها معارض العقار "سماب"، سواء في يونيو 2019 بباريس أو بميلانو في فاتح نوفمبر الجاري... وهو ما أعطى بـُعدا قويا لهذه الاحتجاجات وأوصلها إلى مدى أبعد وأطول، كما عبد الطريق لطرح أسئلة حول مؤسسة "سماب" المتعهدة بتنظيم معارض العقار "سماب إيمو" ومعارض التصدير (سماب إكسبو) منذ اكثر من عشر سنوات...؟

 

احتجاجات مغاربة العالم لم تأت من فراغ، فضحايا النصب والتأخير من مغاربة العالم في ملفات العقارات يعرفون خصومهم جيدا ولهم أدلــة بين أيديهم، وملفاتهم معروضة أمام القضاء المغربي والإعلام المغربي على علم بكل تفاصيل تلك القضايا.

 

فهل نعتبر الاستمرار في تنظيم معارض العقار وإعادة تنظيمها استفزازا مقصودا وحلـقـة إذلال لمغاربة العالم..؟ أم أن المقاولات الكبرى في مجال العقار هي خارج "رادار" إرادة التغيير وخارج كل تصور للنموذج التنموي الجديد...؟ ولماذا لم تقُــم هذه المقاولات الكبرى بالتعاون مع "سماب" كمتعهد بـتنظيم جلسة كبيرة أو طاولة مصالحة مغاربة العالم مع هذه الشركات وحل كل المشاكل العالقة والتعهد بضمان الأمن العقاري لمغاربة العالم..؟

 

احتجاجات مغاربة العالم هي احتجاج أيضا على طريقة التنظيم التي لا تحترم ذكاء الجالية... إذ كيف يُـنظم معرض عقار "سماب" ميلانو مباشرة بعد احتجاجات فاضحة لمقاولات عقارية بـ "سماب" باريس 2019..؟

 

وهل لم يكن من الممكن تنظيم جلسه تواصليه تضم موثقين وممثلين عن مؤسسات حكومية كوزارة العدل والخارجية والجالية والضرائب والمالية والمؤسسات البنكية والموثقين وكل من له علاقة بملف العقارات... يكون الهدف منها هو إرجاع بعض من الثقة المفقودة لمغاربة العالم في أمنهم العقاري...

 

فلم يعد الأمر يقبل كل تسويف أو مراوغة في موضوع  يُـعد مهما وفاصلا في حياة كل مهاجر مغربي، كما أن انتظار الحلول اصبح أمرًا مُـملا يبرر احتجاجات ضحايا مكلومين في ضياع مدخراتهم المالية وحسرتهم  بتبخــر حُـلـم حياتهــم بامتـلاك قـبر الحيــاة في أرض أجدادهم ...

 

والأمر الأكثر جدلا هو حضور التمثيليات الديبلوماسيين من روما وكذا قنصلية ميلانو لمعرض العقار بميلانو نوفمبر 2019، مما أضفى عليه طابع الرسمية، كما أن بعض القنصليات راسلت الجمعيات من أجل العمل على إنجاح المعرض، الذي يصفه أغلب مغاربة العالم "بالفخ".. وهو حضور لم يخدم كثيرا السفير الجديد بروما، كما لم يخدم قنصل ميلانو، بل زاد من درجة إحراجهم أمام الجالية...

 

إن تفاعل الملك محمد السادس مع شكاوى مغاربة العالم في موضوع الأمن العقاري، وتكليفه للرميد بوصفه وزير العدل، آنذاك، من خلال لجنة خاصة بالموضوع، نعتبره من جهة أولى تكليف غير مُسقف زمنيــا، أي أنه تكليف مُستمر باستمرار تواجد ما يُـهدد الأمن العقاري للمهاجرين، ومن جهة ثانية فهــو تكليف غير مرتبط بشخص وزير العــدل السابق، بل هــو مرتبط بمؤسسة العدل والقضاء في المغرب... لذلك فإن احتجاجات باريس وميلانو هي موجهة أساسا لمؤسسات العدل والقضاء بالمغرب...

 

فهل وصلت رسالة المحتجين  انطلاقا من معارض "سماب" للعقار بكل من باريس وميلانو..؟