الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

سداس: حان الوقت لإعادة الاعتبار للمرفق العام لتلبية تطلعات المواطنين في الصحة والتعليم والعدل

سداس: حان الوقت لإعادة الاعتبار للمرفق العام لتلبية تطلعات المواطنين في الصحة والتعليم والعدل فتيحة سداس، نائبة بالفريق الاشتراكي بمجلس النواب

بنبغي بداية القول إن الفوارق الاجتماعية والمجالية التي مازال المغرب يعيشها تؤكد أن دور الدولة يتجلى في تقديم الخدمات للمغاربة. والمرافق العمومية هي الأداة الأساسية التي من خلالها يتم تنفيذ السياسات العمومية، بغاية تلبية تطلعات الأفراد والجماعات. ومن خلال المرفق العمومي تباشر تحقيقه، لهذا كثرت الرؤى وزاويا النظر للمرفق العام إلى درجة أن هناك من ربط بينه وبين مفهوم السيادة. كما تعددت المرافق العمومية وفق دورها، فهناك مرافق سيادية كالأمن والدفاع الوطني، ومرافق اقتصادية واجتماعية. 

والحال أن واقعنا الآن أظهر أننا نعيش واقعا اجتماعيا شديد التعقيد. لا بأس أن أذكركم بأنه ومن موقعي ومن انتمائي لحزب الاتحاد الاشتراكي ذي المرجعية الاشتراكية الديموقراطية، فإن الأوضاع الاجتماعية من الأمور التي تؤرقنا كحزب. وهنا، وإن كان الوضع الذي وصلنا له من عطف على صعيد المرافق الاجتماعية، جعل هناك إجماع بكون المرفق العمومي الذي يتطلب إصلاحًا عاجلًا وسريعًا، منطلقا من رؤية شمولية على مختلف المستويات لتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية الضرورية. لكن رغم هذا الإجماع لا أخفيك سرا بوجود تهرب من إصلاح هيكلي وشامل للمرفق العمومي الذي كان ومازال مطلبا ملحا لتحقيق الديمقراطية الاجتماعية.

لابد من التأكيد انطلاقا من الواجهة البرلمانية، فإن تم العمل من قبل الفريق الاشتراكي رفقة مكونات الأغلبية العمل على توفير الترسانة القانونية التي هي أساس تحقيق الرهانات المطلوبة ومواجهة الاختلالات وتحقيق الفعالية والنجاعة والاقتصاد لمواجهة العديد من الاختلالات التي تجعل عددا كبيرا من  المغاربة غير راضين عن خدمات المرفق العمومي، كما أنه  لايزال العديد من المغاربة محرومين من أبسط حقوقهم في الحصول على رعاية صحية و تعليم جيد ومختلف الخدمات، خاصة في المناطق البعيدة عن المركز، وهو ما يضعنا أمام ضرورة التسريع في إصلاح الاختلالات.

وهنا، فإن أزمتنا ليست أزمة مالية لكون المرافق الاجتماعية تشكل كلفة هامة من الميزانية العمومية على مستوى الدولة، وكذلك على مستوى الجماعات الترابية، الأمر الذي يطرح سؤال مدى ملاءمة الكلفة مع مردودية بعض المرافق العمومية، وأثرها على المواطن المغربي.

 

كما أن العديد من المرافق العامة تحولت إلى مصدرٍ لعدم رضا المواطنين عن السياسات العمومية، ومنها من تحول إلى عائق أمام المستثمرين أو إلى مُعطِّلٍ للمبادرات الاقتصادية ومساهمٍ في عدد لا يستهان به من أشكال الفوضى التي تعرفها بعض القطاعات الحيوية كالتعمير والتعليم والعدل والصحة... ناهيك عن الصورة السلبية التي تسوقها عن المغرب دوليا واحتلاله لمراتب متدنية عالميا على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

لذا فإن بعض المرافق العامة الوطنية والترابية لم تعد تلعب دورها كآلية للتنمية، رغم المبالغ المرصودة لها من المالية العمومية. لهذا فقد حان الوقت لإعادة الاعتبار للمرفق العمومي وفق سلم الأولويات، عن طريق برامج استعجالية شاملٍة تتوفر فيها الالتقائية في الدراسية والتخطيط ورؤية شاملة للمنظومة المرفقية، حيث أن إصلاحها أضحى مسألة مصيرية واستراتيجية يجب تقديمها كأولوية وفق معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والقيم الديمقراطية.

فعملية إصلاح المرفق العام، تتطلب التركيز على الجودة والكفاءة، وإعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة، لتحسين الأداء.

 

ومع ذلك فإن كل المعالجة للاختلالات التي يمكن اتخاذها في هكذا إصلاح، ستظل قاصرة ولن تؤتي أكلها إذا لم تكن مدعمة بإرادة سياسية صادقة وهادفة إلى الإصلاح الجذري وليس إلى مجرد تغيير سطحي في إطار الاستمرارية.

 

وعموما، فإن تنزيل ميثاق المرافق العمومية، وإعمال الحكامة في ما يتعلق بتسيير الإدارة العمومية والجهات والجماعات الترابية والأجهزة العمومية، لإضفاء بعد اجتماعي للسياسات العمومية من خلال الجهوية المتقدمة، عبر اللاتمركز والتعاقد في مجال تطبيق برامج ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقييم البرامج... يمكن أن يقوى الفعالية وتبسيط المساطر والقطع مع الممارسات المنافية للشفافية والجودة في تقديم الخدمات العمومية للمواطنين.