الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار سباعي: الكفاءة والحزب السياسي بالمغرب واقع الآلام والمآل

الحسين بكار سباعي: الكفاءة والحزب السياسي بالمغرب واقع الآلام والمآل الحسين بكار سباعي

وجدت الأحزاب السياسية نفسها في موقف حرج بعد الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ 20 لتربع الملك محمد السادس على كرسي العرش، والذي أكد فيه على وجوب وجود نخب قادرة على التفاعل مع مشاريع المرحلة الجديدة التي تتطلب كفاءات بمختلف مناصب المسؤولية.

 

لفهم التداخل الحاصل بين الكفاءات والسياسة نعود لنذكر قراءنا الأعزاء بسنة 2017، فقد أعفي اكثر من مسؤول من منصبه، بسبب الفشل في تنفيذ السياسات القطاعية المهمة كالتعليم والصحة أو مشاريع تنمية محلية كمشروع منارة المتوسط.

 

المتتبع للشأن السياسي هنا، يسجل سعي الدولة إعادة بناء نموذج تنموي جديد تترجمه على أرض الواقع كفاءات مؤهلة ونخب جديدة في مختلف المناصب والمسؤوليات، غير أن مقومات النجاح يبقى رهينا بانخراط جميع المتدخلين بداية من الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص والهيئات السياسية والنقابية، وفعاليات المجتمع المدني.

 

ولفهم الكفاءة المنشودة لدى الفاعل السياسي فإنه يمكن تفسيرها بالقدرات العالية في الاختصاص، ليس في مفهومها العامي، بل في مفهومها المعرفي، على سبيل المثال، النقد لدى الفاعل السياسي هو التمكن من مقاربة هموم ومشاكل المجتمع والمؤسسات بشكل مغاير ومتفرد. فالفاعل السياسي يجب أن يتوفر باستمرار على رؤية مستقبلية أو استباقية أو استنباطية تمكنه من اقتراح حلول وأفكار متميزة من حيث الشكل والمضمون وحتى التوقيت.

 

في المقابل، الواقع يوقفنا كون الكفاءة لدى الفاعل السياسي المغربي تمت شخصنتها وتم تحديد مفهوم الكفاءة السياسية من خلال هذه الوجوه، ذات السير القادمة من عالم المال والأعمال، أو عالم المقاولة، تم في عديد المرات إنزالها في أحزابها، بل لحظات قبل تثبيتها في مراكزها، ولم تكن أبدا كفاءات سياسية خريجة مدارس الحزبية أو تجربة سياسية، وحوصر مفهوم الكفاءة السياسية في القدرات التدبيرية أي إنجاز المشاريع وبناء المنشآت وتقديم البرامج.

 

مناصب المسؤولية في، ولاسيما الوزارية منها، منحصرة فقط وبشكل قطعي في النخب القيادية داخل هذه الأحزاب، وهو ما يمكن أن نسميه دكتاتورية سياسية يعيشها المنخرط والعضو في الحزب السياسي المغربي.

 

في الحقيقة الإشكال يتجاوز الكفاءات، وهو مرتبط بصناع القرار وليس بالفاعل، ما ينتج عنه عدم القدرة على تحويل التزامات الدولة إلى سياسات فعالة. ويبقى التزام الحكومة على تنفيذ وعودها والقدرة على الاستفادة من الأخطاء حلما نتمنى أن نعيشه.

 

لا يخفى أن العديد من السياسيين اليوم، هدفهم ينحصر بالحصول على المناصب والمكاسب المادية الكبيرة، مقابل جهل كبير واستخفاف بالعمل السياسي، كما يشير إلى ذلك جانب من واقعنا، حيث يغيب أصحاب الكفاءات وتغيب معهم حالات الإنجاز الجيد والتميز في الأداء السياسي.

 

من هنا يجب التصدي إلى هذه الحالات التي لا تخدم الدولة ولا تسهم في بناء مجتمع مدني متطور، ينبغي أن يكون هناك دور سياسي رقابي لكل فرد، ولكل نخبة من موقعها القيادي، حتى يفهم السياسيون أنهم تحت ضوء المجهر والمراقبة دائما، وأن السياسي الذي يعمل في هذا المجال لتحقيق منفعة فردية لا يمكن أن يسمح له في البقاء في عمل يؤثر بحاضر ومستقبل الدولة والمجتمع.

 

- الحسين بكار سباعي، باحث في الهجرة الإعلام وحقوق الإنسان، رئيس مرصد الجنوب لحقوق الأجانب والهجرة