السبت 20 إبريل 2024
سياسة

حميد عبقري:إخوان الريسوني وبنكيران يلتجؤون إلى الحربائية في أرذل تجلياتها لأن قريبة لهم وقع لها ما وقع

حميد عبقري:إخوان الريسوني وبنكيران يلتجؤون إلى الحربائية في أرذل تجلياتها لأن قريبة لهم وقع لها ما وقع حميد عبقري، يتوسط، أحمد الريسومي، و بنكيران (يسارا)

يشرح حميد عبقري، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، في حواره مع "أنفاس بريس"، المنحى الإنتهازي لحزب العدالة والتنمية، وكيفية تعاطيه مع القضايا الأخلاقية، و قضايا الحرية:

كيف تفسر انتهازية حزب العدالة والتنمية في تعاطيه مع القضايا الأخلاقية لأعضائه؟

في كل نقاش مجتمعي، دائما أميز بين منظومتين فكريتين، منظومة فكرية متحررة حداثية لها قناعات قائمة ودائمة، ومنظومة فكرية متزمتة منغلقة وقد تتلون وفق مصالحها الشخصية، ولكلا المنظومتين منهجها الخاص. فمنطلق تضامني مع الصحافية هاجر الريسوني هو قناعاتي الفكرية المستندة على الحريات الفردية، وهي القناعات والمبادئ التي لم تتغير منذ اعتناقنا لها بناء على منظومتنا الحداثية واضحة المعالم، وناضلنا من أجلها، والمغاربة بذلوا الغالي والنفيس من أجل الدفاع عنها. بالمقابل هناك منظومة محافظة منغلقة فكريا تؤمن بالشريعة كمصدر للتشريع المنغلق، وعندما يواجه بمسألة قد تحرجه يبحث عن التبريرات لأنه بلا مبادئ، ولنا في حالات البرلمانية ماء العينين وفاطمة النجار وباحماد والوزير الشوباني، وحالة هاجر بحكم قرابتها من الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، حيث يهرعون إلى الالتجاء لتبريرات قد تكون مناقضة لمنظومتهم الفكرية، وتتماشى مع منظومة التحرر والحداثة، وهذا هو الخطير. وقد رأينا كيف خرج الريسوني وبنكيران وأدليا بتصريحات تعد سابقة وإن تكررت في الحالات المذكورة، من خلال حديثهما عن الحرية الفردية للأشخاص والحياة الخاصة، والخلل في المنظومة القانونية، وتغافلا وحاولا استغفالنا، عندما غضا الطرف عن رأييهما بخصوص الإجهاض الذي يعتبرانه من داخل منظومتهما يهدد نظام الأسرة والاستقرار ويمس بالشريعة الإسلامية ويشجع على الفاحشة والرذيلة والزنا. انظر كيف التجآ إلى منظومة التحرر، فقط لأن قريبة لهم وقع لها ما وقع، إنها الحربائية في أرذل تجلياتها، هذا دون التوسع في تدخل الأمير مولاي هشام، وكيف حشر أنفه في قضية ليست الأولى ولا الأخيرة التي تعرض على القضاء، «وكيفاش زلكَ» في تصريح مجانب للصواب وللواقع..

الخطير أيضا في إعطاء قضية الصحافية هاجر بعدا أكبر منها، هو كشف أقربائها من التيار المحافظ أن “زواجها” تم بالفاتحة وبأن العرس حدد يوم كذا وكذا، لاحظ أيضا كيف أصبحت الفاتحة وهي من المقدس تثار للتغطية على المدنس، بتعبيرهم. فهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها موضوع الفاتحة في الزواج بعد «كوبل» باحماد وفاطمة النجار، مع العلم بأن المنظومة القانونية تستبعد أي زواج بالفاتحة وتناهضه وهناك حملات من أجل توثيق الزواج. لقد أصبحنا بهذا نتهكم على القرآن الكريم، وأصبحت سورة الفاتحة مخرجا لما يعتبرونهم في منظومتهم الفكرية «المعاصي»، وبهذا فإنه بهذا المنطق تصبح كل علاقة جنسية رضائية خارج مؤسسة الزواج بين شخص وخليلته، «حلالا، وجائزا»، إذا تليت في مجلسها سورة الفاتحة بحضور صديقين. إنه تبرير واهٍ، ويبين أنه لسنا أمام تيار ذي مبادئ، بل وضرب لقاعدة في منظومتهم الفكرية، «الحلال بين والحرام بين». وهذا ليس بغريب مادامت «الضرورات تبيح المحظورات»، وحلال علينا حرام عليهم، بهذا سنكون بهذا المنطق أمام مجتمع يشرعن للعلاقات الرضائية بالفاتحة، وهذا خطير جدا..

أين تتجلى الخطورة، والتيار الحداثي يتطلع لشرعنة العلاقات الرضائية بين شخصين بالغين؟

نحن نتحدث عن المنظومتين الفكريتين من حيث المبادئ، التيار الحداثي واضح المبادئ، لكن التيار المحافظ يشرعن لما هو في مصلحته وما لا يمس من «طهرانيته»، ولو كان صادقا في مبدئه لانضم إلى التيار الحداثي ورافع من أجل ترسانة قانونية تجيز ذلك، لكنه يريد الاستمرار في استغلال الدين لتحقيق مآربه الخاصة، وهو يحسن هذا الاستغلال لكل الأوراق، بكل بساطة لأنه منعدم المبادئ ومتشبث بالتبريرات. إنهم بهذا السلوك يتهكمون من الدين، وحادث طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ليس منا ببعيد، وانظر كيف التجأ إلى مبدأ في القانون الفرنسي ليخرج من ورطة دينية، اعترف وأقر بممارسة الجنس رضائيا مع خليلاته كي يبعد عن نفسه عقوبة الحبس. فالمنظومة الفكرية الغربية تحظر استعمال العنف لممارسة الجنس، والعلاقات الرضائية مسموح بها، وهو بهذا التجأ إلى ما يعتبره المدنس للتغطية على جرائمه الجنسية المنبوذة شرعا وفق منظومته الفكرية..

لقد كان على أحمد الريسوني أن يتشبث بمنظومته الفكرية في رجم كل “الزناة”، وألا يحلل لقريبته ما يحرمه على الآخرين، وبهذا يكون متوافقا مع معتقداته.

بهذا نحن اليوم أمام انتهازية فقهاء الظلام جراء استعمالهم المقيت للنص الديني وتنزيله بردا وسلاما على أقربائهم الأسريين أو الفكريين؟

هذه ليست انتهازية فقط بل قمة الخطورة، التي نصبح فيها أمام ما يسمى التقية، وهو أسلوب معتمد عند جماعات الإخوان المسلمين وتستفيد منه، حيث تظهر ما تضمره، فهو يظهر لك اندماجا كاملا في المجتمع، لكن في الوقت المناسب يظهر حقيقته، بعد أن غلط المجتمع فيه وفي معتقداته. وهناك عدد من التكفيريين الذين قاموا بأعمال إرهابية بعد أن مارسوا التقية لسنوات مع محيطهم، التقية عند التيار المحافظ بالمغرب، تظهر عندما يسقط أحدهم في الرذيلة، ويلتجئ للمنظومة الفكرية المناقضة له، لحمايته ولو بشكل مؤقت.. تقيتهم تشكل خطورة كبيرة على المجتمع، ويسقط المتتبع والمهتم في لخبطة فكرية، ويصعب عنده التمايز بين المرجعيتين الفكريتين. هذه التقية ينبغي التصدي لها حتى لا نصبح رهائن اجندتهم، يستعملوننا كيفما شاؤوا.

لكن واقع الحال هو أنه في العديد من الحالات التي تثار فيها مسألة الحريات الفردية، ويكون المعني بها واحدا منهم، يرفعون هذا الشعار، ويجد تضامنا معهم من قبل الحداثيين، وتنتهي القضية بانتصار التيار المحافظ؟

lفعلا هذا هو الملاحظ وكل المعارك التي خاضتها التيارات الحداثية من أجل تقعيد الحريات الفردية، لا تتمم مسارها، وهذا ينبغي أن يطرح ضمن خطة عمل القوى الديمقراطية سياسيا وحقوقيا، بدليل أن من كانوا بالأمس ضحايا التشهير بحياتهم الخاصة، انقلبوا على تلك المبادئ وعادوا لخطاباتهم السابقة في مناهضة الحريات الفردية ومنها الإجهاض، هذا يبين أن المعركة طويلة، ومع ذلك فالنفس الديمقراطي طويل، ولن ينقطع لأن في الأخير تنتصر المبادئ وتنهزم التبريرات، ومع ذلك ثق بي أن بعضا ممن ينتمون لهذه التيارات المحافظة، والذين خيضت من أجلهم معارك الحرية الفردية، ليسوا كما كانوا في السابق، والدليل أن البرلمانية أمينة ماء العينين ليست هي نفسها كما كانت في السابق. لهذا معركتنا في المجتمع بالأساس، مع تسجيل أن الموقف السلبي من قضية الإجهاض والحريات الفردية لا ينحصر في حزب العدالة والتنمية فقط، أو العدل والإحسان، فهناك قوى محافظة في أحزاب أخرى لا تقل تزمتا عنها.