الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي:عيد جزائري برائحة ديمقراطية

كريم مولاي:عيد جزائري برائحة ديمقراطية كريم مولاي
حل هلال عيد الأضحى المبارك، ولا يزال الجزائريون يعاندون الزمن من أجل أن ينالوا حريتهم كاملة غير منقوصة، ولا يزال جنرالات القتل يراوغون ويلتفون على مطالب التغيير، ويرفضون التسليم، تارة بحجة مكافحة فرنسا وتارة أخرى بحجة مكافحة الإرهاب، بينما هم يدركون أنهم هم الإرهاب بعينه، وأي شيء هو الإرهاب إذا لم يكن قتل للنفس البشرية دون أي مبرر..
جاء عيد الجزائر هذا العام بما هو جديد بالتأكيد، إنها الحرية التي فرضها الجزائريون على حكامهم عن سابق إصرار وترصد، بعدما هدموا جدار الخوف إلى غير رجعة.. وأنجز الجزائريون بقليل من الصبر والثبات ما عجزوا عن تحقيقه في عقود طويلة، أسقطوا الصنم ومن حوله، ودقوا الأسافين بين رؤوس العصابة، فانبروا في عراك علني فتحوا به أبواب السجون لمن بنوها وحصنوها بالقوانين الظالمة على مدى عقود الاستقلال المغشوش..
لا شك أن الجزائريين لم يفرحوا بعد بما أنجزوا، لأن العسكر الذين اختطفوا البلاد والعباد منذ الاستقلال، مازالوا هم الفاعل الحقيقي في البلاد، ولن تزغرد النسوة فجر العيد، لأنهن يحتفظن بذلك ليوم يفرح فيه الجزائريون جميعا بحرية حقيقية، تمكنهم من اختيار ليس حكامهم فقط، وإنما في تأمين ثرواتهم، واستعادة سيادتهم بما يحفظ أمن وسلامة الجزائريين، الذين شتتهم الاستبداد في مختلف بقاع العالم..
اعتقد قادة العصابة، أن تنحية الرئيس الميت، واعتقال من كانوا حوله من سدنة، يكفي من أجل التغطية على جرائمهم، وسيقنع الجزائريين، لكنهم ووجهوا بوعي جزائري عنيد مصر على افتكاك حقه في الحرية عنوة مهما كلفه ذلك، فالجزائريون ليسوا أقل حظا من جيرانهم التونسيين، الذين أزاحوا رئيسهم، وتمكنوا من ترسيخ نظام ديمقراطي يمكنهم من التنافس بحرية كاملة على المنصب الأول للدولة، بعد أن أدخلوا تعديلات على نظامهم، تمنح البرلمان والحكومة حيزا كبيرا للفعل وكبح جماح الاستبداد.
يعرف الجزائريون قبل غيرهم، أن الحرية لا يمكن تحصيلها جملة واحدة، لكنهم أيضا تعلموا من التاريخ، أن لا ينخدعوا بقشور التغيير، ولذلك هم يلوحون بكل وسائل التغيير السلمي، من أجل الوصول إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، بعيدا عن أدوات التحكم العسكري، الذي تبين أنه تحكم لخدمة مصالح أشخاص بعينهم، لحساب تحكم دولي في ثروات ومصير الجزائريين..
من كان يتوقع لقادة الدولة من أمثال السعيد بوتفليقة والجنرال التوفيق ويسعد ربراب وغيرهم وصولا إلى الجنرال خالد نزار، أن تطالهم هذه النيران الصديقة التي أحالت حياتهم إلى كوابيس، لولا أن إرادة الجزائريين، التي انطلقت ذات يوم من أواخر فبراير الماضي، منادية بالحرية والخلاص؟
عيد الجزائر هذا العام مختلف بالتأكيد عن الأعياد السابقة، ونحن نتطلع لمستقبل ديمقراطي حقيقي، يكون العسكر فيه جزءا من مؤسسات دولة ديمقراطية، تعلو فيها حقوق الإنسان عن كل قيمة أخرى.. لذلك يحق للجزائريين أن يفتخروا ويفرحوا بعيدهم ي انتظار دخول اجتماعي قريب يرفع فيه رجال المستقبل من الكلية وأساتذتهم رايات النصر للحرية والكرامة.
كريم مولاي، خبير أمني جزائري