الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

حضارة وتاريخ: "المحضرة"طلبة وتلاميذ، "المسيد" أو "الحضار" في ثقافة أهل مراكش (21)

حضارة وتاريخ: "المحضرة"طلبة وتلاميذ، "المسيد" أو "الحضار" في ثقافة أهل مراكش (21) تقدم "لاربعية" بشكل أسبوعي كل يوم الأربعاء

بدون منازع حققت صفحة " مراكش مدينة الألف سنة " التي أحدثها عاشق مدينة سبعة رجال ، الأستاذ "مراد الناصري" سنة 2017 ، بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أهدافها المتعلقة بالنبش في ذاكرة المدينة الأسطورة ، ونفض الغبار عن تراثها العظيم بالكتابة والصورة، وفتح أبواب شخوصها و معالمها العمرانية والتاريخية بمفاتيح الحضارة الإنسانية. " لقد راهنت على إبراز أهمية استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في الجانب الإيجابي، وتمرير رسائل مهمة للجيل الحالي على جميع المستويات، فضلا عن مشاركة ساكنة مدينة الحمراء عشقهم لحضارة مراكش..." يؤكد مراد الناصري.

فعلا إن المبحر في صفحة "مراكش مدينة الألف سنة" يجدها تجربة رائدة في استثمار موقع الفيسبوك إيجابيا، حيث نعتبر أنها جديرة بالمتابعة والتعميم والمواكبة الإعلامية، وتقاسم مواضيعها النادرة مع قراء جريدة " أنفاس بريس"، لتعميم الفائدة طيلة شهر رمضان الأبرك.

"المسيد" مكوّن رئيس في منظومة الثقافة الشعبية المغربية عموما والمراكشية خصوصا حيث يطلق المراكشيون على المسيد اسم "الحضار"

وللحضار أجواء وطقوس، ولكن له أيضا قاموسا ومفردات خاصة به؛ فالتلاميذ أو الطلبة الذين يسمون "المْحْضْرَة" يكتبون في اللوحة بقلم من القصب، والمادة المستخدمة في الكتابة هي الصمغ التي تنطق في الدارجة "الصمخ"، والصمخ يوضع داخل "الدواية" التي تكون مبطنة من الداخل بأطراف من الصوف، وتمسح اللوحة بحجر "الصلصال" قبل إعادة الكتابة فيها من جديد.

وبالنسبة للمحضرة ذوي الخطوط الرديئة أو من صغار السن الذين لم يضبطوا إيقاع الكتابة بعد، فالطالب أو الفقيه قد "يحنّش" لهم؛ بمعنى أنه يكتب لهم الآيات الكريمات بخط دقيق جدا يقتفون أثره ليعيدوا هم الكتابة من بعده بخط أكثر وضوحا.

ومن الطقوس الخاصة بالحضار أيضا ما يسمى بالأربعائية أو "لاربعية" كما تلفظ بالدارجة المغربية؛ وهي إكرامية قد تكون نقدية أو عينية من زيت وسكر وتمر وشريحة وسمن وعسل وخليع وغيرها من الهدايا التي اقتضى العرف أن تقدم إلى الفقيه المعلم بشكل أسبوعي، أما مقدارها فإن كل "محضري" يؤديه حسب طاقة وقدرة أسرته المادية، كما أن العادة والديدن دأب أن تقدم "لاربعية" يوم الأربعاء في الغالب الأعم من الحالات.

عند إتمام حفظ الجزء الخامس عشر من القرآن الكريم أي بعد حفظ سورة الكهف مباشرة، يخرج التلميذ "المحضري" ما يسمى " بالسلكة الصغيرة" أو "نص سلكة"، وهذه العادة كانت منتشرة في البوادي والقرى بالخصوص، أما في المدن، فيخرج المحضري السلكة بعد إتمام حفظه للقرآن الكريم كاملا، ومن عادات البوادي أيضا ما يسمى "المشارطة"؛ أي اتفاق أهل القرية أو البادية على تعيين فلان أو علان كفقيه أو طالب يعلم أبناءهم ويحفّظهم القرآن الكريم داخل المسيد ويؤم الناس كإمام راتب في أوقات الصلوات الاعتيادية...

وأخيرا كان هنالك ما يسمى ب "التحريرة"؛ وهي تقتضي بأن يقوم الطالب أو الفقيه بتحرير المحاضرية وإعفائهم من الدرس سواء الصباحي أو المسائي الذي يكون بين صلاتي العصر والمغرب، وذلك لسبب من الأسباب كانشغاله في بعض الأغراض أو استقباله لضيف مهم يحبذ الانفراد به لكي يأخذ كامل وقته في الحديث بكل أريحية وانطلاق...