الثلاثاء 19 مارس 2024
مجتمع

تاريخ وحضارة : " الشباك" أو "الشبيك" في الهندسة المعمارية المراكشية ( الحلقة 14 )

تاريخ وحضارة : " الشباك" أو "الشبيك" في الهندسة المعمارية المراكشية ( الحلقة 14 ) "الطلان من الشبيك" مظهر من تجليات الثقافة الشعبية المغربية
بدون منازع حققت صفحة " مراكش مدينة الألف سنة " التي أحدثها عاشق مدينة سبعة رجال ، الأستاذ "مراد الناصري" سنة 2017 ، بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أهدافها المتعلقة بالنبش في ذاكرة المدينة الأسطورة ، ونفض الغبار عن تراثها العظيم بالكتابة والصورة، وفتح أبواب شخوصها و معالمها العمرانية والتاريخية بمفاتيح الحضارة الإنسانية. " لقد راهنت على إبراز أهمية استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في الجانب الإيجابي، وتمرير رسائل مهمة للجيل الحالي على جميع المستويات، فضلا عن مشاركة ساكنة مدينة الحمراء عشقهم لحضارة مراكش..." يؤكد مراد الناصري.

فعلا إن المبحر في صفحة "مراكش مدينة الألف سنة" يجدها تجربة رائدة في استثمار موقع الفيسبوك إيجابيا، حيث نعتبر أنها جديرة بالمتابعة والتعميم والمواكبة الإعلامية، وتقاسم مواضيعها النادرة مع قراء جريدة " أنفاس بريس"، لتعميم الفائدة طيلة شهر رمضان الأبرك.
شباك يزهو بمنمنمات مغربية رفيعة الذوق، والشباك أو "الشبيك" كما نناديه بالدارجة المغربية، هو فرجة تمكن من الربط في الرؤية بين الدار والعالم الخارجي الذي يبدأ بالشارع أو الحارة/الدرب، كما قد يكون داخليا تحتضنه أسوار وجدران ذات البيت، وهو عادة أصغر حجما من النافذة.

في بعض الأحيان يكون موقع الشباك شبه مستتر وغير بادي الوضوح للعيان، وذلك عكس النوافذ الاعتيادية أو الأبواب، وهو ما قد يمكّن فريقا من الناس من اختلاس النظر دون أن تتم ملاحظتهم كما يتيح لهم تدقيق هوية الزوّار والضيوف، وبالتالي الإحاطة المسبقة والقبلية بمعلومة تجعلهم في مأمن من "غارات" أو "إنزالات" بعض الضيوف ثقيلي الظل أو غير المرغوب فيهم، أو على العكس من ذلك فقد تكون فرحة عارمة أو حتى زغرودة تكسر جدار الصمت عند استقبال من يهفو إليهم الفؤاد أو خطّاب جاؤوا يطلبون يد فتاة من بنات الدار.

وقد خلدت الأهازيج الشعبية "الطلان من الشبيك" كمظهر من تجليات الثقافة الشعبية المغربية إذ ربطته أغلب الأحيان بعلاقات حب وغرام ما زالت الحواجز تقف إزاءها حجر عثرة بين قلوب المتحابين، وفي هذا الصدد يقول العيط الشعبي المراكشي القديم متغنيا بالحمام في استعارة مكنية عن جمال المحبوب:

( الحمام أوي الحمام...الحمام اللي طلّ من الشبيك...

فين غابوا عليك ماليك...ما نبيعك ولا نشريك...

فرڭ "سرب" الحمام وا هيا لالا...

فرڭ الحمام صار يبرڭم ما سخى بالجيران

بكاني نواحو واهيا لالا...بكاني نواحو ما سخيت فراقو ما سخى بالجيران...

سلمت عليه وا هيا لالا...سلمت عليه فاضوا عينيه ما سخى بالجيران

الحمام اللي فوق السور...شافني وعطاني بوجور...سبب ليا تجي العريجة والحال بعيد .)