الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

سيرة رجل سلطة:الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة4)

سيرة رجل سلطة:الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة4) الحسن مختبر

في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الإعدام ونفذت بعد ذلك.

انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون- الفقيه البصري- اغتيال الجنرال أوفقير - زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان ... عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب... رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح:

أول هجوم سيشنه البوليس على الطلبة داخل الحرم الجامعي بظهر المهراز واعتقال مجموعة منهم

كيف كانت الاستعدادات للمرحلة الجامعية؟

بعد نجاحنا في الباكلوريا أنا ومحمد كرم، برسم الموسم الدراسي 1964/1963، توجهنا إلى كلية الحقوق ظهر المهراز بفاس، وذلك بعد أن انتظرنا دون جدوى افتتاح السنة الأولى باللغة العربية بكلية الحقوق بالبيضاء لكن المسؤولين لم يفوا بوعدهم بهذا الخصوص. فالتحقنا بجامعة فاس في وقت متأخر، وكان في استقبالي الإخوة كرم والهلالي، أول شيء صدمني بعد دخولي الجامعة هو تدخين بعض الطلبة خلال شهر رمضان في واضحة النهار، لأكتشف في ما بعد أنهم كانوا ينتمون للمذهب الشيوعي.

كيف كانت جامعة فاس بعد التحاقك بها؟

خلال تلك المرحلة تم أول هجوم سيشنه البوليس على الطلبة داخل الحرم الجامعي بظهر المهراز، وقد تم اعتقال مجموعة من الطلبة وزج بهم في الثكنات العسكرية. لقد عُرفت تلك المرحلة بحدة الصراع بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والقصر تمثلت في مقاطعة دستور 1962 . وشهد ذلك الموسم الجامعي إضرابات نقابية وسياسية، هيمنت فيها المطالبة باستقلال الجزائر عن فرنسا، واحتلت الجماهير الطلابية سفارة فرنسا بالرباط يومي11 و12 نونبر 1961 تضامنا مع حركة التحرير الجزائرية، وتمت كذلك إدانة حرب الرمال في 1963. فتعرض رئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حميد برادة، آنذاك، للمحاكمة غيابيا وحكم عليه بالإعدام، كل ذلك جعل قوات الأمن تتدخل بعنف.

في هذه المرحلة أيضا كانت هناك اعتقالات وأحكام إعدام وصدور ملتمس الرقابة، لكنني في تلك الفترة لم أكن أستوعب ما يجري، بالرغم من انضمامي، رفقة مجموعة من الأصدقاء، إلى التنظيم الجمعوي والتربوي.

بعد ذلك ستتسجل بكلية الحقوق بالرباط؟

سنة 1964 نجحنا في الانتقال للسنة الثانية بكلية الحقوق بالرباط، في تلك الفترة كان التدريس يتم باللغة العربية في السنة الأولى فقط . في السنة الدراسية 1964/1965 رافقني الأستاذ محمد كرم إلى الحي الجامعي أكدال بمدينة الرباط، أما بقية الطلبة فتوجهوا إلى فاس مثل سمهاري محمد، محمد شوقي، محمد الصبري...

عندما حللت بالرباط، كانت لنا في جمعية "نادي الوعي" شبه شراكة مع إدريس العلام، أحد منشطي برامج الأطفال بإذاعة البريهي وكان معروفا باسم "باحمدون"، كنا نساهم معه في تنشيط برنامجه الترفيهي، وبالمناسبة فقد تزوج من درب الكبير (لا تفوتني الإشارة هنا إلى أن درب الكبير شهد أيضا في تلك الفترة زيارة عبد الرحيم بوعبيد والشهيد عمر بنجلون، بعد العفو على عمر بنجلون والمجموعة سنة 1965، لمنزل إبراهيم بهروز صاحب مقهى يستعمله مقرا للدعاية في الحملات الانتخابية).

في جامعة الرباط، كان أول انخراط لي في خلية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب برسم موسم 1964/1965، وكان المسؤول عن الخلية هو السي أحمد بلقاضي رحمه الله، إضافة إلى فؤاد حسيسن (والده واحد من رجال الأعمال بالشمال)، عبد القادر باينة وعبد الرزاق المعداني. وهذا اعتبره أول عمل سياسي أمارسه بشكل رسمي خلال مدة الدراسة بجامعة الرباط.

وقعت أحداث مارس 1965، كطالب، كنت في حي درب الكبير وقتها في زيارة العائلة، وكان محمد أوفقير يقصف المتظاهرين، وفي تلك اللحظة كنت أتواجد بمنزل بهروز إبراهيم، ثم عدت بعد ذلك إلى الجامعة بالرباط.

كنا بصدد التهييء لذكرى 1965، لكن القوات هاجمتنا وتعرض الحسن كوار في نهاية السنة لاعتداء في الرأس بالحي الجامعي أكدال.