الأربعاء 8 مايو 2024
مجتمع

سيرة رجل سلطة... الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة الثانية)

سيرة رجل سلطة... الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة الثانية) الزعيم النقابي فرحات حشاد بتونس

في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الإعدام ونفذت بعد ذلك.

انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون- الفقيه البصري- اغتيال الجنرال أوفقير - زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان ... عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب... رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح:

مسيرة حاشدة تضامنية ضد اغتيال فرحات حشاد وتزوير السن بهدف اللعب للراسينغ البيضاوي

كيف مرت الدراسة في المرحلة الابتدائية؟

كان المقاومان با العبدي وقاسم بولال يشتغلان في سينما شهرزاد، بالقرب من الحي (درب الكبير)، وكنا نلج السينما ونحن صغار بدون مقابل، والرجلان اختلفا في مسارهما السياسي: المقاوم قاسم بولال لم يعد يهتم بالسياسة فقال للعبدي: "عاد محمد الخامس صافي باركا علينا من السياسة". ومن الصدف الجميلة أن المقاوم قاسم كان عنده أبناء كثيرون من بينهم آخر العنقود الذي تزوج ابنتي الدكتورة لمياء مختبر، اسمه عادل بولال وهو إطار بنكي بالدار البيضاء.

مرحلة الابتدائي انتهت باجتياز الامتحانات (1956 -1957) على شكل أربعة امتحانات، اثنان للفرنسية واثنان للعربية، كان يجب علينا أن نجتاز الشهادة الابتدائية بالفرنسية للمرور إلى الإعدادي. نجحت في العربية والفرنسية، ثم رسبت في شهادة الابتدائي الفرنسية، ونجحت في الشهادة العربية كما نجحت في الدخول الإعدادي بالعربية، وفقا للقانون الذي كان معمولا به آنذاك.

كانت لغتي الفرنسية ضعيفة، فانتابني الرعب والخوف من الفشل أمام المتفوقين باللغة الفرنسية، الذين سيلجون إعدادية فاطمة الزهراء بالحبوس، فدخلت إلى الإعدادية الثانوية أزهر. كان نظامها القديم للحصول على شهادة الباكلوريا يستغرق سبع سنوات، الباكلوريا الأولى من ست سنوات والباكلوريا الثانية في السنة السابعة، في حين تغير النظام وأصبح الحصول على شهادة الباكلوريا يتم في ست سنوات للدخول إلى الجامعة.

بالرغم من أنك كنت لاتزال طفلا في تلك الفترة، ماذا بقي عالقا في ذهنك من أحداث وكيف كانت الحالة السياسية أو بعبارة أخرى كيف كانت الأوضاع العامة للمغرب آنذاك؟

في سنة 1952 تم اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد بتونس، وأنا في السن 8 من عمري، مازالت حادثة الاغتيال عالقة في ذهني إذ خرجت الطبقة العاملة من الحي المحمدي إلى الثكنة العسكرية للفرنسيين، المتواجدة بالقرب من السجن المدني وسجن عين البرجة، وبالقرب من منحدر درب الكبير في اتجاه سينما شهرزاد. كان ذلك بداية طليعة المسيرة العمالية التضامنية، التي وصلت إلى درب الكبير في الساحة القريبة من المسجد، والبقية كانت لا تزال بالحي المحمدي، دخلت وسط أحد الأعمدة الكهربائية الحديدية بمحاذاة المسجد لمشاهدة المسيرة العمالية الاحتجاجية، بعد وصولها بدأ إطلاق "القرطاس"، لم أكن أعرف ماذا يجري، حيث باغتني أخي الأكبر وانتزعني من وسط العمود الكهربائي لتصطدم جمجمتي بقضيب حديدي.

بعد انتهاء المرحلة الابتدائية وولوج المرحلة الإعدادية ماذا تغير في حياتك؟

حياتي بحي درب الكبير كانت رائعة، وهبني الله هواية كرة القدم بحيث كنت أشارك من لم يكن يعرف من اللعبة سوى القوة والعنف، وكان لي أصدقاء من جميع الأصناف والمواهب والهوايات، حتى من أصحاب لعبة الورق ومتعاطي المخدرات، للإشارة فأغلبية الأطفال لم يكونوا يدرسون في ذلك الوقت، ولذلك كانوا يعتبرونني تلميذا مجتهدا ومشاغبا. كنت " كويري " ( لاعب جيد) في الدرب منذ 1956.

في تلك الفترة كان الجميع يريد أن يتجه إلى الرجاء البيضاوي ( كل درب الكبير يذهب إلى الرجاء البيضاوي). كان أغلب الشباب من اللاعبين الممتازين، أذكر منهم حميد بهيج رحمه الله توفي مؤخرا، عبد القادر صامبا، الروبيو رحمه الله .. ويتعذر علي ذكر الجميع . وكلهم أكبر مني سنا، كانوا يلعبون في فريق الرجاء البيضاوي ولا يشتغلون، وكانت أمنياتهم أن يحصلوا على عمل قار. منهم عبد القادر صامبا الذي اتصل به مسؤول غني اسمه أحمد النتيفي، رئيس فريق "الراك" الراسينغ البيضاوي، اقترح عليه العمل في المكتب الوطني للفوسفاط ، والتوقيع مع الراك، والبحث عن مواهب أخرى في درب الكبير وكنت واحدا منهم.

سيتغير مسارك الآن وستمارس هوايتك المحببة، لعبة كرة القدم؟

بالفعل ذهبت مع مجموعة من الأطفال إلى ملعب "سطاد فليب" الذي يحمل الآن اسم ملعب الحاج العربي بنمبارك، قصد اللعب في الفئات الصغرى "المنيم"، لكنني لم أكن قد وصلت السن القانوني للعب، ما اضطر المسؤولين إلى تزوير بطاقة التعريف حيث وضعوا صورة لي وتركوا اسم شخص آخر، كان من الضروري أن تقضي سنتين في فئة الصغار "المنيم" ثم الفتيان "الكادي"، ثم "الجنيور" لتصل إلى الفريق الأول، أي "السينيور".