الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

سيرة رجل سلطة..الحسن مختبر..من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة الأولى)

سيرة رجل سلطة..الحسن مختبر..من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة الأولى) الحسن مختبر
في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الإعدام ونفذت بعد ذلك.
انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون- الفقيه البصري- اغتيال الجنرال أوفقير - زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان ... عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب... رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح:
عائلتي رفضت التحاقي بمدرسة المستعمر الفرنسي وفضلت مدرسة بوشعيب الزموري للحركة الوطنية
نريد أن نبدأ معك من البداية..أين ازداد الأستاذالحسن مختبر وإلى أي المناطق تنتمي؟
كان الميلاد بدرب الكبير بالدار البيضاء زنقة 16 رقم الدار 33، بتاريخ 1 - 1 - 1944،والدي محمد بن عمر، سوسيمن ناحية تارودانت بالقرب من إغرم بدوار إورياك.أما الوالدة فطومة بنت حمو فمن (اولاد حدو سيدي مسعود) ووالدها من المذاكرة، كان من المشاركين سنة 1907، بعد دخول الفرنسيين والأمريكيين مما اضطرهم للنزوح نحو المذاكرة التي تبعد بحوالي 45 كلم عن مدينة الدار البيضاء.
وكان والدي قد هاجر من إغرم التي تبعد بحوالي 60 كلم عن (تارودانت)، بعدما ترك زوجته ببنتين (حجو وفاطنة، رحم الله الجميع)، إلى الدار البيضاء في العشرينيات من القرن الماضي للبحث عن حرفته، وهي صباغة العربات (الكوتشي)،بدأت وضعيته المادية تتحسن، مما اضطره للبحث عن زوجة ثانية بسبب إقامته هنا بالدارالبيضاء مدة طويلة، وتزوج بوالدتي التي كانت متزوجة كذلك من قبل ولها (ولد وبنت) من رجل آخر. هذا الزواج سيعطي شقيقي عمر مختبررجل تعليم مزداد سنة 1942، بعد ولادتي أنجبت والدتي من بعدي ثلاث بنات توفين مباشرة بعد الولادة.
أنعم الله على والدي ماديا فيما بعد، بحيث اقتنى بقعة أرضية بدرب الكبير، وأنشأ دارا مكونة من طابق أرضي به أربع غرف، وطابق أول مخصص لسكناه وبه ازددت وطابق بالسطح به أربع غرف كلها خصصت للكراء. كما اشترى بقعة أخرى خصصها كلها للكراء. وفي منتصف الأربعينيات تزود الحي بالتيار الكهربائي أما الماء فكنا نتزود بهمن السقايات (العوينات). ما أما الماء نتزود به من السقايات (العوينات).
منطقة درب الكبير منطقة مهمة جدا، لها تاريخ طويل في المقاومة والسياسة والرياضة والفرق، كما أن لها جوانب سلبية أخرى مثل جرائم القتل والسرقة.
ماهي الأحداث التي بقيت راسخة في ذهنك وأنت ما زلت طفلا؟
دخلت المسيد وعمري حوالي خمس سنوات إلى حدود سنة 1952، وأتذكر الحملة الكبيرة التي شنها الفرنسيون والمذبحة الرهيبة التي ارتكبتها سلطات الاستعمار الفرنسي بدرب الكبير في السابع من أبريل 1947 في رهان القوة بين المقاومة الوطنية والمستعمر: أحداث "ساليغان" وخطاب المغفور له محمد الخامس بطنجة، وقبلهما وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة1944.
وأنا صغير، كنت أسمع القرطاس في الخارج، والدتي تنادي على أخي الكبير من النافذة (ادخل يا أحمد أدخل يا أحمد..) وهو أخي من والدي وكان يكبرنا تقريبا ب 15 سنة وكان قد بدأ الانخراط في صفوف الحركة الاستقلالية، فجاء أبي وضرب أمي بصفعة قوية على وجهها، سقطت فوقي وأنا في الفراش، وقال لها "كل من فتح النوافذ يرمي بالقرطاس في الخارج". هذه الحادثة مازالت عالقة في ذهني إلى حدود الساعة.
في البداية كنا ننادى بـ"السوسي"، وهو اللقب الذي كنا معروفين به في درب الكبير.
بقيت في المسجد إلى حدود 1952. كانت هناك مدرسة الحديقة التي أنشأها الفرنسيون مجانا، لكن رفض والدي أن ألتحق بها.
متى التحقت بالمدرسة وكيف كان التعليم في تلك الفترة قبل الاستقلال؟
في تلك الفترة جاء أحد أصدقاء العائلة واقترح على والدي ووالدتي أن نغادر، أنا وأخي المسيد ونلج إحدى مدارس الحركة الوطنية التي تم تأسيسها للحفاظ على التراث واللغة العربية بحيث تكون موازية لمدارس الاستعمار.بالفعل ولجت أنا وأخي مدرسة بوشعيب الزموري بشارع أحمد الصباغ، (كان باب مدرسة الزموري مقابلا للثكنة العسكرية والتي يتواجد بها السجن المدني).
أخي دخل القسم الابتدائي الأول وأنا القسم الأول (التحضيري). وبدأت الحركة الوطنية تدرسنا اللغة الفرنسية، أما أخي، في القسم الابتدائي، فلم يدرس الفرنسية. كان مدير المدرسة هو المرحوم الشاتي، وكان المعلم بوخريص رائعا، يضرب التلاميذ كثيرا بغيرة فائضة من أجل تعليمنا. كان مرتبطا بالحركة الوطنية، وقد اعتقل مباشرة بعد نفي محمد الخامس سنة 1953.