الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل تنتصر الفاشية الجديدة في الانتخابات الاوربية بفرنسا وأوربا؟

يوسف  لهلالي: هل تنتصر الفاشية الجديدة في الانتخابات الاوربية بفرنسا وأوربا؟ يوسف لهلالي

هل ينهزم الرئيس ايمانييل ماكرون وحزبه "الجمهورية الى الامام" في الانتخابات الاوربية المقبلة؟ هذا السؤال أصبح مطروحا، بعد استطلاع الراي الأخيرة، والتقدم الذي حققه الفاشيون الجدد بزعامة مارين لوبين، الذين حصلوا على  نسبة 22 في المائة، وهل  تعيد مارين لوبين الاعتبار لنفسها، بعد الهزيمة الكبيرة في الانتخابات الرئاسية والتي فاز بها الرئيس الحالي. لكن هذه المرة المواجهة لن تقتصر على الجانب الشخصي بين مارين لوبين وايمانييل ماكرون، بل  بين  الفاشيين الجدد بأوربا والذين يسعون الى  العودة بأوربا الى الوراء، وبين  من يريدون إعطاء نفس جديد  لاوربا في عالم تهدده النزعات القومية والصراع بين القوى الكبرى.

 وهو ما يعني ان المعركة السياسة  على الصعيد الانتخابي  سوف تكون مرة أخرى ثنائية بين التقدميين والفاشيين بصفة عامة و هي معركة لن تقتصر على فرنسا لوحدها، بل ان تهديد وصول اليمين المتطرف الى  البرلمان الأوربي  يمس اغلب البلدان الاوربية سواء إيطاليا،المانيا،اسبانيا، هولندا  بالإضافة الى  بلدان شرق اوربا و بعض بلدان  شمال اوربا.  أي ان اغلب بلدان اوربا أصبحت مهددة بتصاعد قوة الأحزاب الفاشية، جعلت البعض يقارن هذه الوضعية باوربا  اليوم ، باوربا في  تلاثنيات القرن الماضي. حيث ان الازمة الاقتصادية رافقها تصاعد النزعات القومية.

المشهد السياسي  بفرنسا خلال هذه الحملة  تغيب عنه الأحزاب الكلاسيكية المعروفة،  لينحصر الصراع بين  الجمهورية الى الامام، حزب ليبيرالي مؤيد لاوربا، وتتزعم لائحته وزيرة سابقة  بالحكومة وهي ناطالي لوازو  وبين حزب اليمين المتطرف الذي يتزعم لائحته  شاب غير معروف وهو  جيروم  بارديلا، في حين ان حزب الجمهوريين  وهو يمين محافظ ووضع على راس لائحته   فرنسوا غزافيي بلامي  لا يحصل حسب نفس الاستطلاع على اقل من 13,5 في المائة. اما حزب فرنسا الابية، وهو يسار راديكالي الذي توجد على راس لائحته  مانون اوبري، لم يحصل على 8 في المائة وحزب  الاوربيون الخضر  يتصارع من اجل نفس النسبة. في حين فان الحزب الاشتراكي الفرنسي  لا تتجاوز النسبة التي تمنحها إياه استطلاع  الرأي  اكثر من  5 في المائة، وهي نفس النسبة  بالنسبة للائحة  نوفيل جينيراسون  لبونوا حامو.

أما فيما يخض  حركة السترات الصفراء، فان المنتمين اليها او المقربين اليها  يشاركون في تلاثة لوائح في هذه الانتخابات الاوربية، احداها محسوبة على اليسار والتي يتزعمها المغني  فرانسيس لالان، واللائحتين الباقيتين محسوبان على اليمين المتطرف، وحسب الاستطلاع الأخير، فان مجموع هذه اللوائح المقربة من السترات الصفراء  لن تحقق اكثر من 3 في المائة من  الأصوات في الانتخابات الاوربية المقبلة.

وتم في 3 ماي تسجيل 33 لائحة  انتخابية وهو رقم قياسي بالنسبة للانتخابات الاوربية المقبلة، من حيث عدد اللوائح المشاركة في انتخابات لا تعرف اقبالا شعبيا كبيرا بفرنسا والتي لا تتجاوز نسبة المشاركة فيها اكثر من 40 في المائة حسب أرقام السنوات الأخيرة وهو رقم ضعيف في انتخابات جد مهمة بالنسبة للاوربيين.

بالنسبة لرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون، فان الرهان على هذه الانتخابات الاوربية ودورها السياسي في القارة الاوربية هو جد مهم.

النجاح في هذه المعركة الانتخابية يعني بالنسبة لرئيس ايمانييل ماكرون وحزبه تقوية الجبهة الداخلية، بعد الإجراءات  التي اتخذها على المستوى الاجتماعي من اجل تقوية  موقعه وموقع عائلته السياسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والخروج من الازمة الاجتماعية ومن الاحتجاجات التي تقوم بها السترات الصفراء والتي  وصلت الى 5 اشهر حتى الان. وفي حالة الهزيمة في هذه الانتخابات، فان ذلك يعني تقوية المعارضة خاصة  المعارضة التي يقوم بها اليمين  الراديكالي، الذي سيصبح  المنافس الرئيسي لحزب الأغلبية في غياب المعارضة الكلاسيكية وهي حزب الجمهوريين وحزب  الاشتراكيين  اللذين تراجعا بشكل  كبير مند الانتخابات التشريعية الأخيرة الى حد لم يعد لهم  دور يذكر.

اما على المستوى الأوربي، فان نجاح  اللائحة التي تنتمي الى العائلة السياسية  لرئيس، فهي  تعني   تقوية  المجموعة التقدمية التي يدعو لها على مستوى اوربا وتقوية هذا التيار الذي يريد  الاستمرار في البناء الأوربي وتوقية مؤسساته. لكن في حالة الهزيمة، فان موقف الرئيس الفرنسي سوف يكون ضعيفا لدى باقي شركائه الاوربيين و لن يكون   بمقدوره   لعب دوره كبلد رائد في اوربا، وهو الدور الذي  مازال يلعبه ايمانييل ماكرون  مند وصوله الى الحكم  مند سنتين والذي تصادف مع تراجع قوة  المستشارة الألمانية انجيلا ماركيل، التي لم تحصل على  اغلبية مريحة في الانتخابات  التشريعية  الأخيرة، وقررت تسليم قياة الحزب المحافظ الى خليفة  لها.

. لهذا  فان الرئيس الفرنسي يعول كثيرا على هذه الانتخابات من اجل تقوية موقفه على الصعيد الأوربي  ومن اجل  مواجهة  التيارات الشعبوية التي تقوت  في السنوات الأخيرة بشمال وشرق أوربا. وتعزز موقعها في جنوب أوربا بوصول اليمين المتطرف الى الحكم في بلد أساسي ومؤسس للاتحاد الأوربي وهو إيطاليا.

في ظل هذه الأجواء، فان الرئيس ايمانييل ماكرون أمام  التدبدب الذي  تعرفه لائحته، وبعد الإجراءات الاجتماعية التي اتخذها الأسبوع الماضي، يتوقع العديد من المقربين له ان يشارك في  الحملة الانتخابية وهو عمل يمكن ان يغير مسار هذه الحملة سواء لصالحه كما يحلم بذلك أو تتحول  هذه الانتخابات الاوربية الى  محاكمة لسياسة  الرئيس في السنتين الأخيرتين لحكمه، وهي سياسة اثارت العديد الانتقادات خاصة من طرف السترات الصفراء والفئات الاجتماعية التي تضررت من الضرائب حول المحروقات ومن مختلف الإصلاحات التي قام بها.

لهذا فان هذه الانتخابات هي حيوية ومصيرية لرئيس الفرنسي ولمستقبل البناء الأوربي بصفة عامة، الذي أصبح مهددا في السنوات الأخيرة بسبب تقوي اليمين المتطرف والذي يطمح الى  تحقيق الأغلبية بالبرلمان الأوربي،  من اجل تحقيق هدفه الأساسي، وهو تفكيك مؤسسات الاتحاد والعودة بأوربا  الى الوراء أي الى البلدان القومية القطرية في إطار حدودها القديمة، بعد  ان حققت هذه البلدان  تطورا  كبيرا في السنوات  الأخيرة في ظل مؤسسات الاتحاد الأوربي. وذلك في عدة مجالات، منها  توحيد العملة، وانشاء بنك مركزي، وخلق فضاء حدودي مشترك يعرف باتفاق "شنغن"، بالإضافة الى العديد من القوانين  تجعل من أوربا كثلة موحدة في مواجهة باقي الكثل الكبرى مثل الصين، روسيا و.