الجمعة 26 إبريل 2024
اقتصاد

زهرو: هذا هو السياق العام الذي تنعقد فيه المناظرة الوطنية حول"العدالة الجبائية "وهذه هي الأهداف

زهرو: هذا هو السياق العام الذي تنعقد فيه المناظرة الوطنية حول"العدالة الجبائية "وهذه هي الأهداف رضوان زهرو
على هامش المناظرة الوطنية الثالثة حول" العدالة الجبائية " التي تنظمها وزارة الاقتصاد والمالية أيام 3 و4 ماي 2019، بالصخيرات؛ التقت "أنفاس بريس" بالدكتوررضوان زهرو، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء، ومدير مجلة "مسالك" وأجرت معه الحوار التالي:
*ما هو السياق العام الذي تنعقد فيه هذه المناظرة في نظرك؟
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن "الضريبي/ الاقتصادي/ الاجتماعي"، يعتبر وحدة واحدة ومترابطة؛ فالضريبة تعد آلية أساسية للاستثمار، وللاستهلاك والنمو، وكذلك للاستقرار الاجتماعي، من خلال سياسة ناجعة وفعالة لإعادة توزيع المداخيل.
وتبقى علاقة المواطن المغربي بالضريبة علاقة ملتبسة وغير جيدة على الإطلاق؛ فهو يرى الضريبة بكثير من الريبة، ويعتبرها اقتطاعا غير طبيعي وغير عادل، علما بأن الضريبة ضرورية للنمو و للعيش المشترك كذلك، بالنسبة لجميع شرائح المجتمع، من دون استثناء؛ فهي آلية هامة للسياسة الإقتصادية العامة، من أجل تحقيق النمو وخلق الثروة وتوفير فرص الشغل.
إذن، السياق الذي تنعقد فيه هذه المناظرة، هو إعادة التفكير في أسس جديدة لنموذج تنموي مغربي جديد؛ ذلك أن النظام الضريبي له انعكاس مباشر ومؤكد على كل من الإستثمار والإستهلاك؛ وأي إجراء ضريبي من شأنه أن يؤثر على القرار الإستثماري، وبالتالي على النمو الإقتصادي، وخاصة ما يتعلق بالضريبة على الشركات، والتغيرات في قواعد الاهتلاك المناطق الحرة، والمناطق والمنظومات الصناعية.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر إصلاح ضريبي حقيقي قد تم قبل 30 سنة، 1984 تحديدا؛ وسنة 2013 عرفت تنظيم مناظرة وطنية حول الضرائب، لكن من دون أثر يذكر.
اليوم، الجميع مقتنع بضرورة التخفيف من الضغط الضريبي الحالي. والذي هو في حدود 23%، وذلك من خلال تقليص المعدلات، كل المعدلات، وبالنسبة لجميع الضرلئب، من دون استثناء؛ خاصة الضريبة على الدخل، حتى تواكب معدل التضخم، وتسمح ببروز طبقة وسطى، تساهم في الإقلاع وفي التنمية؛ كذلك توسيع الوعاء؛ وكل ذلك من أجل تحقيق عدالة ضريبية، خاصة إذا علمنا بأن 2% فقط من المقاولات، تؤدي أزيد من 80% من الضريبة على الشركات، وحوالي 3/4 من مداخيل الضريبة على الدخل التي يؤديها الموظفون والأجراء؛ وهو وضع غير طبيعي.
*ماهي الفئات والمصالح المشاركة في ورش هذه المناظرة؟
هذه المناظرة تهم الجميع؛ المقاولة، والإدارة، والأسر؛ تهم المنتج والمستهلك؛ تهم الموظف والمستخدم، بل وحتى العاطل عن العمل؛ تهم الاقتصاد والمجتمع؛ تهم الإستثمار والإستهلاك؛ بعبارة أخرى، تهم التنافسية والقدرة الشرائية؛ تهم النمو والتنمية؛ تهم النموذج التنموي الذي نريده لبلادنا.
إن الإجراءات الضريبية كما هو معلوم، يتم اعتمادها من خلال التشريع الضريبي (قوانين المالية) وأحيانا من خلال قوانين موجهة، تتعلق مثلا بالإستثمار أوبالمناطق الحرة والصناعية أوالمنظومات الصناعية، وغيرها، وأحيانا كثيرة، تأتي في شكل مراسيم وقرارات.
في بلد نامي مثل المغرب، خلق القيمة شيء مطلوب، بل وأساسي، بهدف تنشيط الإقتصاد والرفع من ديناميته، ذلك أن خلق القيمة مرتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة الإجراءات الضريبية، وخاصة منظومة التحفيزات؛ مما قد يساهم في الرفع من الإنتاجية، وبالتالي من القدرة التنافسية، للمنتوج، وللمقاولة، للإقتصاد الوطني برمته، وذلك يرجع إلى الطريقة التي يتم بها التحفيز، ومدى تأثير ذلك التحفيز في النهاية، على الإستثمار، وعلى الإستهلاك، وعلى استقرار الأسعار، أسعار المواد والسلع والخدمات.
إذن، هي معادلة صعبة جدا؛ كيف تحافظ على الإستثمار وعلى الإستهلاك في نفس الوقت؟ على العرض العام وعلى الطلب العام؟ على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين ، وعلى التوازنات الماكرو اقتصادية؟
بمعنى، أن السلطة الوصية هي في بحث دائم على التوازن،؛ توازن الميزانية العامة، وتوازن المنتج، وتوازن المستهلك؛ أي توازن الإقتصاد وتوازن المجتمع؛ وكل دولة،تحاول جاهدة أن توازي بين الحفاظ على الإستقرار الإقتصادي والميزانياتي، وفي نفس الوقت على السلم الإجتماعي.
*لكن هل هي مناظرة من أجل إصلاح المنظومة الضريبية أم تغييرها؟ ولفائدة من؟
مداخل الإصلاح كثيرة ومتعددة، نذكر بعضها، وأهمها:
- تجميع كافة الإجراءات التحفيزية في إطار واحد، حتى لا تبقى مشتتة في أكثر من جهة، والعمل في الآن ذاته، على تدقيق معايير الإستفادة منها، حتى ننهي مع ما أسميه "حالة التنافي الضريبي"؛ وهو الأمر الذي سيضفي مزيدا من الشفافية والمصداقية والثقة، ويساهم من دون شك، في تبسيط المساطر، بالنسبة للمستفيدين، مستثمرين محليين أو أجانب.
- تخفيض المعدلات، جميع المعدلات؛ مما قد يساهم في تخفيف الضغط الضريبي، على المقاولة، وعلى الساكنة النشيطة، وخاصة منها، الشرائح الدنيا.
- توسيع الوعاء الضريبي، ليشمل كافة القطاعات، بما فيها القطاع غير المهيكل، بعد إدماجه في النسيج الاقتصادي المنظم.
- إن أي إصلاح يجب أن يسير في اتجاه تجويد الخدمات، خدمات الإدارة الضريبية، تسهيل عمليات الأداء والتحصيل، والوصول إلى المعلومة، وخاصة، المعلومة الضريبية.
- إعادة النظر في آليات التحفيز الحالية، والوقوف على مدى أثر هذه التحفيزات أو أي تحفيزات أخرى في المستقبل، على الاقثصاد، على المقاولة، على المستهلك وعلى الأسر كذلك .
- تحديث الإدارة الضريبية، والتوجه سريعا، نحو الرقمنة، واعتماد الوسائل الحديثة، في التواصل وفي الأداء.