الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان: في الحاجة إلى برامج تعليمية لتكوين جيل جديد قادر على مسايرة العلم بلغته الأم

أمين لقمان: في الحاجة إلى برامج تعليمية لتكوين جيل جديد قادر على مسايرة العلم بلغته الأم أمين لقمان
لست ضد العربية فهي العمق والتاريخ والحضارة، وفي غمار هذا النقاش الدائر حول لغة التدريس؛ أقول فلندرس أبناءنا بكل لغات الحضارات المتقدمة، لندرسهم منشأ العلوم الحديثة بلغاتها الأصلية، ليس عيب أن ندرس الطب والهندسة والرياضيات بالفرنسية، وليس عيبا أن ندرس أبناءنا الاعلاميات والتكنولوجيات الحديثة والرقميات وعلوم الفضاء بالإنجليزية، وليمضي طلاب الآداب والعلوم الإنسانية في دراسة جميع لغات الأرض بلغاتها الأصلية عبرية وفارسية وصينية وإيطالية والمانية وإسبانية وغيرها ويعتبر ذلك مفخرة لجامعاتنا ولطلابنا...ولندون مراسلات إداراتنا بلغتنا العربية وهذا أضعف الإيمان احتراما للدستور والأمة.... ولندعم الأمازيغية في مواطنها الأصلية... كل ذلك ، دون أن تحشرونا في إشكالية كلاسيكية تنتصر للماضي أو ترى في فرنسا الحاضر والمستقبل..وكل ذلك ، دون أن ننتقص من العربية كلغة للعلم وللمستقبل إذا وجدت إرادة للنهوض بها في سياق نهضة شاملة لدولة وطنية متحررة من قيود الإستعمار الحديث.
فلقد درست سوريا الطب الحديث في جامعاتها والرياضيات بالعربية في إطار مجهود لمجمعات مختصة، وشيدت بلاد فارس كل علومها في الهندسة والصناعات العسكرية والطبية بالفارسية،
وسارت على ذلك روسيا وأوكرانيا وإيطاليا وماليزيا بلغاتها الوطنية، وقس على ذلك الجودة الألمانية وكل إنتاج شبه الجزيرة الكورية.
فالمسألة إذن، ليست في عيب أو عطل في الأداة في لغتنا العربية، لكن العطل في المحرك وفي قوة الدولة على أن تشق لها مسارا علميا وتنمويا يعتمد لغة الأمة ليس في الترجمة والتعريب فحسب..ولكن في الإطلاع على العلوم المعاصرة وإعادة صياغتها وتدويرها من خلال المختبرات والمجمعات العلمية لصناعة الجودة في البرامج التعليمية لتكوين جيل جديد قادر على مسايرة العلم بلغته الأم.
فلا تدرس الصين طلابها الطب بالفرنسية ولا تدرس هولاندا طلابها الهندسة بالألمانية كما لا تدرس إسبانيا طلابها بالكورية.
نحن في حاجة للغات ودراسة اللغات طبعا لكننا في حاجة أيضا للتحرر والانطلاق..في حاجة إلى جودة التعليم وتعميمه على المغاربة في مؤسساتهم التعليمية والجامعية وأن لا تظل الجودة حكرا على الطبقات البرجوازية في مؤسسات خاصة..هذا هو الأساس...أما أن ننخرط في صراع الديكة بين من مع التدريس بالعربية ومن مع الفرنسية فذاك تحريف للحقيقة.
والله أعلم.