السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

تاوريرت تحتفي بـ"مضارب الشقاء"للكاتب عبد القادر بوراص

تاوريرت تحتفي بـ"مضارب الشقاء"للكاتب عبد القادر بوراص الكاتب ، و الصحافي عبد القادر بوراص، و في الصورة مجموعته القصصية
تنظم جمعية " واد زاالثقافة و الإبداع و التنمية"بتاوريرت، وجمعية تاوريرت الخير، حفل توقيع المجموعة القصصة "مضارب الشقاء"، للكاتب و الصحافي، عبد القادر بوراص، يوم السبت 9 مارس 2019، بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة و التحرير.
حيث يقوم الكاتبان عبد المجيد طعام/ و بلقاسم سيداين، بتقديم قراءتهما للمجموعة القصصية، " مضارب الشقاء"
في هذا السياق نورد، كلمة القاص عبد القادر بوراص، وقراءة الكاتب عبد المجيد طعام لـ" مـــضارب الشقاء":
"مضارب الشقاء" - يقول الناشر، القاص عبد القادر بوراص- نبش في الذاكرة يشهد على زمن جميل رغم الجهل السائد وقتذاك الذي تولدت عنه بعض التصرفات غير السليمة والعفوية، ومنظومة حية لمدينة عرفت سبقا في التسامح والتعايش الروحي، وانفتاح الساكنة على معتنقي الديانات الأخرى بنوع من الثقة والاحترام، ميزها بشكل قل نظيره. كان زمن التآخي المبني على الحب والاحترام والتضامن والتآزر، بعيدا عن كل مظاهر التطرف.. لم يكن هناك مسلم أو يهودي أو مسيحي، ولا سني أو شيعي، بل كان حب الإنسان لأخيه الإنسان بغض النظر عن معتقداته ومذاهبه وميولاته. مرحلة تميزت بالحكمة والتبصر رغم بساطة عيش المواطنين وأدواتهم...
"مضارب الشقاء" صورة كاريكاتورية لشخصيات واقعية، وأحداث ووقائع تضرب بجذورها إلى ماضي بلدة منسية حجزت لها مساحة أرضية ضيقة بين الحدود المغربية الجزائرية، لتنسج تاريخا للمدينة، بمختلف جوانبه: اجتماعيا، فكريا وتجاريا. وتستحضر بعض الظواهر الاجتماعية من خلال رصد عدد من الأعراف والطقوس والعادات، تم عرضها بلغة القاموس السائد آنذاك، بعض من ألفاظه انقرضت والبعض الآخر في طريقه إلى الانقراض.
"مضارب الشقاء" تسليط لكشافات الضوء على الحركة الاقتصادية بأحفير في فترة معينة، ومدى تعامل المسلمين مع اليهود، والمنتوجات التي كان ينبني عليها اقتصاد المدينة، خاصة عملية نسج الجلاليب باعتبارها مورداً أساسيا ومصدر عيش عائلات كثيرة.
-قراءة  الاستاذ،عبد المجيد طعام:
يقول كانط :" النوسطالجيا هي أن نتمنى عبثا إلغاء الزمان الفاصل بين الرغبة وبين الظفر بالمرغوب به " لست هنا لأقدم عرضا في الفلسفة وإنما لأقوم بقراءةأولية"لمضارب الشقاء" ، المجموعة القصصية لصديقي العزيز الأستاذ عبد القادر بوراص، قراءة تروم الوقوف عند بعض الحوافز التي قد تدفع الفرد للكتابة والتي قد تكون قد دفعت السي بوراص أيضا إلى امتطاء صهوة القلم ليسافر بنا بين مضارب شتى قد تكون شقاء صرفا وقد تكون ممزوجة بالفرح.
إن استعارة مفهوم النوسطالجيا من "كانط"يوشك أن يكون ضرورة أثناء قراءة "مضارب الشقاء"، لأن الأستاذ عبد القادر يغامر في متاهات الذاكرة ويجعل من النوسطالجيا أداته الأساسية للهروب من سلطة الواقع وما يمليه على المبدع من تقيد بالوصف المنطقي بكل سلطته وجبروته وقوته، بواسطة النوسطالجيا تتشكل العوالم القصصية وتتالى كلوحات ولدت مع ولادة الكاتب وترعرعت في أحضان البادية والمدينة معا .
النوسطالجيا هي محاولة للتذكير بالهوية، بل هي البحث عن الهوية بكل تعاريفها ومقارباتها، التي قد تكون قد ضاعت منا في خضم الصراعات المتشابكة التي نعيشها، والهوية هي ما يعطي للحيز الوجودي حدوده وتفاصيله ودوره، بما هي ازدواج والتباس، أي أنها –بعبارات أخرى- ليست كائنا أو كينونة صافية ثابتة، تتساوى / تتماهى مع ذاتها، إنما الهوية هي عملية "إدراك" و"مساءلة"، و"تحول" و"انفتاح"، فبقدر ماهي مركبة وملتبسة، فهي سوّية ومفتوحة على تعدد الأبعاد والوجوه، وديمومة القراءة الذاتية ومنها للتحول، ذاتيا وعلاقاتيا، مع الذات والآخر.
لا أقول إن عبد القادر بوراص يبحث عن هويته، وإنما يسعى لإكساب الواقع هويته، بل يريد أن يعطيه معنى بالنبش في الذاكرة والبحث في الجذورالشعورية واللاشعورية، وهكذا يبدو الكاتب جد ملتصق بهذا الواقع يمتح منه عالمه القصصي، يتراوح فيه بين الماضي والحاضر، بين المتخيل والحقيقي، فتنشأ عن ذلك مجموعة من الثنائيات تكثف الصراع الذي قد يبدو أحيانا كثيرة صراعا دراميا بمواصفات مسرحية بحتة.
تسقط أحيانا كثيرة واقعية المجموعة القصصية في إطار الواقعية التسجيلية التي قد تأخذ أحيانا بعدا إثنوغرافيا، حيث يتجول بنا الكاتب في مضارب شتى نكتشف فيها حياة بسيطة مفعمة بالفرح والمعاناة في نفس الآن فنعرف المنسج والمدرة والقردية والصني والكعك والفرن التقليدي. ويبدو أن السي عبد القادر بوراص يستعمل كل حواسه أثناء الوصف والسرد، ما يضفي على النص القصصي متعة جميلة تذكرنا أحيانا بالانطباعية التي تأسست في الرسم على يد كلود مونيه وبرع فيها الرسام الهولندي فان جوخ، لكن انطباعية كاتبنا يجسدها السرد القصصي الذي يهتم أحيانا كثيرة بالتفاصيل .
حاولت أن أقوم بقراءة أولية للمجموعة القصصية "مضارب الشقاء" للأستاذ الصديق عبد القادر بوراص على أن أخصص للمجموعة وقفة متأنية لدراسة جوانبها الفنية في المستقبل القريب.ولايسعني هنا إلا أن أشكر السي بوراص على وضعه الثقة في تعاونية زيري للطباعة لتتكلف بطبع ونشر أول باكورة إبداعه، كما أشكره على تشريفي لكتابة تقديم لمجموعته، وأتمنى ألا تكون الأخيرة، لأننا بحاجة إلى سفر دائم في الذاكرة واكتشاف ثاقب للواقع.