الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

المحكمة تغرم مكتب السكك الحديدية بسبب تأخر القطار، وهذا ماقضت به

المحكمة تغرم مكتب السكك الحديدية بسبب تأخر القطار، وهذا ماقضت به محطة القطار الميناء الدار البيضاء

في تطور لافت لفكرة التقاضي، أصدرت المحكمة التجارية بالرباط، مؤخرا حُكماً يقضي بتعويض قدره 20 ألف درهما لفائدة مُحامٍ متمرن تقدم بدعوى ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية لطلب التعويض عن الضرر اللاحق به نتيجة التأخيرات المتكررة في سير حركة القطارات.

 

ملخص القضية

كانت القضية قد بدأت فصولا حين تقدم مدّع بتاريخ 12 يونيو 2018 بدعوى أمام المحكمة التجارية بالرباط. وبعدما أوضح المدعي في دعواه أنه محام متمرن بهيئة الدار البيضاء، يتابع دراسته بسلك الدكتوراه، بمختبر القانون والتنمية، بكلية الحقوق بمكناس، وأنه كثير التنقل والسفر، أدلى بأن المكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF، سبب له أضرارا كثيرة، جراء تأخراته غير العادية وغير المبررة عن المواعيد المحددة. وأعطى عددا من الأمثلة على هذا التأخير باليوم والساعة ومدة التأخير، وأكد أنه في كل مرة يكون مضطرا إلى التعاقد معها من جديد كونها المؤسسة الوحيدة في النقل السككي؛ وقد قدّم هذه الدعوى بعدما ضاق ذرعا من إخلالاتها المتعددة بالتزاماتها. ويلحظ أن المحامي المتمرن أسهب في توضيح ضرره: فالوقت يشكل "عنصرا حيويا في حياة المحامي لالتزامه بمواعيد وجلسات وإجراءات، كما أنه باحث في صف الدكتوراه وملتزم أيضا ببرنامج بحث منضبط مع مؤسسته في إطار مشروع إعداد الأطروحة، فضلا عن التزاماته البيداغوجية مع إدارة المؤسسة". وعليه، أدّت التأخيرات المتكررة إلى "إحراجه مع ممرِّنه، إضافة إلى إلغائه مواعيد عدة، كما نتج عن ذلك تخلفه عن حضور الافتتاح الرسمي لندوات التمرين المنظمة من طرف هيئة المحامين بالدار البيضاء".

ردا على هذه الدعوى، التمس المكتب الوطني للسكك الحديدية رفضها لعلّة أن هذه التأخيرات عادية نظراً للأشغال وأوراش البناء التي تعرفها مرافق السكة.

 

موقف المحكمة

اعتمدت المحكمة في دراستها للقضية على مقتضيات المادة 479 من مدونة التجارة التي تنص على أنه "إذا تأخر السفر، فللمسافر الحق في التعويض عن الضرر". وخلصت الى أن المادة المذكورة أوردت قاعدة جوهرية مؤداها أن الناقل ملزم بتحقيق نتيجة تتمثل في إيصال المسافر في الوقت المحدد في الاتفاق، وأنه عند إخلاله بهذا الالتزام يكون من حق المسافر مطالبته بالتعويض عن الضرر الحاصل له من جراء التأخير.

واعتبرت أن ما تمسك به مكتب السكك الحديدية لجهة أن "التأخيرات المنسوبة إليه تعتبر عادية نظرا للأشغال وأوراش البناء التي تعرفها مختلف مرافق السكة" لا يعفيه من مسؤوليته عن الأضرار اللاحقة بالمدعي، لكون هذا السبب لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة أو الحادث الفجائي، ولا تتوفر فيه شروطهما، ما يجعل ما أثير بهذا الخصوص على غير أساس ويتعين رده".

وعليه قضت المحكمة التجارية بإلزام المكتب الوطني للسكك الحديدية في شخص ممثله القانون بأدائه لفائدة المدعي تعويضا بمبلغ 20 ألف درهم أي ما يقارب ألفي دولارا أميركيا.

 

ملاحظات حول حكم المحكمة التجارية بالرباط

تبرز أهمية الحكم في كونه أقر مبدأ امكانية التعويض ماديا عن الأضرار اللاحقة نتيجة تأخيرات مواعيد القطارات بعدما، كان الاجتهاد القضائي في قضايا مماثلة يقر بالتعويض المعنوي. جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا): "أن تأخر السفر يعطي للمسافر الحق في التعويض عن الضرر إذا كان التأخير غير عادي، ولم يبقَ للمسافر بسببه أي فائدة في السفر". وأضاف هذا القرار: "إن عدم حضور المحامي للجلسة بسبب تأخر القطار يعتبر ضررا معنويا مبررا للتعويض لأن من شأن ذلك المساس بسمعته كمحام لدى موكلته".

من جهة ثانية، فإن القرار يعكس تطورا في فكرة اللجوء إلى القضاء، حيث يلاحظ عمليا أن كثيرا من وسائل النقل في المغرب -على غرار العديد من بلدان المنطقة- تتأخر بشكل غير عادي، مما يثير احتجاجات واسعة لدى المرتفقين. غير أن الملاحظ أنه ليس لدى المواطنين الوعي والجرأة للتقدم أمام المحاكم المختصة لطلب التعويض عن هذه التأخيرات.

ومن المأمول أن تسهم مثل هذه القضايا في تحسين المكتب لأدائه وخصوصا لجهة احترام مواقيت السفر، كما وأيضا نشر التوعية الحقوقية والقانونية وإذكاء ثقافة اللجوء الى القضاء لحماية الحقوق والحريات.