الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

عبد الوهاب دبيش: الجانب المقيت في موقف العدالة والتنمية ألا يرتفع الانتماء الوطني على الحزبي في نازلة حامي الدين!

عبد الوهاب دبيش: الجانب المقيت في موقف العدالة والتنمية ألا يرتفع الانتماء الوطني على الحزبي في نازلة حامي الدين! الأستاذ عبد الوهاب دبيش (يمينا) وعبد العالي حامي الدين

حين يتعلق الأمر بالإخوان، وحين يسائل أحدهم عما اقترفته يداه، جميع الآليات تصبح أداة لتبرئة الفاعل، بما فيها من يقع في صف من أوكلت له مهمة تدبير الشأن العام.

الحكومة يرأسها أمين عام حزب الإخوان، يوقع بيانا يدين فيه نفسه باعتبار وظيفته التي تتجاوز دستوريا موقعه الحزبي.

الأمر سيان بالنسبة لوزير حقوق الإنسان ووزير الدولة الذي كان أول مناصري من ساهم في جريمة مقتل أيت الجيد، بل إن الرجل نزع عنه صفة تمثيلية الدولة وطعنها في ظهرها، لأجل مناصرة حليفه الحزبي، متناسيا أن وظيفته التي يلتهم منها أجرا شهريا تفرض عليه واجب التحفظ في قرار فرضه القضاء المستقل؛ وأكثر من ذلك فإنه تناسى أنه حين كان وزيرا للعدل كان من المفروض عليه ألا يتستر على زميله في الحزب احتراما لمهمته الدستورية التي هو مكلف بها، بل كان عليه من أجل ذلك أن يلتزم واجب التحفظ حتى لا يطعن في نفسه.

اكثر من ذلك، أمين عام -رابطة عولاما- (هكذا) الإخوان، خرج بفتوى تؤكد توجهه الحزبي ومنطق مؤازرة أخيه من باب "أنصف أخاك ظالما او مظلوما".

لكنه هنا يقر بجريمة زميله وتلميذه في الأخونة، فيطالب بأن يؤدي الفاعل دية القتيل تطبيقا لشريعة دينية يريد فرضها على خلق الله من باب فرض الدين عنوة وضدا على مبدأ حرية الاختيار الذي أمر به الخالق عز وجل.

منطق هؤلاء الثلاثة غريب ومقيت وظلامي ومحرج بالنسبة لدولة لها دستور، يشهد العالم بتميزه عما حوله من البلدان.

أولى مشاهد الحرج قد يسائل حلفاءنا من الدول الأوروبية التي تدافع عن النموذج المغربي الذي حقق تقدما غير مسبوق في مجال من هو مشرف دستوريا عليه؛ إذ كيف سيثق فينا الأوروبيون وهم يرون بأم أعينهم أن وزير حقوق الإنسان يؤازر قاتلا وينتقد قضاء بلاده علانية دون إحراج لمنصبه السابق كوزير للعدل؟

الجانب المقيت في موقف العدالة والتنمية أن لا يرتفع الانتماء الوطني على الحزبي في هذه النازلة.

وظلامية هذا الموقف أن أصحابه يريدون العودة بنا إلى أزمنة ليس لها من عبرة في التاريخ غير إعطاء الدروس واستخلاصها في تجنب تكرار أحداثها، عملا بمبدأ كوني هو تقدمية التاريخ لا رجعيته، والإحراج يأتينا من أن هذا السلوك يجعلنا في وضعية من يعترف علانية بتخلف مجتمعه عن ركب الحضارة الإنسانية، ويقر بأن الخروج منه يتطلب اجتثاث منابعه، وهم الإخوان أينما وجدوا في المغرب أو في مصر أو في غيرهما من بلدان المعمور!!

- عبد الوهاب دبيش، باحث وأستاذ جامعي