الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل اقنع ماكرون " السترات الصفراء؟"

يوسف لهلالي: هل اقنع ماكرون " السترات الصفراء؟" يوسف لهلالي

"فرنسا لم تقم بالكثير من اجل الانتقال الايكولوجي، وسوف نعمل على جعل الانتقال الايكولوجي ممكنا لجميع الفئات الاجتماعية ومن خلال مشاورات مفتوحة مع كل المواطنين يقول الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون حو الانتقال البيئي ببلده في خطاب امام  بمناسبة تشكيل المجلس الأعلى للمناخ.

واعتبر ان الغاضبين هم ضحايا سياسات عمومية فرنسية مند أربعة عقود تشجع الاعتماد على الديزيل في التنقل والتسخين والعمل ، ووعد بمساعدة الدولة لهم للخروج من هذه التبعية الكبيرة لهذه الطاقة الملوثة نحو طاقة نظيفة، هدف هذه القرارات هي تحقيق الانتقال الايكولوجي دون التخلي عن هذه الضريبة على المحروقات. وذلك من خلال انتاج السيارة النظيفة في فرنسا، ومن خلال  توفير تسخين بالمنازل اقل استهلاكا لطاقة، اقفال المركبات التي تشتغل  بالفحم الحجري، الحد من الاعتماد على البترول وتحقيق استقلالية فرنسا. مع مساعدة أصحاب الدخل المحدود من خلال مقاربة  برغماتية.

واهم قرار اتخذه الرئيس هو الحد من الضرائب على المحروقات في حال ارتفاعها  في السوق الدولية وهو نفس القرار الذي اتخذه الوزير الأول ليوينل جوسبان سنة 2000 عندما ارتفعت أسعار البترول في السوق الدولي. حيث تم خلق ميكانيزم يخفض الضرائب عندما ترتفع الأسعار.

اطلاق حلول عملية مع المدن والجهات من اجل الوصول الى حلول واقعية. والحد من الطاقات الاحفورية المسؤولة عن 70 في المائة من انبعاث الغازات، وعلى المستوى  الطاقة النووية  قال الرئيس الفرنسي انه لا يمكننا تحديد السيناريو للخروج من هذه الطاقات وانه لا يمكننا تعويض الطاقة المنتجة من طرف المركبات النووية.

الخروج التدريجي من الطاقات الاحفورية من اجل تحقيق  الاستقلال الطاقي وعدم الاعتماد بشكل كبير على الخارج خاصة روسيا والعربية السعودية وايران يقول الرئيس الفرنسي.مضاعفة انتاج الطاقات النظيفة تلاثة مرات  في المستقبل بفرنسل،  ودعى الرئيس الفرنسي بناء نظام  جديد  واختيارات جديدة تتلائم مع التحول الايكولوجي وإنتاج طاقة نظيفة.

هذه حزمة من الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفرنسي من اجل الحد من غضب الشارع ومن اتظاهرات السترات الصفراء بجميع التراب الفرنسي ، وتميزت بعنف كبير بين الشرطة والمتظاهرين يوم السبت الأخير بباريس.

ارتفاع  الضرائب  فجر الشرخ الاجتماعي والترابي  العميق الذي تعرفه فرنسا، وهو الذي جسدته احتجاجات "السترات الصفراء، مند اكثر من أسبوع،  دروة هذه الاحتجاجات  تجسدت فيما شهدته العاصمة الفرنسية  يوم السبت  الماضي من احداث للعنف   وإتلاف وسرقة  للممتلكات بأشهر  واغنى شوارع  باريس، بالإضافة الى اعتقال ومحاكمة العشرات من المتظاهرين. وهي اعمال قال الرئيس الفرنسي غير مقبولة ولا يفهمها في خطابه حول الانتقال الطاقي.

 

 قرارات  الاليزيه هي  من اجل تهدئة غضب "السترات الصفر"، ومن اجل  بعث رسالة الى الفرنسيين وهي ان الرئيس  سمع مطالبهم  التي من خلال   رفع الدعم  لتدفئة بالنسبة للأسر المتواضعة، وإعطاء التعويضات عن التنقل وإعطاء تخفيض ضريبي على  الاشغال التي من شأنها الحد من انبعاث  الغازات واستمرار التلوث،  ومنح تعويضات للاسرة المتواضعة  اثناء تغيير سيارتها القديمة باخرى اقل تلويثا للهواء.لكن هل يمكن تحقيق الانتقال الايكولوجي مع  الاخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي لعدد كبير من  الفئات الاجتماعية. ومساعدتها على تجاوز هذا الانتقال دون ان تزداد فقرا.

 

العنف   الذي شهدته العاصمة يعبر عن الشرخ الكبير داخل المجتمع الفرنسي  والتباين بين  المناطق و الغضب  فئات واسعة  من المجتمع الفرنسي  والتي تشعر انها مهمشة وغير حاضرة في القرارات التي تأخذها النخبة بباريس، خاصة الضريبة الايكولوجية  التي تستهدف  محروق الديزيل الذي تستعمله فئات واسعة من المجمع الفرنسي في التنقل والعمل والتسخين خاصة في القرى والحواضر التي لا تتوفر على وسائل النقل العومي.

هذه الحركة التي تمثل غضب مواطنين  يعتقدون ان السياسيين لا يسمعون لهم، وان مستواهم المعيشي يتراجع والضرائب ترتفع، يوما عن يوم، وتراجع القدرة الشرائية للفرنسيين ونسبة بطالة مرتفعة.

 

الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون عبر عن تفهمه للحركة في جانبها السلمي ووعد باتخاذ عدد من الإجراءات لاحتواء هذا الغضب الشعبي وللإجابة على تطلعات  ومطالب جزء كبير من الفرنسيين ولكن في نفس الوقت  يراهن  على انقسام هذه الحركة التي  نشأت اثر الغضب من  الضريبة على المحروقات.  وهو ما يمكنه من الاستمرار في تطبيق سياسته.

بعد العنف في  الشون اليزيه، هناك انقسام حول  مستقبل هذه الحركة والمنحى الذي سوف تأخذه وأصبحت هي الأخرى مجبرة على التنظيم  من خلال تعيين ناطقين رسميين  باسم وهنا برزت بعض الخلافات بين السترات الصفراء  من اليسار والسترات الصفراء من اليمين، كما برزت خلافات حول مسار الحركة الاحتجاجية  بين من يدعو الى تظاهرة كبرى ثانية بباريس في  الفاتح من ديسمبر وبين من يدعون الى استمرار الاشكال الاحتجاجية بمدنهم وقراهم. وشكلت هذه الحركة ناطقين باسمها  الذين سوف يلتقون مع وزير البيئة والتنمية المستدامة  فرنسوا دوغيجي  بعد ظهر يوم التلاثاء وهو قرار لم ينل اتفاق كل السترات الصفراء حول من يمثلهم بهذا اللقاء.

المتظاهرون يتذكرون ان الرئيس السابق فرنسوا هولند  اضطر الى التراجع  تحت ضغط ا"لقبعات الحمر"  بمنطقة البروطان  الى التخلي عن الضريبة  على شاحنات النقل. ويريدون بدورهم الوصول الى نفس  النتيجة.

بعض مطالب هذه الحركة  أصبحت اكثر جذرية بمرور الوقت  وانتقلن من المطالبة  بوقف الضريبة على المحروقات الى المطالبة باستقبال رئيس الجمهورية وحل البرلمان.