الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

ذاكرة استعمارية في طريقها نحو الانقراض

ذاكرة استعمارية في طريقها نحو الانقراض بناية " الحدود الجمركية "

 كيف يمكن اقناع الأجيال المتعاقبة بأن المستعمر الغاشم ، الذي كتم أنفاس الشعب المغربي ، وضربه بالحديد والنار ، وقسم أرضه إلى محميات ، ونهب ثروته ، وكان سببا مباشرا في تخلفه وتفقير أبنائه ، إن لم تتصدر برامج عمل الحكومات ، والجماعات الترابية ، والسلطات العمومية ، وباقي المتدخلين عمليات حماية الذاكرة المادية لهذا المستعمر حتى تظل شاهدة على بشاعة جرائمه ، ولتكون عبرة لاستخلاص الدروس ، من أجل أن تظل الوطنية متقدة في شرايين المغاربة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؟ أليس من العيب أن يظل يوم 18 نونبر من كل سنة هو الشاهد الوحيد الذي يذكر أجيال ما بعد حصول المغرب على استقلاله ، وما قدمه نساء ورجال المقاومة وجيش التحرير من تضحيات جسام من أجل ذلك ، وفي المقابل يتم الصمت الذي لا نجد له تفسيرا أمام ما تتعرض له الذاكرة المادية للمستعمر من محو ممنهج ؟ صمت ، ما من شك مرحب به لدى الدوائر الاستعمارية في زمن طفرة حقوق الانسان ، ومحاسبة المستعمر على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعوب عبر المعمور .

  سياق هذا السفر في التاريخ الحديث ، وتزامن تنزيله مع احتفال المغاربة بعيد الاستقلال ، ما تم الوقوف عليه من محاولة لطمس الرأسمال المادي للمستعمر الذي مر من هنا  ، وتم دحر كل مخططاته التجزيئية لتراب المملكة . من بين هذه المعالم المادية الشاهدة على تقسيم المغرب ، التي تستوقف مستعملي الطريق الوطنية التي تربط وزان بتطوان ، بناية " الحدود الجمركية " ضخمة ثبتها الاستعمار الفرنسي- الاسباني هناك ، لضبط انتقال تحرك المغاربة بين المنطقتين المغربيتين المستعمرتين .

 البناية المشار إليها ( انظر الصورة ) تركتها الجهات المعنية عرضة للاندثار، ولم تع هذه الجهات بأنها بترميمها لهذه المعلمة وتأهيلها ، تعمل على  حفظ  ذاكرة المغاربة يقظة  لكي لا يتكرر ما حدث ، وحماية لتراث مادي انساني شاهد على حقبة تاريخية نهبت فيها القوى الاستعمارية خيرات الشعوب واستعبدتها . لذلك تعتبر عملية ترميم  البناية وانقاذها من الانهيار وبالتالي الضياع ، وتحويل فضائها الداخلي والمحيط بها إلى مزار مؤثث بالرأسمال المادي واللامادي الذي صاحب الحقبة الاستعمارية ، ويشهد على بشاعة ممارساته ، يقابل ذلك الجهاد الأصغر في شقيه المادي واللامادي ، الذي صنع ملاحمه نساء ورجال المقاومة وجيش التحرير في تلاحمهم بالمغفور له الملك محمد الخامس ،( يعتبر) مدخلا من مداخل انعاش ذاكرة شباب اليوم وتمنيعه بحقنه بفائض قيم الوطنية والمواطنة ، واستنفارا واعيا ودائما للمغاربة لصون الوحدة الترابية والوطنية التي عليها تتكسر كل المؤامرات . كما يمكن أن يشكل ربط ترميم هذه المعلمة وتحويلها إلى مزار رافعة من رافعات تنمية الجماعة الترابية حيث هي مثبتتة البناية المذكورة .