الاثنين 25 نوفمبر 2024
جالية

البدالي يجيب: هل أصبح المغرب مزبلة لإسبانيا لتصدير المهاجرين السريين؟

البدالي يجيب: هل أصبح المغرب مزبلة لإسبانيا لتصدير المهاجرين السريين؟ صافي الدين البدالي، يتوسط، رئيس الحكومة الإسبانية بدرو سانشيز، و سعد الدين العثماني(يسارا)
على هامش زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بدرو سانشيز، للمغرب وما تلا ذلك من ترتيبات تتم لكي تتخلص مدريد من عبئ المهاجرين السريين فوق ترابها عبر تصدير حوالي 60 ألف منهم للمغرب بدعوى أنهم "حركوا " من بلادنا، اتصلت "أنفاس بريس" باليساري البدالي صافي الدين، القيادي بحزب الطليعة، ليقرأ سبب موافقة حكومة العثماني على هذا الطلب الابتزازي للحكومة الإسبانية. البدالي وافانا بالورقة التالية":
بعد القرار المفاجئ الذي اتخذته الحكومة في شأن الساعة الصيفية تحت ضغوط مدير شركة نيسان كارلوس غصن، الذي قامت إدارة الشركة بعزله مؤخرا، بسبب فضائح مالية و الذي استطاع أن يحول المغرب و المغاربة من ساعتهم الطبيعية بتوقيت كرينيتش إلى ساعة كارلوس غصن، دون أية استشارة شعبية أو دراسة منطقية و علمية،لا محاولة التداعي بالطاقة و التخفيف من الحوادث ،
يأتي قرار يتعلق بالهجرة والذي ربما سيجعل المغرب يتراجع عن الاتفاقية الموقعة من طرف المغرب وإسبانيا بمدريد في 13 مارس 1992، المتعلقة بالهجرة، ذلك بضغط من رئيس الحكومة الاسبانية الاشتراكي بدرو سانشيز .
و بمُوجب الاتفاقية سالفة الذكر سيكون المغرب ملزما باستقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين تطردهم إسبانيا من على أراضيها، سواء كانوا مغاربة أو قادمين من دول أخرى ومرّوا عبر التراب المغربي في اتجاه اسبانيا.
ولذلك فإنّ المغرب لم يعد ملزما بقبول المهاجرين السريّين من جنسية مغربية فقط ، الذين يتسللون إلى الجارة الشمالية، بل مُلزم أيضا بقبول جميع المهاجرين الذين انطلقوا من الأراضي المغربية في اتجاه إسبانيا ، أيا كانت جنسيتهم مما يطرح على المغرب إشكالا يتعارض و قانون الهجرة رقم 02-03 الذي أقره والذي تنص المادة الـ42 منه على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر ، وبغرامة مالية من 2000 إلى 20000 درهم كل شخص يقيم في المغرب بطريقة غير قانونية. وهنا نتساءل :
إلى أين يسير المغرب بالرضوخ والاستجابة الفورية للضغوطات الأجنبية دون مصلحة تذكر ؟ هل المغرب فقد البوصلة ؟ أم أنه لا يملك قدرة الترافع و التفاوض في القضايا ذات الارتباط بسادة التراب الوطني ؟
إن تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر المغرب و عبر ليبيا و تونس و الجزائر ليست مشكلة المغرب، بل مشكلة أوروبا نفسها التي لا زالت لم تفكر في إعادة ما سرقته من دول الإفريقية شمالا وجنوبا أثناء استعماره لهذه القارة لقرن من الزمن. كما أن اسبانيا لا زالت تستعمر مدنا و جزرا مغربية و تجعل الهجرة ذريعة حتى لا يطالب المغرب بها . فلم لا تقوم الدول الأوربية بفتح أوراش بالقارة الإفريقية في الصناعة و في الفلاحة و في تربية المواشي و الأسماك و في الصناعات التحولية من أجل تشغيل أبناء هذه القارة و ضمان استقرارهم و التخفيف من هجرتهم وتعليمهم و احترام حقوقهم ؟ لماذا المغرب يتحمل وزر الجرائم الأوربية الاقتصادية و السياسية و البيئية و الإنسانية عبر التاريخ حتى ذاق الأفارقة كل أشكال الفقر و الجوع و الأمراض الفتاكة ؟ لماذا تتهرب اسبانيا من احترام حقوق الإنسان فيما يخص حقوق المهاجرين و تريد أن ترمي بهم المغرب ثم تطالبه من بعد ذلك باحترام هذه الحقوق عبر أحزابها و جمعياتها المعروفة بمواقفها ضد المغرب، خاصة فيما يخص قضية الوحدة الترابية ؟
إن المغرب، بقراره القاضي باستقبال المهاجرين المهجرين /المطرودين من الشمال الأطلسي، سيكون في وضعية صعبة، أولا على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي، بسبب تدفق المهاجرين الوافدين من دول جنوب الصحراء عبر الشبكات الدولية التي تتاجر في الهجرة السرية و من ضمنها شبكات أروبية، حيث لا يمكن للمغرب التحكم فيها نظرا لمساحة الحدود الشاسعة بينه بين دول الجوار، أي موريتانيا و الجزائر. و بسبب الوفود الذين ستقوم اسبانيا بترحيلهم نحو المغرب.
ثانيا على المستوى الحقوقي: إن الاتفاقيات الدولية أصبحت قانونا تحظى بالأولوية في التنفيذ على القانون الوطني، طبقا لدستور 2011 للمملكة المغربية،الذي يجعل الاتفاقيات الدولية المنشورة تسمو على القانون الوطني؛ وهو ما يجعل المغرب بقبول الترحيل وفق اتفاقية 1992 بين المغرب وإسبانيا مخالفا للقانون الدولي . وينتهك "حقوق المهاجرين وحرياتهم في التنقل و الحماية، واختيار بلد الإقامة وعدم الترحيل ومنع الطرد الجماعي، والحق في المساعدة القانونية الحقيقية والضمانة والمراقبة القضائية بغض النظر عن الوضع الإداري للشخص المهاجر ".
إن الحكومة المغربية أمام هذا القرار تجازف مرة أخرى بالبلاد و تعمل إلى إغراقه في مستنقع الهجرة السرية، في الوقت الذي تعمل الحكومات الأوربية ، من يمينها إلى يسارها ، تعمل على التخلص من إشكالية المهاجرين بالضغط على المغرب، بعدما عارضت الدول المجاورة العرض الأوربي بشدة . فعلى الحكومة المغربية أن تعلم أنها في وطن له شعب و له سيادة و له حقوق عليها. فالاستمرار بتجاهل نبض المجمع لن يؤدي إلا إلى انفجار اجتماعي غير مسبوق.