الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

الدبيش: الدولة لم تنتبه إلى أن المواطن المغربي انتهازي بطبعه

الدبيش: الدولة لم تنتبه إلى أن المواطن المغربي انتهازي بطبعه عبد الوهاب دبيش، أستاذ جامعي وباحث

بداية أعتقد بأن الدولة لم تنتبه إلى أن المواطن المغربي انتهازي بطبعه، حيث أن المغربي مستعد وقادر كي يصبح متسولا حتى من أجل قضاء مصالحه!! وهذه حقيقة مؤكدة أنتروبولوجيا.

ولهذا فحول موضوع التكافل الاجتماعي ينبغي التمييز بين نقطتين:

النقطة الأولى، وتخص الصناديق التي تريد الدولة تجميعها في صندوق واحد للتكافل الإجتماعي، فأرى أن بنيات المجتمع غير مهيأة اليوم ولا تتوفر على المؤهل الاجتماعي والاقتصادي كي نؤسس هذا النوع من الصناديق التضامنية لاعتبارين أساسيين:

الاعتبار الأول: المواطن لا تتوفر فيه شروط المواطنة وأهمها على الإطلاق والتي تساهم في بناء الدولة، تتمثل في تملص المواطن من أداء الضرائب، فهو يتهرب منها بشتى الوسائل، وهذه قضية ثقافية، لأننا منذ الاستقلال لم تقم بتربية الأجيال على قيم المواطنة  والوطنية والتمدن.

الإعتبار الثاني: الدولة بإرادة مسبقة وإصرار لا تريد إصلاحا جبائيا حقيقيا يحترم مبادئ المساواة والعدالة الجبائية، لأنه يمسها على مستويين. فالنخبة التي ترتكز عليها الدولة  ترفض أن تؤدي الضرائب وتلتحق بالتالي بالفئة الأولى، هذا على المستوى الأول، أما على المستوى الثاني فيكمن في أن الدولة من أجل غاية أمنية صرف، ومن أجل استبعاد المشاكل الإجتماعية ما أمكن لا ترغب في احتقان اجتماعي حين تفرض الضرائب على الفئات الأخرى.

النقطة الثانية: وتتجلى في أن صناديق التكافل الاجتماعي ستظل معاقة، وأصل إعاقتها أنها إعاقة ذهنية وفي عقل الدولة ذاتها. وأسطر هنا على الدولة بمفهومها العميق الذي يتجاوز الحكومة.

وهكذا فالمفارقة المسجلة اليوم والتناقض بين الجهود العمومية من أجل التكافل الإجتماعي، في وقت تتسع  فيه الهشاشة والفقر، ستظل قائمة، لأن تجاوزها يجب أن يؤسس على إصلاحات جذرية في التربية والديمقراطية والانتخابات والتعليم والعدالة وحقوق الإنسان، وستبقى الوضعية على حالها طالما لم تباشر الدولة الإصلاحات الجوهرية التي ينادي بها المجتمع.

وكمثال على ذلك يمكن أن أذكر ملف محاربة مدن الصفيح، فيلاحظ أن الدولة منذ الإستقلال وهي تحارب هذه الظاهرة، ورصدت لها ميزانيات ضخمة، لكن نتائجها محدودة، بل المستفيد الوحيد من إعادة إسكان وهيكلة مدن الصفيح وهوامشها يبقى هو اللوبي  العقاري الذي يعد شكلا آخر من أشكال الريع الذي تم خلقه ودعمه من أجل استمرارية دولة الريع.