الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عادل السعداني: دهاؤهم وغباؤنا

عادل السعداني: دهاؤهم وغباؤنا

الآن وبعد أن حطت نيران و حرائق إسرائيل أوزارها ، وانتهى العقاب الرباني على إسرائيل بسبب قرارها منع الأذان فوق القدس...أَما آن لنا نحن معشر "أعداء إسرائيل العودة أسبوعا إلى الوراء من أجل الفرجة على مواقف غالبيتنا وتقييمها وقراءتها القراءة التي تستحقها .....فالأمر لم يعد يحتمل مزيدا من الغباء والعنصرية والفاشيستية والتطرف،فنحن بهذا مواقف نعطي لخصومنا -إسرائيل وأصدقاؤها -فرصة لتسويد صورتنا وكسب مزيد من التعاطف الدولي والصداقات الدولية .
فلنعد إلى حرائق الأسبوع الماضي وكيف كان رد فعلنا اتجاهها نحن معشر العرب والمسلمين في شتى بقاع التواصل الاجتماعي ومؤسساتنا الإعلامية : الغالبية تطبل وتهلل للحرائق وتعتبرها عقابا ربانيا لقرار إسرائيل بوقف الأذان فوق سماء القدس،الغالبية تفننت وأبدعت في الدعاء على إسرائيل واليهود بإنزال براميل البنزين عليها مشتعلة لتشمل الحرائق كافة أراضيها ومواطنيها في تناقض تام مع تعاليم ديننا الحنيف وفي تجاهل لواقعنا الذي يؤكد انه لو كان الله يعاقب قوما في الأرض حالا ،فنحن من نُعاقب ولنا في سوريا واليمن وليبيا و العراق.. وفي براميل البارود المتفجرة هناك خير دليل.
غالبيتنا عبرت عن ابتهاجها بتلك الحرائق معتقدين ان تضامنهم مع فلسطين يفرض عليهم ذلك ،متجاهلين أن من يحترق هي غابات يافا المزروعة من أجداد أجداد عربها الحاليين و هم أكثر المتضررين منها.
فحتى إعلامنا العربي و غالبية صحافيينا لم يكلفوا أنفسهم الحديث عن الحرائق في إطار دورهم التنويري على أنها ظاهرة طبيعية تعرفها عدة بلدان بما فيها العربية ،وان لا علاقة للرب بها ما دام زمن المعجزات قد ولى وزمن العقاب هو يوم القيامه.
أما الفقيه الذي كنا ننتظر بركاته وجدناه داخل الفايس بوك ببلغته مهللا ومكبرا لحرق اليهود وأرضهم ناسيا أن من يتمنى حرقهم هم ابناء عمومته ودينه يفرض عليه أن لا يسعد لمثل هاته الأزمات لكون الضحايا لا علاقة لهم بالصراع.بل يدعونا إلى المساعدة او على الأقل الدعاء بحد البأس.
غباء مواقفنا وتصلبها وإجماعها على التهليل لتلك الحرائق دفع أذكياء إسرائيل -وهم كثربأكثرية أغبيائنا -إلى إستغلال مواقفنا من أجل دعم أطروحتهم بكوننا عنصريين ارهابيين عدميين نعادي السامية والسلام للشعوب،وبأنهم كإسرائيليين يعانون من تنامي سياسة الحقد والكراهية اتجاههم من طرف جيرانهم العرب وهو ما يجعلهم مساندين ومدعمين من طرف المنتظم الدولي في كافة استراتيجياتهم العسكرية ،اما نحن العرب فمن عزلة إلى أخرى ،ومن القاعدة إلى داعش لتأكيد الصورة.
أن تتصارع مع إسرائيل عليك أن تفهم وتستوعب أن المواجهة ليس الفايس بوك والتويتر والفوتوشوب ميدانها بل المنتظم الدولي والعلاقات الدولية هو مجالها ،عليك أن تستوعب أن خصمك اكثر أحتراما لحقوق انسان والمهاجرين بما فيهم العرب من العرب وأكثرهم ديمقراطية وحرية بجميع أشكالها المطالب بها دوليا،جامعاتها أكثر تميزا وتصنيفا في لا ئحة الجامعات العربية في غياب تام لأي جامعة عربية ،مجتمعها يصنف من الأوائل عالميا في البحث الجامعي وفي ارتياد الجامعات عكس المجتمع العربي المشهود على أميته حتى لدى مثقفيه..
هي معطيات لا تحتمل اللف ولا الدوران عليها فلقد علمتنا الأحداث السابقة وبكثرتها أن الخطابات الجياشة و المواقف العدمية المتصلبة لن تزيدنا إلا عزلة وان الدعاء من أعلى منابر الصلاة لن يستجاب له بمعجزة او عقاب رباني بل بالعقل والعمل والبحث العلمي والفكر سنكشف عدل القضية.