الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المانوزي : لا إصلاح للمنظومة الجنائية خارج روح القطيعة مع الماضي

مصطفى المانوزي : لا إصلاح للمنظومة الجنائية خارج روح القطيعة مع الماضي مصطفى المانوزي
لا جدال في أنه من حق الدولة في شخص رئيسها أن تواصل دورها الدستوري في ضمان استقرار البلاد وحفظ السلام وحماية الحريات والحقوق والسيادة الوطنية،في إطار القانون والمساواة أمامه وفق تكافؤ الفرص المنتج للتوازن بحس سياسي متعال على التمييز والانحياز، أو السقوط في متاهات حروب صغيرة تروم تصفية حسابات وحزازات مصلحية ضيقة .
ومن أجل صون هذا الحق الدستوري من عيب التعسف في استعماله، فإنه ينبغي تأطير هذه الصلاحية بالتعاقدات الصريحة والضمنية ، على اعتبار أن الالتزام التبادلي هو بمثابة قانون فيما بين المتعاقدين ، يوجب تأطير ما سيصدر لاحقا عنه من تشريع ذي صلة . ولعل بيت القصيد في هذا السياق ، انكباب نواب الأمة على إدخال بعض التعديلات على القانون الجنائي الوطني، بعيدا عن أي نقاش عمومي، في وقت ينشغل العقل الأمني بإعادة ترتيب المشهد السياسي، في ضوء تداعيات التأثيث الداخلي لمنطق التوازنات داخل الدواليب والمربعات، بخلفيات مالية وانتخابية . ومايهم في كل هذا هو الانضباط للمقاربة الحقوقية المتوافق حولها تأسيسا على ثمرة التسوية السياسية التي عنونها الزمن السياسي بتوصيات هياة الإنصاف والمصالحة، والتي صادق عليها الملك محمد السادس والتزم بتنفيذها، سواء بتكليف المجلس الاستشاري بتتبعها، عوض أن يحيلها على الحكومة أو البرلمان من أجل أجرأتها، أو سواء بأمره بدسترتها، بمناسبة خطاب 9 مارس 2011 إثر انطلاقحركة20فبراير، حيث هذا الإجراءبمثابةتعاقددستوري رسمي يؤطر التفعيل ويلزم المكلفين بإنفاذ القانون بالملاءمة وترسيخ مبادئ سمو القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على القانون الوطني .
وإذا كان لابد من التعبير عن الأسف الشديد عن المناخ الذي يشوب البيئة الحقوقية وما صاحبه من توترات، سبق شرحها أعلاه ، ذات صلة بالترتيبات " الضرورية " في أي انتقال؛ فإنه وجب التذكير على أن التوصيات الوجيهة كما جاء في الخطاب الملكي هي التي لا تعني سوى ذلك السد المنيع أمام إمكانية عودة ماضي سنوات الرصاص، من انتهاكات أو انقلابات .
من هنا وجب الحرص على استكمال تفعيل الدولة لالتزاماتها السيادية، والتي بدونها لا يمكن تكريس الثقة في مستقبل الدولة المغربية الديموقراطية، والتي لا يمكن أن يراهن على تأسيسها بناء على شرعيات غير متجددة بنفس حقوقي وقانوني وضعي وديموقراطي .
لذلك فالمنظومة الجنائية ينبغي أن تخضع لهذا النفس بعودة إنعاش روح المفهوم الجديد للسلطة في افق ترسيخ المفهوم الحداثي للزمن القانوني والتشريعي المؤطر بأمن قضائي وحكامة أمنية .