تعاقب على تدبير الدبلوماسية المغربية في الدول الإسكندنافية سفراء عدة، منهم من نجح في تجاوز الإكراهات التي خلفها تعاطف اليسار الحاكم في الدول الخمس، ومنهم من فشل في ذلك، مما تسبب في تغلغل خصوم الوحدة الترابية في اكتساح الساحة وكسب التعاطف الشعبي مع قضية الصحراء، لكن التراجع الخطير الذي عرفته لصالح الخصوم ليس فقط ناتج عن تقاعس بعض السفراء من تحمل مسؤولياتهم ،في حضور التظاهرات التي ينظمها الخصوم والدفاع عن وجهة نظر المغرب وتقديم كل الدلائل التي تؤكد مغربية الصحراء عبر التاريخ، ترك الكرسي فارغ، كان فرصة للبوليزاريو ليصوتوا ويجولوا بدعم مادي جزائري.
وعندما يتذرع بعض السفراء بضرورة الإلتزام بتعليمات وزارة الخارجية في التحرك على المستوى الشعبي والرسمي في هذه الدول، فهذا مبرر غير صحيح اعتمده بعض السفراء لأن سفيرة المغرب العلوي المعينة في أنجولا نهجت عكس ذلك بل كانت حاضرة في التظاهرات سواءا في الجامعات النرويجية أوفي أي مكان.
هي أخطاء قاتلة ارتكبت في السابق وعلى السفراء الجدد تغيير استراتيجية سابقيهم في تدبير هذا الملف قبل فوات الأوان.
لا يمكن أن نحمل المسؤولية للدبلوماسية المغربية لوحدها في فشل إقناع شعوب الدول الإسكندنافية عن طبيعة الصراع الحاصل والحقائق التاريخية التي تؤكد ارتباط الأقاليم الجنوبية منذ قرون للمغرب وإنما جمعيات المجتمع المدني في الدول الخمس لم ترقى في نضالها لتطلعات الحكومات المغربية المتعاقبة ولا الشارع المغربي، لأن دورهم حاسم لحسم المعركة لعددهمالذي تجاوز الأربعين ألف في الدول الخمس مقارنة مع حفنة صغيرة من المتشبعين بالفكر الإنفصالي، والذين في غالبيتهم لاينتمون للأقاليم المتنازع عليها بل ينتمون لأقاليم طاطا وطانطان وكلميم وإلزاك وطرفاية. والدول المجاورة ويأتي على رأس القائمة فقيدهم عبد العزيز المراكشي المزداد في مراكش وعائلته لازالت في قصبة تادلة بالأطلس المتوسط ،دون أن نشير كذلك لأمينتو حيدر المنحدرة من إقليم طاطا.
على السفراء الجدد المعينين إعادة النظر في التعاون والتنسيق مع الدبلوماسية الموازية التي هي داعم أساسي في التحرك على المستوى السياسي والشعبي، وذلك بعدم الإعتماد على نفس الوجوه التي لعبت دور سلبي في التشردم الذي تعرفه الساحة الجمعوية سواءا في الدنمارك أو في باقي دول الشمال، والإنفتاح على الكفاءات الموجودة على مستوى الجامعات والتي تحمل ثقافة سياسية وإلمام بالقضية الوطنية ولها استعداد لكي تتحمل مسؤوليتها الكاملة في الدفاع عن القضية الوطنية وفي استغلال الفضاءات الجامعية للتعريف بالحضارة المغربية وبالتنوع الذي طبع الحضارة المغربية منذ قرون.
إن تاريخ السفراء الجدد في المجال الحقوقي غني ولا أعتقد أن أحزاب اليسار التي دأبت على التعامل مع القضية الوطنية بانحياز كبيرللطرف الآخرقد يمتنعون من التعاون مع السفراء الجدد الذين سبق لهم أن خاضوا نضالات مريرة دفاعا عن حقوق الإنسان في المغرب.
ونعتقد كذلك أن التواصل مع الأحزاب السياسية في الدول الخمس وحضور مؤتمراتها مهم، يجب أن يهتم به كل السفراء الجدد ولا يجب ترك الكرسي فارغ في أي تظاهرة كانت.