السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف جبرو:الرأي العام الوطني والانتخابات

عبد اللطيف جبرو:الرأي العام الوطني والانتخابات

منذ عدة أسابيع، تقدم القناة الأولى في نشراتها الإخبارية المسائية ركنا يوميا عناونه «الانتخابات المقبلة وانتظارات المواطنين» وتتنقل هكذا كاميرات التلفزة عبر المدن والقرى المغربية لكي يتعرف نظارة التلفزة على آراء عينة من السكان وكيف ينظرون إلى العملية الديموقراطية في بلادنا.
هذا العمل الذي تقوم به زنقة البريهي يكشف مدى محدودية معرفة شريحة من الرأي العام بما يجري في الحياة النيابية، كما أنه يكشف عن الفرق بين مهام الهيآت المنتخبة حسب ما إذا كان الأمر يتعلق بالبرلمان أو المجالس الجهوية والجماعية والإقليمية.
ذلك أن عدد كبيرا ممن يقفون أمام الكاميرا يتحدثون عن البرلمان المقبل ويتساءلون إلى أي حد سيهتم المنتخبون بضمان تزويد السكان بالكهرباء والماء الصالح للشرب والواد الحار ومشاكل النقل في هذه المدينة أو تلك القرية بالإضافة إلى مشاكل البطالة والمدارس والصحة العمومية...
هكذا يتبين أن عددا كبيرا من سكان المدن أو القرى لا علم لهم بالفرق بين اختصاص مختلف المجالس المنتخبة ويعود سبب ذلك إلى مرحلة كان فيها رجال السلطة في العمالات والمقاطعات ينصحون السكان بأن يهتموا فقط بأحوالهم الخاصة وألا يشغلوا أنفسهم بقضايا الغير حتى لا تكون لهم علاقة بالسياسة والسياسيين.
ومن رواسب تلك المرحلة من سنوات الرصاص أن كثيرين مازالوا يعتبرون أن البرلمان يجب أن يهتم بالشأن المحلي للسكان بما في ذلك التوفر على شبكات توزيع الماء الصالح للشرب والتيار الكهربائي والواد الحار والنقل الحضري على اعتبار ربما أن مجلس الجماعة لا يقوم بواجباته المحلية، ومن هنا يتوجب على البرلمان أن يعوض المجالس المحلية في مهامها بالإضافة إلى المهام الوطنية للبرلمان.
وما يعمل على استفحال هذه الظاهرة كون بعض المرشحين إلى البرلمان لا يخجلون عن الحديث حول مشاكل محلية في دائرتهم الانتخابية ويقدمون هكذا للسكان وعودا بأنهم سيعملون على حل العديد من مشاكل المواطنين بخصوص الماء والكهرباء والواد الحار والنقل الحضري علاوة على وعود بشأن محاربة البطالة وقلة الشغل بالنسبة لأبناء سكان الدائرة.
بطبيعة الحال هناك من لا يصدق هذه الوعود ولكن هناك آخرين يعتقدون أن المرشح ستكون له إمكانيات حقيقية لخلق فرص العمل لفائدة أبناء الحي وغيره من أحياء الدائرة الانتخابية.
وعندما يتمكن المرشح من تبوء مقعده في البرلمان، تبدأ مرحلة التباعد بينه وبين سكان الدائرة الانتخابية حسب ما يقول بعض المواطنين لكاميرات القناة الأولى، وتتغير لهجة خطابه فيكتشف إذاك أن للبرلمان مهاما لها علاقة فقط بالسياسية الوطنية في الداخل أو الخارج .
وإذا ما تمكن بعض سكان الدائرة الانتخابية من الاتصال بمن صوتوا عليه لولوج البرلمان وذلك بهدف طرح بعض الأسئلة حول مشاكلهم المحلية، إذاك يقول لهم عضو البرلمان بأن عليهم أن يتصلوا بمن يمثلهم في الجماعة أو الجهة لأن المشاكل المحلية ليست من اختصاص البرلمان .
ومن ولاية تشريعية إلى أخرى يزداد عدد السكان الذين يصابون بالخيبة والمرارة في علاقتهم مع البرلمانيين، ولهذا فعندما يقف السكان أمام الكاميرا يعبرون عن انتظاراتهم من انتخابات 7 أكتوبر القادم ، فهم يتركون لدى نظارة التلفزة انطباعا يؤكد أن نسبة كبيرة من الرأي العام لا يعرف بالضبط الفرق بين ما يقوم به البرلمان طوال السنوات الخمس لكل ولاية تشريعية.
وللخروج من هذه الإشكالية، يستحسن أن يقوم المسؤولون عن شؤون الانتخابات باستطلاعات آراء سكان المدن والقرى للتعرف على مدى دراية شريحة مهمة من الرأي العام بمهام واختصاصات المجالس المنتخبة على مختلف مستوياتها. وعلى ضوء نتائج هذه الاستطلاعات يمكن للمسؤولين أن يقوموا بحملات جدية للتربية الوطنية والتوعية السياسية كشرط أساسي لكي تتوسع دائرة المشاركة في تدبير الشؤون العامة وأن يكون كل مواطن مؤهلا ليقدم قيمة مضافة للممارسة الديموقراطية.