الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبدالالاه حبيبي:ماخور الخيال.. صناعة مربحة

عبدالالاه حبيبي:ماخور الخيال.. صناعة مربحة عبدالالاه حبيبي
اكتشفت أن هناك تقنية ماكرة تعلم الناس التخلص من فكرهم، وقتل كل رغبة تفكير لديهم، إنها بلاغة التفاهة وهي تركض داخل الصور، هي نوع من إدمان مشاهدة هذه السينما الجامحة والتائهة بين الأزقة المتعطشة للعنف، والأسِرَّة المختنقة بالخيانة، والفرجات التي يؤثثها السكر والعربدة، والكلام الفاحش، والنوايا المقتنصة من أصحابها وهم في غفلة من أنفسهم، كلها سلاسل مشهدية يتم يوميا تعويد المرء على متابعة تفاصيلها المملة، مع تركيز على غرابة وجوه أصحابها، وسذاجة عقل أبطالها، وضعف مستوى المتدخلين فيها، لكنها تخفي ذكاء المروجين لها، المستثمرين فيها، الرابحين من مداخيلها، إنها تعرض سينما بديلة، فرجة مجانية، فضائح مثيرة، تجسس خبيث يغري بالاندماج في سيرة الجواسيس الساقطين في حبال الرذيلة، تهدف هذه الصناعة إلى القضاء التام على الانشغالات الكبرى التي علمت البشرية الحلم بالحرية والتحرر، وبالنضال من أجل بناء المدن العادلة، وفي حالة الإحباط تتم مداراة النفس ببعض نسخ المدن المتخيلة، الآن تدهسنا ثقافة الرصيف، التي تخرج النفايات من حاوياتها لتحولها إلى أكلة سريعة بعدما تكون قد غيرت تلفيفها، وأضافت لها بعض التوابل لتسهيل بلعها. الغريب في كل هذا أن الناس، حتى ولو اكتشفوا زيف سحر هذه السينما الفارغة من كل محتوى، لا يستطيعون التخلي عنها، إنهم الآن مدمنون، مسلوبو الإرادة، مُنوَّمون، تمت السيطرة على عقولهم، واستعمال غرائزهم الأكثر بدائية لإعادتهم إلى حياة الكهوف والمغاور، والتسلي بعتمة الأنفاق، والنفور من الفكر والعلم والحضارة والفن الرفيع..