الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

"نساء" وزان يناهضن التمييز المبني على النوع

"نساء" وزان يناهضن التمييز المبني على النوع جانب من نشاط الجمعية

من بين عناوين المشاريع الاجتماعية التي أطرت الزيارة التاريخية للملك محمد السادس لوزان نهاية سنة 2006، المركز الاجتماعي للقرب بحي العدير، الذي جاء إحداثه في سياق المصالحة مع قضايا اجتماعية بعينها، بعد أن كانت العقلية المحافظة ولعقود قد حنطتها ضمن دائرة الوصم الاجتماعي .

لندع جانبا مفارقة القرب الذي لا يملك منه موقع المشروع إلا الاسم، مادامت الفئات المستهدفة من خدماته يلزمها كلفة مالية للوصول إليه، ونعرج على البصمة الاجتماعية التي طبعت بها جمعية نساء وزان للتنمية، هذا المركز الذي تتقاسم فضاءه مجموعة من الجمعيات، وهي المقاربة التي غيبتها اعتبارات ملتبسة في التعاطي مع المركز الثقافي والاجتماعي لدعم الشباب الذي أصبح جسدا بلا روح .

جمعية نساء وزان للتنمية، التي يعود تأسيسها لسنة 2002 ، تصنفها رئيستها، رجاء كنوني، العضوة كذلك بهيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان، ضمن الجمعيات النسائية العاملة في مجال النهوض بحقوق النساء، وتعزيز دور المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومناهضتها كل أشكال التمييز المبني على النوع الاجتماعي، وانخراطها في ترسيخ ونشر مبادئ وقيم المواطنة وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها كونيا. عملها الدؤوب هذا سمح لها بأن تحجز لنفسها مقعدا باللجنة المحلية لمناهضة العنف ضد نساء اقليم وزان، ومكنها من العضوية في الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف بالمغرب.

الترافع الذي تقوده الجمعية، تضيف رئيستها، لن يذكر له أثر إن لم يتم تنزيله من برجه العاجي، فتلمسه الكثير من نساء دار الضمانة المكتويات بالنظرة الدونية، والمؤدية غاليا فاتورة العقلية السجينة للخرافات والتقاليد التي تقتات من ثقافة تخاصم روح العصر، وتطارد كل ما هو مشرق في الحضارة الانسانية.. لذلك سارعت الجمعية إلى إحداث "مركز أمل" للاستماع والإرشاد القانوني ومرافقة النساء ضحايا العنف بالإقليم، والذي تفيد بعض الأرقام الرسمية بأن عدد المعنفات اللواتي وصلت شكاياتهن سنة 2017 إلى المحكمة الابتدائية بوزان ، يقارب 1000 حالة.. البعض من هؤلاء المعنفات طرقن أبواب الجمعية، أما الطابور الطويل فلأسباب موروث ثقافي جائر اخترن الصمت، وهو ما يطوق مختلف القطاعات الحكومية ذات الصلة بالموضوع، وكذا الإطارات الحقوقية والمدنية، بمسؤولية تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية لبناء جدار تتحطم عليه كل أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي.

فحسب آخر تقرير أعدته الجمعية في الموضوع، فإن 59 امرأة راحت ضحية العنف الاقتصادي، و24 ضحية العنف الجسدي، و10 ضحايا العنف القانوني، و9 ضحايا العنف الجنسي (7 اغتصاب مع الحمل، و2 اغتصاب من دون حمل) و6 ضحايا عنف مؤسساتي، و14 حالة ضحايا العنف النفسي.

أمام هذه الأرقام الناطقة بآلام ومعاناة نساء يوحد بينهن الانتماء إلى دائرة الهشاشة الاجتماعية في أدنى مستوياتها، ولأن مركز الاجتماعي للقرب الذي تشغل فيه الجمعية حيزا ضيقا لا يسمح بحميمية الاستماع والانصات، وأن المعنفات توجد بين المطرقة والسندان قبل أن يقول القضاء كلمته في شكاياتهن، فإن الجمعية تناشد الأطراف المتدخلة من أجل التعجيل بإتمام بناء وتجهيز مركز حي القشريين المخصص لاستقبال النساء في وضعية صعبة، وتسليمها الاشراف عليه لما راكمته من تجربة نوعية وفريدة بالإقليم.

وفي إطار توسيع الجمعية لمساحة تحركها الذي يقربها أكثر من النساء في وضعية صعبة، فقد تعاونت منذ 2009 مع المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فأنزلت مشروعا يعنى بتعزيز القدرات المهنية للنساء والشباب في وضعية صعبة. المشروع كما وقفنا عليه في عين المكان، يطال مجال الخياطة والفصالة التقليدية والعصرية، والحلاقة.

وتشدد رئيسة الجمعية في حديثها عن هذا المشروع بأن الادماج الاقتصادي يشكل الخلفية الأساسية من وراء هذه المبادرة، لذلك على مختلف المتدخلين توفير البيئة القانونية والمالية... الكفيلة بأن تسمح للخريجين والخريجات بخلق تعاونيات ومقاولات، والسهر على مواكبتهم/هن لإنجاحها، تنزيلا وتفعيلا لمبدأ الكرامة التي ما فتئ ملك البلاد يرددها في كل خطبه.

وتخليدا لليوم العالمي للمرأة يوم 8 مارس الأخير، دخلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الخط، حيث اختارت مشاركة نساء المغرب بهذا الحدث الأممي بمبادرة اختارت لها شعار "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حافز للنهوض بوضعية المرأة". عنوان عريض لهدف نبيل، حمولته منتصرة لحق المرأة في التنمية المساهمة في تعبيد الطريق نحو المساواة في الحقوق، لكن الادارة الترابية الإقليمية بوزان من خلال قسم العمل الاجتماعي أفرغت الشعار من روحه، عكس ما أطلقته من أنشطة عمالات أخرى. لذلك هل من تدارك رسمي بمناسبة حلول ذكرى اطلاق مبادرة محاربة الفقر والهشاشة والاقصاء الاجتماعي (18 ماي) للتفاعل مع المناشدة التي أطلقتها جمعية نساء وزان للتنمية، المستثمرة في حماية حقوق النساء والنهوض بها، والمساهمة في حدود الامكانيات الموفرة لها في التأطير الاجتماعي الواعي والمسؤول، المساعد في ضمان شروط الأمن المجتمعي في كل أبعاده؟