الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط: اختطاف مسيرة الجمهوريين بباريس لحراك الريف في مرايا التلقي!

محمد المرابط: اختطاف مسيرة الجمهوريين بباريس لحراك الريف في مرايا التلقي! محمد المرابط

لقد تباينت الآراء في تقييم مسيرة جمهوريي حراك الريف بباريس في 31 مارس 2018، فتشعبت ردود الأفعال فيها وعليها، من الجمهوريين والديموقراطيين، والمتتبعين. وسنقف بالمناسبة على عينات من ذلك:

1- فمن جانب هؤلاء الجمهوريين، يطالعنا موقف بوجيبار وأسويق منها. ذلك أن عبد الصادق بوجيبار من هولاندا، وهو يعتبر هذه المسيرة أكبر مسيرة عرفها الحراك بأوروبا، انتقد إقصاءه من أخذ الكلمة، وانتقد إعطاءها لأحد الأمازيغيين الجزائريين، باعتبار أن هذه الكلمة تمثل خطورة على الحراك، لأنها تعطي الفرصة للنظام للقول بالتدخل الخارجي. وانتقد ملازمة بلال عزوز للأستاذ البوشتاوي واللهاث وراءه، واعتبره مخبرا لفريد أولاد لحسن، وأنه مرفوض من طرف الجماهير. وزكى بوجيبار قيادة يوبا الغديوي والبوشتاوي لقيادة الحراك. وكان من نتائج هذا الموقف إعلان بلال عزوز انسحابه من الحراك، وهو الإعلان الذي رفضته سيليا الزياني. وجدير بالإشارة أن أحد المتفاعلين مع بوجيبار اعتبر أن هناك عصابة تتحكم في الحراك، تنتمي لليمين المتطرف.

أما رضوان أسويق من إسبانيا، فقد انتقد الجوانب التنظيمية، كحرمان بوجيبار من أخذ الكلمة، وأن غياب "التنظيم"، لن يسمح بالمحاسبة، فيما حصل، وكذلك محاولة انتزاع صفة القيادة من خلال التهافت على الميكروفون، لتحويل الحراك الى دكان سياسي والجماهير إلى مجرد أرقام. وكذلك أيضا سلوك محمد أورياش في الاستفراد بمخاطبة السلطات الفرنسية. كما انتقد فصل النساء عن الرجال، على خلفية التفكير الداعشي، لكن وهو ينتقد الوهابية في هذا الأمر، أضاف: "لا نريد خمينيا جديدا"، وهو  ما يحمل على التساؤل التالي: هل هناك أصوليون بما فيهم الشيعة، ضمن جمهوريي حراك الريف بأوروبا؟

2- أما من صف الديموقراطيين، فقد كتب عبد المجيد العموري، أحد مناضلي النهح الديموقراطي في لجنة فرانكفورت لدعم الحراك: "حادثة المنصة بباريس كانت محاولة فاشلة "لاغتيال" مجهود سنة ونصف من العمل النضالي الداعم للحراك بالدياسبورا، الذي أسس له مناضلو لجن الدعم، إلى جانب فعاليات مستقلة قدموا من مدارس فكربة وتجارب سياسبة مختلفة، وحدتهم  رؤيتهم الواضحة لطبيعة الصراع مع المخزن أولا (..) فوق وقرب منصة باريس ليوم السبت الماضي، كان هناك عضوان ينتميان لحركة 18 سبتمبر (حصان طروادة)، لص كبير، مخبر مخزني مكشوف، بعض التائهين، وبعض المنتسبين لزاوية "ميمونة تعرف الرب، والرب يعرف ميمونة". ولأن الأعمال بالنيات، سيغفر الله لا محالة للفئة الأخيرة فقط. لكن هل سيغفر لهم أولئك الذين ضحوا بحريتهم وحياتهم من أجل قضية عادلة وواضحة؟"

3- على مستوى المتتبعين، سأقف على تفاعلات متتبعين، لتتبعي حدث هذه المسيرة من خلال مقال تحت عنوان: ""الشعب الريفي" في مسيرة الجمهوريين بباريس، يدين معتقلي الحراك". ففي تدوينة لعبد الوافي أزرقان من أيت هيشم، نقف على الآتي: "بعض الآراء لبعض الدكاترة، كتابتهم تشبه الذهاب إلى رحوجاث عوض الدخول إلى بيت الراحة. يقولون إن احتجاجات الروافة في أوروبا تدين المعتقلين. ما هذا التحليل النوبضي؟". والملاحظ في هذه التدوينة إلى جانب سقط الكلام، إرادة التدليس أو الجهل، إذ أن المقال لم يتحدث عن "الروافة"، وأنا أحدهم من "سادات" آيت ورياغل، بل تحدث عن مفاهيم سياسية ك"الشعب" و"الوطن" و"الدولة"، و"حماية الشعوب الأصلية"، أعلتها منصة المسيرة، وتضمر حمولة انفصالية، ستدين معتقلي الحراك، والحال أنهم من بين ما يتابعون عليه، الارتباط بأجندات انفصالية. وبهذا تكون مسيرة باريس في موقع التوريط العلني والفعلي للمعتقلين في تهمة الانفصال، علما أن كل مبتدئ في دراسة القانون، فأحرى من هو حاصل على الإجازة، يعرف أن "الشعب" يمثل أحد أركان تعريف "الدولة".

هذا الجهل أو التدليس الذي وقع فيه السيد أزرقان، وقع فيه أيضا السيد عبد الغني اعبابو من هولاندا، حيث خصص لمقالي حلقة على "المباشر". ونجمل مؤاخذاته في كوني وضعت "الشعب الريفي" بين مزدوجتين، في حين أنه يرى غير ذلك. وأنني لم أضع الجمهوريين ببن مزدوجتين، وهم "مجموعة قليلة"، وأنني أصبحت أمثل النيابة العامة والقضاء في إدانة المعتقلين. كما نجمل تحامله، في أن المقال مخابراتي، وأن "أنفاس بريس" تمولها المخابرات المغربية.

من الناحية المنهجية كنا نخال السيد اعبابو، ونحن نعده من ديموقراطيي الحراك في أوروبا، أنه سيتصدى -كما فعل الناشط العموري- لتجاوز الجمهوريين في مسيرة باريس لسقف الملف المطلبي، خصوصا وأن هناك التزاما من لجنة المتابعة المنبثقة من اللقاء الأوروبي بفرانكفورت -وهي تدعو لمسيرة باريس- بحماية الحراك من كل اختراق أو استغلال لصالح أجندات غير حراكية. ففي إطار معادلة الحراك، كيف يمكن تفهم تزكية كل ما وقع في مسيرة باريس، وتبني مفاهيم انفصالية في سياق الحالة الريفية، واعتبار كاتب هذه السطور وموقع "أنفاس بريس" من "الإعلام المسخر المخزني المخابراتي"؟

لاشك أن مسيرة باريس، بمضاعفات انفلاتها، سترخي بظلال سلبية على المسار القضائي. وحدهم المعتقلون، لهم القدرة على إبطال سحر الجمهوريين. ليتهم يفعلون!