قال جمال الدين ريان، رئيس مرصد التواصل والهجرة، في تصريح لـ "أنفاس بريس"، يهم تقييم عمل المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، بمناسبة مرور 9 سنوات على تعيينه، إن المجلس المذكور لم يأت بأي شيء يذكر منذ تعيينه سنة 2008 من أجل حماية وصون الهوية الثقافية والدينية لمغاربة أوروبا في انسجام مع ظروفها المعيشية العادية، المهنية منها والاجتماعية.. مضيفا أنه لم يعمل على توسيع دائرة الاستفادة من هذه العملية لتشمل كافة المغاربة المسلميـن المقيمين في أوروبا، تحقيقا لمبدأ الإنصـاف، علما أن من بين مهام المجلس، السهر على حسن أداء الفرائض الدينية، والقيام بشعائر الإسلام في جو من الطمأنينة وفي إطار العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، والمساهمة في أي حوار مفتوح بين كافة العقائد، وتنسيق أشغاله مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، وإحالة الطلبات الخاصة بالمسائل التي تعرض على الهيئة المكلفة بالإفتاء، وإقامة علاقات التعاون العلمي مع الدول الأوروبية والمؤسسات والمنظمات الإسلامية، وتقديم المساعدة للجالية المغربية المسلمة المقيمة في أوروبا، لاسيما الشباب منها لتمكينها من الفهم الصحيح للإسلام.
وأفاد ريان، أنه لو تمت مساعدة الجالية المغربية المسلمة في أوروبا على الفهم الصحيح للإسلام، لما التحق كل يوم بعض الشباب بالجماعات الإرهابية المتطرفة، ولما وقعت تفجيرات في عدد من المدن الأوروبية. فلا وجود، يسترسل ريان في تصريحه، لهؤلاء العلماء والعالمات في الميدان للتواصل مع المساجد المغربية الموجودة على الأراضي الأوروبية، أو البحث عن الأسباب التي تجعل هؤلاء الشباب يسقطون بسرعة في أحضان الجماعات المتطرفة.
وعن انتشار التشيع بين أفراد الجالية المغربية بالخارج قال ريان، إن انتشار التشيع بين أفراد الجالية المغربية يعني فشل التأطير الديني للجالية، وعدم النهوض بالتربية الاجتماعية للنساء المغربيات المقيمات في الخارج.. مشيرا بهذا الخصوص إلى فشل المجلس في الإشراف على عمل المساجد التي يسيرها مغاربة مقيمون في الخارج، وندرة الأئمة ذوي التكوين الجيد، وإجادة لغة دول الإقامة.
وأضاف أن المرحلة تملي التفكير إعداد فقهاء ومفكرين وأئمة ووعاظ من أبناء المغاربة بأوروبا أنفسهم، لأنهم أقدر على تفهم واقعهم وعلاج مشكلاتهم، ولا يعني ذلك الاستغناء عن علماء المغرب، خاصة الذين لهم باع طويل في التكوين والعلوم الشرعية. بل الحاجة ماسة الآن، وقبل أي وقت مضى، للتفكير بجدية في إنشاء جامعة وطنية لتخريج الأئمة والدعاة بإدماج جزء من أبناء الجالية حتى يكونوا في مستوى الخطاب الديني الذي يستجيب للحاجيات الروحية لمغاربة العالم، وأن لا يبقى التأطير الديني لمغاربة العالم مناسباتيا ومقتصرا على رمضان ومآدب الإفطار، بل بالعمل وفق استراتيجية واضحة، الآن وقبل أي وقت مضى.
واقترح جمال الدين ريان، فتح نقاش حقيقي، نظريا وفكريا، حول مدى قدرة النموذج المغربي على المساهمة في بناء جسر يربط الوجود الإسلامي المغربي في أوروبا أمام تعدد المرجعيات والنماذج المؤطرة للمسلمين في أوروبا خصوصا، ومدى قدرته على تقديم نموذج لتربية الأبناء وتوجيههم والمحافظة على هويتهم وخصوصياتهم الدينية، وتقوية الرابط بينهم وبين البلد الأصل.
فمن الناحية النظرية -يوضح ريان- يمكن الحديث عن نموذج يملك من المقومات المعرفية ما يمكنه من استيعاب التحولات والتحديات التي يعرفها المغاربة القاطنين بالخارج في السياق الأوروبي؛ خاصة بشقيه الثقافي والاجتماعي. وهذا ما أثبتته التجربة التاريخية التي راكمها تفاعل المذهب المالكي مع محيطه العالمي. إلا أن الواقع يشهد بأن هناك نقصا كبيرا في تحويل أسس وروح النموذج المغربي إلى واقع يجيب على تطلعات المسلمين عامة والمغاربة في أوروبا خاصة، في أغلب الأحيان.