الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

يوسف حكمي: المفاوضات الجماعية بقطاع الفوسفاط استثناء مغربي، وهذه نتائج حوارنا الاخير

يوسف حكمي: المفاوضات الجماعية بقطاع الفوسفاط استثناء مغربي، وهذه نتائج حوارنا الاخير يوسف حكمي، عضو لجنة المفاوضات (يمينا) والزميل أحمد فردوس

على هامش توقيع بروتوكول الاتفاق الجماعي رقم 13، برسم 2017، بين إدارة المجمع الشريف للفوسفاط وممثلي النقابات الأكثر تمثيلية، استضافت "أنفاس بريس" الإطار يوسف حكمي، عضو لجنة المفاوضات، ونائب الكاتب العام للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وكان معه هذا الحوار:

+ كيف تُقوم مفاوضاتكم الجماعية مع المجمع الشريف للفوسفاط برسم 2017؟

- أولا لابد من الإشارة إلى أن المفاوضات الجماعية مع النقابات الأكثر تمثيلية بإدارة المجمع الشريف للفوسفاط، هي استثناء على المستوى الدولي والوطني، حيث يتميز القطاع بتنظيم مفاوضات سنوية في أفق تحسين وتجويد أوضاع الشغيلة الفوسفاطية. في هذا السياق نستحضر الاحتقان الاجتماعي الذي تعرفه الساحة الوطنية على جميع المستويات، وخصوصا على مستوى عدم مأسسة الحوار الاجتماعي مع الحكومة السابقة والحالية. فآخر اتفاق بين المركزيات النقابية والحكومة والباطرونا كان سنة 2011، مما يؤكد أن الحوار الاجتماعي عرف سنوات عجاف امتدت من 2011 إلى 2017. لذلك أقول إن المفاوضات مع قطاع المجمع الشريف للفوسفاط هي استثناء، حيث أن الإدارة تحترم آلية الحوار والمفاوضات الجماعية كل سنة للوصول لحلول مرضية للملف المطلبي الجماعي بدون توقف منذ سنة 2005 مرورا بسنة 2010 وصولا إلى سنة 2017. وقد تطلبت منا المفاوضات وجلسات الحوار الاجتماعي للملف المطلبي الجماعي ثلاثة أيام (9 و10 و11 دجنبر 2017)، حيث عكس مضمون بروتوكول الاتفاق رقم 13، تطلعات الشغيلة، لأن عناصره كانت غنية وذات أهمية بالغة على مستوى تحسين الوضع المادي والاجتماعي للشغيلة الفوسفاطية، وتحصين مكتسباتها وحقوقها المشروعة .

+ لماذا تعتبرون ملف التغطية الصحية يكتسي أهمية بالغة ضمن عناصر الملف المطلبي؟

ـ لأنه ملف كبير وحساس، ولا يقبل التدبير المنفرد، أو التصور الأحادي الجانب، ملف التغطية الصحية لا يمكن وضع تصوره وتدبيره إلا بالشكل التشاركي بين جميع الأطراف المثلة داخل القطاع واللجنة النقابية المشتركة وأيضا لجنة المفاوضات الجماعية. ونستحضر هنا ملف التقاعد الذي دبر كذلك بطريقة تشاركية. وتجربة سنة 2013 الفاشلة، والتي تم التصدي لها خير دليل. ونظرا لحساسية ملف التغطية الصحية واتساع رقعة المستفيدين منه (أكثر من 154 ألف مستفيد من متقاعدين وشغيلة نشيطة وذوي الحقوق)، فالأمر يستدعي إعادة التدقيق في كيفية التعاطي مع هذا الملف. لذلك فمكتسباته تتجلى في أنه تم الاتفاق على إخراج وصياغة أمر مصلحي موقع من طرف الرئيس المدير العام مصطفى التراب في القريب من الأيام، يضمن بموجبه تأمين كل الحقوق والمكتسبات لفائدة الشغيلة والمتقاعدين على السواء، خصوصا أن هدفنا كان دائما يصب في اتجاه تحسين وتحصين ملف التغطية الصحية.

لابد من الإشارة أن ملف التغطية الصحية قد عرف ترويج إشاعات مغرضة الهدف منها التشويش على المفاوضات الجماعية برسم سنة 2017، والتشويش طيعا مع تطويع فكر الشغيلة لأهداف خفية.. وللحقيقة، فإننا ننفي نفيا قاطعا هذه الإشاعة، ونؤكد على أن التغطية الصحية بالمجمع الشريف للفوسفاط ستظل داخلية، وليس للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أي دخل في الموضوع CNOPS  وللتأكيد على ذلك فنحن بصدد محو هذه الإشاعة من خلال إصدار أمر مصلحي من أجل التحصين والتحسين.

+ هل تناولتم في المفاوضات قضايا الرأسمال البشري كصمام أمان الانتاج بالمجمع؟

ـ لا بد أن نستحضر على مستوى القطاع أنه كانت مجموعة من الإكراهات، وطفت على السطح العديد من المستجدات، من بينها أن المجمع الشريف للفوسفاط يعيش تحولات عميقة ومتسارعة، وتتمثل اليوم بالإضافة إلى تقوية الإنتاج، فضلا عن مجالات تدبيرية أخرى، تشمل كذلك الرأسمال البشري، الشيء الذي جعلنا نطرح عدة أسئلة ونضع بعض علامات الاستفهام، خصوصا بعد المبادرة الأخيرة في ما يتعلق بملف الترقية، والذي نعتبره قد دبر بطريقة انفرادية مست الموارد البشرية، حيث أخذت هذه النقطة نقاشا عميقا خلف بعض ردود الأفعال بعد أن سجلنا بعض التجاوزات والاختلالات من بينها عدم التوزيع العادل ما بين المراكز الفوسفاطية وما بين المهن على مستوى المجمع. وعليه فإن من بين مضامين بروتوكول الاتفاق ضرورة معالجة ملف الترقية، حيث تمكنا من انتزاع دورة استدراكية ورفعنا العدد لنسبة معينة في أفق إنصاف المستفيدين بنسبة 60 في المائة.

+ ما هي أهم مكاسب الشغيلة على مستوى تحسين الدخل؟

ـ بخصوص هذه النقطة، وكما جرت العادة في جميع البروتوكولات السابقة، حيث أننا نناقش أجور شغيلة القطاع، هذه السنة حققنا مكتسبا مهما وقيمة مضافة تتميز بالرفع من الدخل الأساسي بحصة جزافية، بمعنى أننا حققنا زيادة شاملة لكل الفئات العاملة بالقطاع، نعتبرها زيادة مهمة في معادلة الأجور لأن ذلك سينعكس إيجابا على المنحة السنوية، وكذلك على الساعات الإضافية، مما سيحن الوضع المادي للشغيلة الفوسفاطية بجميع فئاتها، فضلا عن زيادة في الراتب الاساسي وفي بعض المنح والتعويضات بمعدل مهم مثل السنوات الفارطة. تجدر الإشارة إلى موضوع  كيفية احتساب وعاء الأجر هو ورش من بين الأوراش المفتوحة والتي سيحسم فيها مستقبلا.

+ هل من جديد على مستوى تدبير ملف الشؤون والخدمات الاجتماعية بالقطاع؟

ـ ملف الشؤون الاجتماعية عرف نقاشا مطولا هذه السنة، حيث طرحنا نقطة تتعلق بالتدبير والتسيير المشترك للشؤون الاجتماعية، على اعتبار أنها مدخل لبوابة التحسين والتجويد والمراقبة والتتبع للخدمات الاجتماعية، في أفق تقوية المؤسسة الاجتماعية وطنيا ومحليا، حيث ستمنح مجموعة من الصلاحيات، مع العلم أننا دافعنا عن فئة المتقاعدين ليشملها هذا التغيير، والانفتاح أيضا، إسوة بالنشيطين، لتستفيد بشكل قوي ومميز، خصوصا أن المتقاعد الفوسفاطي قد قدم تضحيات ومجهودات في سبيل تطوير المؤسسة. وفي هذا الإطار فكرنا بعقل جماعي منفتح على دراسة الإمكانيات المتاحة لترجمة هذا المطلب على أرض الواقع. وفي هذا السياق اقترحنا أن تشغل ضمن بشكل تشاركي في مؤسسة الأعمال الاجتماعية، خصوصا وأن المجمع له تجربة في هذا الجانب من خلال مصالحه الاجتماعية التي تقوم بأدوار طلائعية .

+ ما هو جديد ملف التقاعد، وما هي مكاسب الشغيلة على ضوء مفاوضاتكم الأخيرة؟

- التقاعد بدوره ملف حساس، وقد استطعنا في مرحلة سابقة أن نؤمن مكتسبات الشغيلة الفوسفاطية، اليوم هناك الكثير من الملفات المرتبطة بالتقاعد والتي تمت مناقشتها بتفصيل وخصوصا فيما يتعلق بالمعاشات الهزيلة لبعض المتقاعدين وبالخصوص الشغيلة المدمجة (السوتريغ/ معاهد الترقية الاجتماعية).. هذه الفئة التي تمنح التقاعد في بعض الأوقات لا يرقى لمتطلبات العيش الكريم، حيث اقترحنا حدا أدنى للمعاش، ومازال النقاش مطروحا لأن هناك ملفات اجتماعية أخرى ذات أولوية و صلة بالجانب الاجتماعي.. اليوم نفكر للإجابة عن أسئلة تحسين المعاشات وهي موضوع نقاش مستمر داخل اللجنة الموضوعاتية للحماية الاجتماعية. لذلك فملف الفئات المدمجة (السوتريغIPSE ) والمتعلق بضرورة احتساب سنوات الأقدمية إسوة بالمدمجين من فرع "السميسي"، الذين احتسبت لهم الأقدمية قبل الإدماج، في أفق استفادتهم من بعض الامتيازات وخاصة في لوائح الترتيب الخاصة بالسكن كحق مشروع. في السياق نفسه تم الاتفاق على معالجة مشاكل فئات أخرى كالعاملين بمؤسسات الترقية الاجتماعية "IPSE" من خلال مجموعة من الامتيازات عبر الترقي، مع إعادة الانتشار كاختيار، دون المس بمكتسباتهم وحقوقهم، فضلا عن فئة الممرضين المدمجين، التي يجب ملائمة وضعيتهم القانونية مع مراسيم درجات الترقية والرتب المهنية وفق المرسوم الحديث.

+ أغلب الشغيلة الفوسفاطية تنتظر نتائج ملف السكن، ما هي نتائجه؟

- نعتبر في الملف المطلبي أن ملف السكن أساسي واستراتيجي، لذلك فقد تضمن البروتوكول الأخير ميزة مهمة تتجلى في الكشف عن مشاريع سكينة فوسفاطية في مجموع مراكز المجمع الشريف للفوسفاط، وطاقاتها الاستيعابية، في أفق تلبية جزء كبير من الاحتياجات.. واستطعنا أن ننزع سقفا زمنيا للإنجاز في حدود 2019. وفي هذا الصدد ستصدر مذكرة إدارية إخبارية في أقرب الآجال، موجهة للشغيلة تتضمن جميع المشاريع السكنية، من أجل تأكيد حقيقة المشاريع، وتمكين الشغيلة التي ستحال على التقاعد قبل متم 2019  من الاستفادة .

+ هل حققتم انتظارات الشغيلة على مستوى ملف التعليم بقطاع الفوسفاط؟

ـ مجال التعليم بدوره حققنا فيه مكاسب اجتماعية مهمة، حيث أن البرنامج المسطر على مستوى تعميم العرض التعليمي على جميع أبناء الشغيلة الفوسفاطية يتضمن مشاريع جديدة، تتمحور حول إحداث مؤسسات ومركبات تعليمية جديدة بجميع المراكز الفوسفاطية، والتي ستنفتح على التعليم الثانوي لتمكين تلامذة الأسر الفوسفاطية من متابعة مشوارهم التعليمي .

+ ما هي أهم نتائج ملف التشغيل بالقطاع؟

ـ استحوذ ملف التشغيل على حيز زمني مهم في المفاوضات الجماعية، حيث تطرقنا إلى سياسة التشغيل بالقطاع، خصوصا ونحن نتابع عن كثب المشاريع الاستثمارية الضخمة للمجمع الشريف للفوسفاط، والتي ستقوي الطاقة الانتاجية الفوسفاطية أو التصنيعية على مستوى الأسمدة.. وأكدنا في هذا السياق بضرورة اعتماد سياسة تشغيل واضحة وشفافة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الملف سيكون موضوع لقاء مفصل خلال عقد اجتماع لجنة المقاولة في الاجتماع المقبل.

+ هل مازال نموذج المفاوضات الاستثنائية بالقطاع لم يستنفذ إمكاناته بعد مرور 13 سنة من التجارب على مستوى مأسسة الحوار؟

ـ النموذج التفاوضي بين أطراف الإدارة والنقابات نعتبره نموذجا ناضجا إلى حد ما، إلا أننا نعتبره قد استنفذ جميع الإمكانات، خصوصا أن 13 سنة ونحن نقتضي بنفس النموذج.. لذلك نؤكد على أنه آن الأوان لإبرام اتفاقية جماعية ما بين إدارة المجمع الشريف للفوسفاط والفرقاء الاجتماعيين والممثلين بالقطاع على أساس أن تتضمن هذه الاتفاقية إلزامية التزام الإدارة بالسند القانوني لجميع مضامينها، ومثل ما هو مضمن في الميثاق الاجتماعي الأخير سيتم تدارس إمكانية عقد وإبرام هذه الاتفاقية الجماعية.