الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

الصوصي العلوي: تبريرات مكتب "الخليع" بخصوص تأخر القطارات لا تعفيه من المسؤولية

الصوصي العلوي: تبريرات مكتب "الخليع" بخصوص تأخر القطارات لا تعفيه من المسؤولية ربيع الخليع المدر العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية (يمينا) والأستاذ عبد الكبير الصوصي

يرى عبد الكبير الصوصي العلوي، أستاذ القانون بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أن القطارات تربطها عقود مع المسافرين، وهو ما يفرض إيصالهم إلى المكان المحدد في التذكرة في الموعد المحدد.. مشيرا إلى أن ضعف الوعي القانوني لدى المسافرين هو السبب في عدم لجوئهم إلى تفعيل آلية المتابعة القضائية للمكتب الوطني للسكك الحديدية.. لافتا الانتباه إلى الأضرار التي تلحق بالركاب نتيجة هذه التأخرات، وإلى أهمية توفير شروط الأمن والسلامة والنظافة داخل القطارات التي ينص عليها القانون...

+ يشتكي العديد من المواطنين، سواء في نقاشاتهم المفتوحة أو على الشبكات الاجتماعية من تأخر القطارات عن مواعيدها المحددة، دون أن نسجل أية دعاوى قضائية في هذا الإطار؟

- القطارات تربطها بالركاب عقود النقل، وبالتالي فمن الالتزامات الملقاة على المكتب الوطني للسكك الحديدية هو إيصال الركاب في الموعد والمكان المحددين في تذكرة الرحلة، بالإضافة إلى ضرورة تقيدها بواجب السلامة والأمن. وفي هذا الإطار أشير أنه سبق لأحد المحامين أن تأخر عن الموعد المحدد للجلسة في المحكمة، فقام برفع دعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية، وقد حكمت المحكمة لصالحه مع فرض أداء التعويض لفائدته من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية. وأعتقد أن الخلل يكمن في ضعف الوعي القانوني لدى الركاب الذين لا يفعلون هذه الآلية القانونية، فمن الواجب على الناقل كيفما كان شكله، سواء طائرة أو سيارة أجرة أو حافلة أو قطار، أن يوصل الراكب إلى المكان المحدد في التذكرة وفي الوقت المحدد، وأي خلل فيما يتعلق بهذا الالتزام تترتب عنه المسؤولية العقدية.

+ ذكرت أن ضعف الوعي القانوني هو السبب في عدم إقدام الركاب على رفع دعوى قضائية ضد الناقل، فلماذا تضطلع جمعيات حماية المستهلك بمسؤوليتها في تأطير المستهلكين في هذا الإطار؟

- لما ندخل عالم المال والأعمال والربح والخسارة فلا شيء يمكنه أن يحقق الردع إلا طلب التعويض، وكلما كثرت القضايا ضد السكك الحديدية أو ضد ناقل جوي معين إلا وسينتبه إلى تأخراتها المقبلة، أما ما عدا هذا من تحركات موسمية في إطار الجمعيات فليس لها أي تأثير، لأن عالم المال والأعمال يؤمن بالربح والخسارة.. فإلحاق الخسارة بالناقل سيجعله ينتبه إلى أهمية احترام مواعيد الرحلات، ويمكن لجمعيات حماية المستهلك أن تتحرك في إطار المسؤولية التقصيرية، مثلا إذا وقع تسمم وأضر بالمستهلك يمكن لجمعيات المستهلك أن تترافع كطرف مدني.. في حين يبقى للراكب رفع دعوى نتيجة للإخلال بعقد النقل، والتذكرة التي يحصل عليها المسافرون هي التي تثبت التعاقد القائم بين المسافرين والمكتب الوطني للسكك الحديدية. وأعتقد أن الخطورة لا تكمن فقط في تأخر القطارات، بل في الأضرار التي تلحق المسافرين نتيجة ذلك بسبب ارتباطات المسافرين بالتزامات معينة، بل الأخطر من ذلك هو ما نسمعه بين الفينة والأخرى من أخبار تتعلق بوجود هجوم بالأسلحة من طرف عصابة أو سلب الممتلكات.. أين هو واجب السلامة؟ أين هو واجب الأمن على متن القطارات؟.. هذا كله من الآثار المترتبة على عقد النقل. فالمسافر لما يتعاقد مع المكتب الوطني للسكك الحديدية، فالقانون يلزم الناقل أي المكتب الوطني للسكك الحديدية أن يوصلك في الوقت المحدد وفي المكان المحدد وفي أمن وسلام، وبالتالي لو أنه رفعت دعاوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية نتيجة إخلاله بالأمن والسلامة لكان هناك توظيف حراس للأمن على متن القطارات.. هذه الالتزامات لن يقوم بها الناقل، سواء على متن حافلة أو قطار أو طائرة ما لم يواجه بدعاوى قضائية لترتيب الآثار الناجمة عن إخلاله بواجبه على أساس مبادئ المسؤولية العقدية .

+ ماذا عن شكايات بعض المواطنين فيما يتعلق بمشكل النظافة داخل القطارات أحيانا والحالة المتردية للمراحيض إلخ، فهل يجوز للمسافرين رفع دعاوى قضائية في هذا الإطار؟

- نعم يجوز للركاب رفع دعاوى قضائية إذا تم الإخلال بشروط الصحة والسلامة داخل القطارات، لكن هذا مرتبط بحدوث ضرر..

+ ولكن الضرر يبدو غير ملموس في هذه الحالة؟

- من الممكن رفع دعاوى قضائية إذا تم إثبات وجود علاقة بين حدوث ضرر وسوء النظافة على أساس الإخلال بواجب النظافة.. وتحضرني في هذا الإطار نازلة لفندق، حيث تركت عاملة النظافة الدرج مبلل بالماء وهو ما تسبب في سقوط أحد المتعاقدين مع الفندق نتيجة الانزلاق بسبب بقايا الماء بالدرج، فلجأ هذا المتعاقد إلى القضاء، وطالب بالتعويض نتيجة إخلال الفندق بشروط الصحة والسلامة لأن العاملة لم تجفف جيدا بقايا الماء بالدرج.. وقياسا على هذه النازلة يمكن أيضا رفع دعاوى قضائية تهم ما يجري بالسكك الحديدية، فالقانون واضح، ونحن نتمنى تفعيله في هذا الإطار.

+ عادة ما تبرر إدارة السكك الحديدية تأخر القطارات بحدوث عطب تقني أو وجود قطارات أخرى على السكة، فكيف تنظرون إلى هذه التبريرات؟

- إسمح لي.. إدارة السكك الحديدية لا تعفى من الالتزام إلا في حالة القوة القاهرة أو الحادث الفجائي، أما ما تتحدث عنه إدارة السكك الحديدية من مبررات واهية لا يشفع لها بتاتا لأنها تتوفر على الوسائل والإمكانات لتفادي وقوع التأخير.. فاليوم نجد قرارات قضائية صادرة ضد الدولة في المحاكم مفادها أن الدولة تتوفر على وسائل للتدخل والوقاية، وأنها لم تتدخل في الوقت المناسب للحيلولة دون وقوع الأضرار. ولهذا السبب فالمكتب الوطني للسكك الحديدية يعفى من المسؤولية فقط في حالة الحادث الفجائي أو القوة القاهرة من قبيل الفيضانات، بل حتى الفيضانات اليوم ينبغي التمييز ما بين كونها فيضانات متوقعة أو غير متوقعة، علما أنه بفضل الأرصاد الجوية أضحت الأحداث التي ستقع متوقعة، وبالتالي لا يمكن إدراجها ضمن القوة القاهرة، وهو ما يفرض على السكك الحديدية تفادي برمجة رحلات عند توقع حدوث فيضانات في مناطق معينة، ومادامت أنها قبلت تنظيم الرحلة وباعت التذاكر للمسافرين فإنها تكون ملزمة بإيصالهم الى الوجهة المحددة في التذكرة في الوقت المحدد.

+ لكن ما يلاحظ هو أنه عند حدوث تساقطات مطرية قوية غالبا تسجل تأخر للقطارات عن موعدها، فما بالك بالفيضانات؟

- هذا ل يعفي المكتب الوطني للسكك الحديدية من المسؤولية، وهناك حكم قديم في هذا الإطار تم تأييده على أعلى مستوى من طرف محكمة النقض، والذي جاء فيه أن العواصف الرعدية التي تحدث في المناطق الشاطئية في دجنبر ويناير وفبراير لا تدخل ضمن نطاق القوة القاهرة ولا تعفي الناقل البحري وهي الباخرة من التزاماته وقياسا على هذا يمكن تمديد هذا الحكم على ما يحدث في البر.