الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

فاطمة بنعدي: نطالب بإعادة صياغة النظام الأساسي لهيئة المتصرفين بشكل يحفظ هويتها المهنية

فاطمة بنعدي: نطالب بإعادة صياغة النظام الأساسي لهيئة المتصرفين بشكل يحفظ هويتها المهنية فاطمة بنعدي

أعلن الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، المعروف اختصارا بـ "اونام"، عن برنامج نضالي للهيئة ابتداء من 4 دجنبر 2017، بحمل الشارة  الحمراء، ثم تنظيم مسيرة احتجاجية في 9 دجنبر بالرباط. "أنفاس بريس" التقت فاطمة بنعدي، رئيسة الاتحاد، وأجرت معها الحوار التالي حول أسباب هذا  التصعيد الجديد ووضعية  الملف المطلبي للمتصرفين :

+ ما هو عدد المتصرفين  وتوزيعهم حسب الإدارة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية؟

- يصل عدد المتصرفين المشتركين بين الوزارات 29667 ينضاف إليهم متصرفو وزارة الداخلية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والغرف المهنية ليصل عددهم حوالي 45000 على المستوى الوطني. ويتوزعون على كل القطاعات الوزارية ويشكلون ما يقارب 5.50٪ من مجموع الموظفين المدنيين بالمغرب. وتتشكل هاته الهيئة من أطر عالية تكونت في مختلف المعاهد والمدارس العليا والجامعات، تمارس مهام تدبير وتسيير الإدارة بمختلف المصالح والوحدات وتشكل طرفا فاعلا في وضع وتصور وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، إلى جانب الفئات الأخرى المكونة للمنظومة الإدارية. ويضطلع عدد مهم منهم بمسؤوليات عالية عبر مناصب إدارية من مستوى القرار.

+ ألا يشكل هذا التوزيع في حد ذاته إكراها بحكم تنوع الأنظمة الخاصة بهذه الفئة والأجور والتعويضات إلخ؟

- لا يشكل وجودهم بكل القطاعات أية مشكلة أو عائق قانوني أمام تسوية ملفهم المطلبي، لأنهم يخضعون لنفس الإطار القانوني كيفما كان القطاع. كما أن العديد من الفئات المشتركة بين الوزارات تم تسوية ملفها دون عناء ثم تم إسقاط تعديلات قوانينها الأساسية على الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.

تسوية ملف المتصرفين تتطلب قرارا سياسيا وجرأة في إصلاح الأخطاء التي ارتكبت على المستوى الادارة المغربية فيما يخص تدبير الموارد البشرية، والتي كان المتصرفون من أبرز ضحاياها. إذ عمدت الحكومات المتعاقبة منذ أواسط التسعينيات على إلى التعاطي مع مطالب الفئات الموجودة داخل الإدارة بمنطق الانتقائية وتفضيل فئة على أخرى، ليس بناء على معايير مهنية موضوعية، بل على توفر كل فئة على لوبي ضاغط داخل دواليب الدولة. وقد همت هاته المقاربة على الخصوص الأنظمة الأساسية ومنظومة الأجور ومناصب المسؤولية.

+ متى بدأت هيئة المتصرفين في الاحتجاج؟ ما هي مطالبكم؟ وهل تشمل العاملين حاليا أم حتى المتقاعدين ؟ وما هي وضعية المتصرفين المتعاقدين كذلك؟

- بدأت هيئة المتصرفين في الاحتجاج والمطالبة بالإنصاف والعدالة داخل الدارة منذ أوائل سنوات   الألفين، حيث طالبت بنظام أساسي خاص بالهيئة، على غرار باقي الفئات.. إذ لم تكن تتوفر آنذاك إلا على إطار مشترك يضم الموظفين من سلم 1 إلى سلم 9، بالإضافة إلى المتصرفين بدرجاتهم الثلاث. وبعد حركية نضالية قوية خلال سنتي 2003 و2004، تم سنة 2004 توقيع اتفاق مع المركزيات النقابية على الرفع من تعويضات هاته الفئة والتي كانت جد مجحفة، مع إرجاء النظام الأساسي إلى حين.

وفي سنة 2010 عمدت الحكومة، بشكل أحادي، إلى إخراج نظام أساسي للهيئة أدمجت فيه 24 فئة أخرى ممن كان يسمى بالفئات المماثلة أنداك. وقد جاء هذا النظام فارغا لا يستجيب للحد الأدنى من شروط رد الاعتبار لهاته الهيئة التي بنت الإدارة المغربية منذ الاستقلال.

وفي سنة 2011 ووعيا من كافة المتصرفين بأن التشتت التنظيمي عبر النقابات لم يخدم ملفهم، تم تأسيس الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة كتنظيم وحدوي يحمل هم هاته الفئة من الاطر ويطرح ملفها مجددا على الدوائر الحكومية.

ويركز الاتحاد في مطالبه على: 1) إعادة صياغة النظام الأساسي للهيئة بشكل يحفظ هويتها المهنية ويثمن أدوارها. 2) العدالة الأجرية عبر مماثلة أجورهم بالفئات التي يتقاسمون معها نفس المهام ويشتركون معهم في نفس التكوين ونفس التخصصات ونفس المسؤوليات، عملا بمبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي المنصوص عليه في المواثيق والاتفاقيات الدولية. 3) نظام للترقي مماثل لباقي الفئات المماثلة. 4) التوزيع العادل لمناصب المسؤولية بناء على الكفاءة وليس بناء على التحيز الفئوي. 5) الحريات العامة المتمثلة في الحق النقابي واللجان المتساوية الاعضاء لمتصرفي وزارة الداخلية. 6) إضافة الدرجة الجديدة موضوع اتفاق 26 أبريل 2011 والتي استفاد منها عدد من الفئات وحرم منها المتصرفون. هذا بالإضافة إلى مطالب قطاعية خاصة.

+ هل تم تحقيق بعض من هذه المطالب؟

- لم يتم تحقيق أي مطلب لحد الان بالرغم من الاعتراف الصريح للحكومة عبر وزيرها في الوظيفة العمومية بمشروعية المطالب وعدالتها وبالحيف الواقع على هاته الفئة. فالحكومة السابقة والحالية آثرت سياسة الآذان الصماء تحت مبررات واهية وغير مقنعة بالمرة. فهي تارة تتحجج بالكلفة المالية لتسوية الملف، وبالمقابل تخفي الرقم الحقيقي لهاته الكلفة. ونحن نعي جيدا بأن الكلفة ليست عالية لأننا لا نطالب بزيادات أو امتيازات ولكن فقط بالعدالة الاجرية. وتارة تتحجج كون تسوية ملفنا ستجر عليها مطالبة رجال التعليم بتسوية مماثلة، مع أن الحكومة خين قامت بتسوية ملفات اخرى لم تفكر برجال التعليم ولم تأخذهم مبررا لعرقلة أي من تلك الملفات، وآخرها ملف الممرضين. وتارة أخرى تبرر موقفها بوجود إصلاح شمولي مرتقب للوظيفة العمومية يجب علينا انتظاره مع أن الدولة قامت بنسوية ملفات اخرى خارج إطار الإصلاح الشمولي المزعوم، والذي بدأ الحديث عنه منذ عشريات متعددة ولم يأت بعد. كل هذا يوحي بأن الحكومة تستهدف هاته الفئة بشكل خاص لأسباب غير معلنة.

+ مرت اليوم ستون سنة على قانون الوظيفة العمومية، فما هي مستجدات التعديلات التي طالت هذا القانون؟ وإلى أي حد استفاد المتصرفون منها؟

- قانون الوظيفة العمومية أصبح أحد العراقيل الحقيقية أمام تحديث وتطوير الإدارة عبر تطوير منظومة تدبير الموارد البشرية. فهو مبني على عدد من المفاهيم التي لا يمكن في الالفية الثالثة أن تكون حافزا لإدارة حديثة في خدمة الاقتصاد وخدمة المواطن، كمفهوم الامتثال الأعمى للأوامر، وتكريس فئوية غير منصفة وتركيزه على المساطر الإدارية بدل تدبير وتنمية الكفاءة لدى الموظفين. لذلك فتغييره جذريا، وليس تحيينه، يجب أن يكون أول خطوات الإصلاح الإداري لكن بإشراك كل الفاعلين من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني.

+ كيف يمكن تقديم البرنامج النضالي الذي أعلن عنه للاتحاد الوطني للمتصرفين الأسبوع الاول من شهر دجنبر 2017؟ ولماذا التأكيد على أن تكون الوقفة أمام مصالح وزارة المالية دون غيرها من المصالح الأخرى المعنية بملفكم؟

بالنسبة للبرنامج النضالي الذي أعلن عنه الاتحاد الوطني للمتصرفين، فقد نفذت منه أربع وقفات احتجاجية على مستوى 27 إقليم، عرفت الوقفات تزايد اعداد المشاركين تدريجا. وقد تم استهداف وزارة المالية بنضالاتنا لكونها الوزارة المعرقلة لهذا الملف. فهي صاحبة طروحات الكلفة المالية، والتي نعتبر بأن فيها تدليس كبير وتضخيم متعمد لأرقام المتصرفين، بالإضافة إلى رفع الكلفة بربط ملف المتصرفين بفئات أخرى. صحيح أن الملف يلزمه قرار سياسي، لكن القرار يصنع تقنيا عبر معطيات وتقارير وعمليات حسابية صحيحة وواضحة وليس عبر تلغيم الملف كي لا يجد طريقه للحل أبدا. وقد أشار التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات إلى كون هاته الوزارة تعتبر أحد أسباب الأعطاب التي طالت الوظيفة العمومية. ونحن بطبيعة الحال نطالب هاته الوزارة أن تتحلى بالجرأة الكاملة للإفصاح عن هاته الكلفة وطريقة احتسابها، كي نستطيع مناقشة السبل والطرق التي يمكننا بها تجاوز هاته العقبة... إن كانت هناك عقبة بالفعل. كما أننا نعد هاته الوزارة والحكومة بشكل عام بالمزيد من التصعيد لأن الأمر تجاوز المطالب المادية الى مسالة الكرامة والمساس بمواطنتنا عبر التعامل المخزي الذي تخصصه لهاته الفئة.